"لقد حصلت على نصيبي من اللحظات الصعبة، ولكن مهما كانت الصعوبات التي مررت بها، فإنني دائمًا أحصل على جائزة في النهاية"، بتلك الكلمات وصفت الممثلة البريطانية البلجيكية أودري هيبورن حياتها في حوار صحفي، مضيفة -بشكل يتفق مع رومانسية أفلامها- أن أكثر الأشياء التي تهمها هي تلك المرتبطة بالقلب.
أودري هيبورن التي تمر اليوم 20 يناير ذكرى رحيلها الـ31، تعد إحدى النجمات صاحبات البصمة الخاصة في السينما العالمية، ورمزًا مميزًا للسينما الأمريكية بشكل خاص، ما دفع معهد الفيلم الأمريكي في نيويورك إلى وصفها بأنها ثالث أعظم أسطورة نسائية متجسدة على الشاشة خلال العصر الذهبي لهوليوود.
ولدت "هيبورن"، في إيكسل ببلجيكا، واسمها الحقيقي أودري كاثلين روستون، وحصلت على الجنسية البريطانية من خلال والدها والتحقت بالمدرسة في إنجلترا عندما كانت طفلة، ولكن في عام 1939، في بداية الحرب العالمية الثانية، أخذتها والدتها إلى هولندا، معتقدة أن هذا البلد المحايد أكثر أمانًا من إنجلترا طوال الحرب العالمية الثانية، لكنها واجهت مصاعب عدة في هولندا التي احتلها الألمان.
ورغم ظروف الحرب القاسية، واصلت هيبورن الذهاب إلى مدرستها وتلقي دروس الباليه التي تعلقت به، وخلال هذا الوقت، غيرت والدتها اسم أودري مؤقتًا إلى إيدا فان هيمسترا، خوفًا من أن يكشف اسم ميلادها عن أصولها البريطانية، وعقب الحرب، انتقلت إلى لندن عام 1948 حيث واصلت التدرب على الباليه، وحصلت على دروس في التمثيل لتطور موهبتها، وعملت عارضة أزياء لفترة من الوقت، ثم ظهرت في أدوار مساعدة بالعديد من الأفلام الأوروبية منها Laughter in Paradise "الضحك في الجنة".
لكن الخطوة الفنية الأكثر تأثيرًا في مستقبل هيبورن المهني، حدثت أثناء وجودها في مونت كارلو لتصوير أحد الأفلام، حيث رأتها الروائية الفرنسية الشهيرة كوليت، التي شعرت أن هيبورن ستكون مثالية للدور الرئيسي لبطلة روايتها Gigi"جيجي" إذ كانت بصدد تحويلها لعمل مسرحي عام 1951 على مسرح برودواي الشهير، لتقف النجمة الشابة فوق خشبة أعلى مستوى تجاري مسرحي في العالم.
ورغم قلة خبرتها، حصلت على تقييمات رائعة عقب عرض المسرحية، ونالت إشادة من مختلف النقاد، ولفتت انتباه الكثيرين إلى موهبتها، وأخذها مشروعها التالي إلى روما، حيث لعبت دور البطولة في أول فيلم أمريكي كبير لها بعنوان Roman Holiday عام 1953، لتجسد دور أميرة شابة تستبدل عبء الملكية بيوم من المغامرة والرومانسية مع أحد المراسلين الذي يلعب دوره جريجوري بيك، وأظهرت هيبورن قدرتها على الجمع بين المظهر الملكي وجاذبية الشباب التي سحرت الجماهير تمامًا.
لم يكن نجاح هيبورن في هذا الدور عاديًا، إذ وجدت نفسها تتسلم جائزة أوسكار أفضل ممثلة، وأيضًا جائزتي جولدن جلوب والبافتا، وواصلت النجاح نفسه في العام التالي بفيلم Sabrina الذي ترشحت عنه لجائزة أوسكار أفضل ممثلة، وحصلت عنه على جائزة البافتا، وواصلت النجمة القادمة من أوروبا مشوارها الناجح في هوليوود، ولم تنس المسرح الذي عادت إليه أوائل عام 1954 بدور حورية الماء في ondine مع الممثل ميل فيرير، الذي تزوجته في وقت لاحق من ذلك العام، وفازت بجائزة توني عن أدائها، والذي تبين أنه الأخير لها في برودواي.
استمرت النجمة اللامعة في سحر جمهور السينما عبر أفلام كوميدية رومانسية خفيفة، حتى جاءتها الفرصة لتستفيد من إمكانيتها بشكل أكبر في الرقص والاستعراض من خلال الفيلم الموسيقي الشهير My Fair Lady "سيدتي الجميلة" الصادر عام 1964 والمأخوذ عن قصة "بجماليون" للكاتب الكبير جورج برنارد شو، وتحقق نجاحًا كبيرًا مع شخصية "إليزا دوليتل" الفتاة الفقيرة التي يراهن أستاذ الصوتيات هنري هيجينز على أنه يمكنه جعلها إحدى سيدات المجتمع الراقي.
عن أدائها في الفيلم، حصلت هيبورن على مليون دولار لتصبح وقتها ثالث ممثلة تحصل على هذا الرقم الضخم للغاية مقابل دور سينمائي، وحقق العمل نجاحًا كبيرًا، وحصل على 8 ترشيحات لجوائز أوسكار، لكن صدمة هيبورن أنها لم تجد اسمها في قائمة الترشيحات، رغم أنها فازت عن الدور نفسه بجائزة جولدن جلوب أفضل ممثلة،
واصلت هيبورن مسيرتها الفنية، وتعاملت مع عدد كبير من النجوم منهم جريجوري بيك، وريكس هاريسون، وهمفري بوجارت، وجاري كوبر، وكاري جرانت، وهنري فوندا، وويليام هولدن، وفريد أستير، وبيتر أوتول، وألبرت فيني، وفازت بجوائز البافتا عن أدائها في The Nun’s Story وCharade، وحصلت على ترشيحات لجوائز الأوسكار عن Sabrina، وThe Nun’s Story، وBreakfast at Tiffany’s، وWait until Dark.
ووسط ذلك النجاح السينمائي فضلت أن تأخذ استراحة في الفترة بين عامي 1968 و1975 من صناعة الأفلام لقضاء المزيد من الوقت مع ولديها، وعادت في عام 1976 للعب دور البطولة مع شون كونري في فيلم Robin and Marian "روبن وماريان"، وفي عام 1989، قدمت آخر ظهور لها في فيلم Always، للمخرج ستيفن سبيلبرج، ورحلت عن عالمنا يوم 20 يناير عام 1993.