الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"البلوش" يريدون الاستقلال.. باكستان وإيران تتبادلان الضربات والعدو مشترك

  • مشاركة :
post-title
مسؤولو أمن باكستانيون في منطقة تعرضت للضربات الإيرانية بكويتا

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

قبل بضعة أيام، تبادلت باكستان وإيران، الضربات على أراضي كل منهما، في تصعيد غير مسبوق للأعمال العدائية بين الجارتين. وتشترك الدولتان في حدود مضطربة تمتد حوالي 900 كيلومتر، مع مقاطعة بلوشستان الباكستانية من جهة، ومقاطعة سيستان وبلوشستان الإيرانية من جهة أخرى. وتواجه الدولتان منذ فترة طويلة الجماعات الانفصالية في منطقة بلوش المضطربة على طول الحدود. ورغم أن البلدين يشتركان في عدو انفصالي مشترك، فمن غير المعتاد أن يهاجم أي من الجانبين المسلحين على أراضي الطرف الآخر.

الطلقة الأولى

وبدأت الطلقة الأولى في هذا التسلسل السريع للأحداث، الثلاثاء الماضي، عندما شنت إيران ضربات على إقليم بلوشستان الباكستاني، مما أسفر عن مقتل طفلين وإصابة عدة آخرين، وفقًا للسلطات الباكستانية.

وأعلنت إيران أنها "استهدفت الإرهابيين الإيرانيين فقط على الأراضي الباكستانية" ولم يتم استهداف أي مواطن باكستاني. لكن الهجوم أثار غضب باكستان التي وصفت الهجوم بأنه "انتهاك فاضح للقانون الدولي وروح العلاقات الثنائية بين باكستان وإيران".

وذكرت وكالة "تسنيم" الإيرانية للأنباء، إن الضربات الإيرانية استهدفت معاقل جماعة "جيش العدل"، التي تنشط على جانبي الحدود الإيرانية الباكستانية، وأعلنت في السابق مسؤوليتها عن هجمات ضد أهداف إيرانية، وهدفها النهائي هو استقلال إقليم سيستان وبلوشستان الإيراني.

في عام 2015، أعلن "جيش العدل" مسؤوليته عن هجوم أسفر عن مقتل ثمانية من حرس الحدود الإيرانيين، حيث ورد أن المسلحين عبروا إلى إيران من باكستان. وفي عام 2019، أعلن مسؤوليته عن تفجير انتحاري استهدف حافلة تقل أفرادًا من الجيش الإيراني، مما أسفر عن مقتل 23 شخصًا على الأقل في سيستان وبلوشستان.

وفي يوم الأربعاء، أي بعد يوم من الضربات الإيرانية على باكستان، أعلن "جيش العدل" مسؤوليته عن هجوم على مركبة عسكرية إيرانية في سيستان وبلوشستان.

الرد الباكستاني

وردت باكستان بعد يومين، بسلسلة من الضربات العسكرية المنسقة والدقيقة للغاية على عدة مخابئ للانفصاليين المزعومين في سيستان وبلوشستان. وقالت وزارة الخارجية الباكستانية، لدى إعلانها عن الضربات، أمس الخميس، إن عددا من المسلحين لقوا حتفهم في الضربات على الأراضي الإيرانية.

وقالت إسلام آباد إنها اشتكت لسنوات من أن المقاتلين الانفصاليين لديهم "ملاذات آمنة في إيران، واضطرت إلى تولي زمام الأمور بنفسها بعد الضربات، التي وقعت أمس الخميس.

وتجدر الإشارة إلى أن المواجهة التي تخوضها باكستان وإيران ضد الانفصاليين الذين ينشطون على جانبي حدود كل منهما ليس جديدًا، وقد وقعت اشتباكات مميتة على طول الحدود المضطربة بانتظام على مر السنين.

ومع ذلك، فإن الأمر غير المعتاد إلى حد كبير، هو استعداد كل جانب لضرب أهداف عبر تلك الحدود، دون إبلاغ كل منهما الآخر أولا، وهو السبب وراء التوتر بين الجارتين.

من هم البلوش؟

ويعيش البلوش في المنطقة الحدودية بين باكستان وأفغانستان وإيران، وأظهروا منذ فترة طويلة نزعة استقلالية عن إسلام أباد وطهران، خاصة أن المنطقة التي يعيشون فيها غنية بالموارد الطبيعية، ولم يشهدوا سوى القليل من الثروة.

وشهدت بلوشستان، أكبر إقليم في باكستان من حيث المساحة، موجة من الهجمات المميتة في السنوات الأخيرة، أججها تمرد مستمر منذ عقود من قبل الانفصاليين الذين يطالبون بالاستقلال عن البلاد، والغاضبين من عدم استفادتهم من المعادن والموارد في المنطقة.

وجاءت الضربات المتبادلة بين باكستان وإيران، في وقت تشتعل جبهات أخرى في المنطقة، نتيجة العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر الماضي.

في اليوم السابق للضربات في باكستان، أطلقت إيران صواريخ باليستية على العراق وسوريا، وأعلنت طهران أنها تستهدف قاعدة تجسس لقوات الاحتلال الإسرائيلي في أربيل، وتنظيم داعش الإرهابي في سوريا.

وفي هذه الأثناء، تستمر المواجهة وتبادل إطلاق النار والقصف بين جيش الاحتلال وحزب الله عبر الحدود اللبنانية. وتخوض الولايات المتحدة مواجهة ضد الحوثيين في اليمن، والذين يهاجمون السفن في البحر الأحمر، ردا على العدوان الإسرائيلي على غزة.

ويقول الخبراء إن الصراع الإقليمي الأكبر ربما شجع إيران على أن تكون أكثر استباقية في ملاحقة أهداف خارج حدودها، وفق ما ذكرت شبكة "سي. إن. إن" الإخبارية الأمريكية.