الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

القمة العربية- الصينية.. شراكة مستقرة أمام التحديات الدولية

  • مشاركة :
post-title
وصول الرئيس الصيني شي جين بينج إلى الرياض

القاهرة الإخبارية - مروة الوجيه

بدأ الرئيس الصيني شي جين بينج، أمس، زيارة إلى المملكة العربية السعودية لحضور القمة الصينية- العربية الأولى، وقمة مجلس التعاون الصيني الخليجي.

ووفق وكالة "شينخوا" الصينية، ستشمل رحلة "شي" مؤتمرين يجمعان قادة من جميع أنحاء العالم العربي، وقمة سعودية صينية، وقمة صينية عربية وقمة صينية ودول مجلس التعاون الخليجي.

وكان في استقبال الرئيس الصيني، في مطار الملك خالد الدولي، الأمير فيصل بن بندر أمير منطقة الرياض، والأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية، ومحافظ صندوق الاستثمارات العامة ياسر بن عثمان الرميان، وسفير المملكة العربية السعودية لدى الصين عبدالرحمن بن أحمد الحربي، وسفير الصين لدى المملكة تشن وي تشينج، حسبما أوردت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس).

ومن المتوقع أن توقّع الرياض وبكين أكثر من 20 اتفاقية أولية بقيمة تتجاوز 110 مليارات ريال (ما يعادل 29.3 مليار دولار) بحسب وكالة الأنباء السعودية الرسمية.

وعلى هامش القمة الثنائية سيوقع البلدان أيضا وثيقة الشراكة الاستراتيجية، وخطة المواءمة بين رؤية المملكة 2030، ومبادرة الحزام والطريق، وستكون القمة السعودية الصينية برئاسة ملك السعودية والرئيس الصيني ومشاركة ولي العهد محمد بن سلمان، وسيتم التوقيع على عشرات الصفقات والاتفاقيات الاقتصادية والعسكرية - التي تصل قيمتها إلى عشرات المليارات من الدولارات.

علاقات مشتركة

على الرغم من تكهنات عديدة حول مغزى الزيارة الصينية في هذا التوقيت تحديدًا، خاصة مع وجود بعض التوترات بين الرياض وواشنطن، إلا أن خبراء يوضحون أن العلاقات الصينية الخليجية دائمًا ما تتسم بالتقارب، فالصين أكبر مستورد للنفط الخليجي، والسوق الخليجية، وخاصة السعودية، أكبر مستورد للصناعات الصينية، وبالتالي فإن سُبل قرب العلاقات بين الدولتين تقوم على جانب المصالح المشتركة والمنافع العامة.

وقد احتلت الصين مركز الشريك التجاري الأول للسعودية آخر 5 سنوات، إذ كانت الوجهة الأولى لصادرات السعودية ووارداتها الخارجية منذ العام 2018، حيث بلغ حجم التجارة البينية 309 مليارات ريال (82.5 مليار دولار)، في العام 2021، بزيادة قدرها 39 في المئة عن العام 2020، كما بلغ إجمالي حجم الصادرات السعودية إلى الصين 192 مليار ريال (51 مليار دولار)، منها صادرات غير نفطية بقيمة 41 مليار ريال (11 مليار دولار).

وبلغت قيمة الاستثمارات السعودية في الصين 8.6 مليار ريال (2.3 مليار دولار) وجاءت المملكة في المرتبة 12 في ترتيب الدول المستثمرة في الصين حتى نهاية العام 2019، في المقابل بلغت قيمة الاستثمارات الصينية في السعودية 29 مليار ريال (7.7 مليار دولار) بنهاية العام 2021.

ومن المتفق عليه في حقل العلاقات الدولية، أن العلاقات بين الدول لا تسير على وتيرة واحدة، وفي هذا الصدد، كان الاقتصاد هو عنوان العلاقات السعودية الصينية؛ فرغم أن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين تم تفعيلها في عام 1990، إلا أن العلاقات الرسمية بدأت في نوفمبر 1985، عندما انعقد أول اجتماع رسمي بين الصين والسعودية، وانطلقت العلاقات الاقتصادية، وبدأ التبادل التجاري فعليًا في عام 1988، حيث قفز التبادل التجاري بين الرياض وبكين من 3 مليارات دولار في عام 2000، إلى 67 مليار دولار في 2020، أي أنه تضاعف أكثر من 22 مرة خلال عقدين، حتى أصبحت الصين في الوقت الحالي الشريك التجاري الأول للسعودية.

كما تعد الصين أكبر مستهلك للطاقة والمملكة العربية السعودية أكبر منتج للنفط، وفي عام 2021 صدّرت المملكة ما يعادل 1.8 مليون برميل نفط يوميًا إلى بكين، متفوقة بذلك عن روسيا الحليف الأكبر للصين، والتي بلغت صادراتها إلى الصين 1.67 مليون برميل يوميًا بشكل مستقر، وهذه الكميات المهمة من الصادرات النفطية السعودية للصين، جعلت الميزان التجاري لصالح الرياض بـ11 مليار دولار، حيث صدّرت للصين 39 مليار دولار، واستوردت منها 28 مليار دولار في 2020، بحسب بيانات موقع ITC Trade.

كما تمكنت السعودية أيضًا في أغسطس 2022، من إمداد الصين بما يقرب من مليوني برميل نفط يوميًا، هذه الزيادة عكستها النسبة السنوية لارتفاع صادرات البترول التي فاقت 5%، بعدما عززت الرياض مكانتها كأكبر مصدّر للنفط عالميًا بمتوسط 7 ملايين برميل يوميًا، هذا قبل قرار الخفض الذي أعلنت عنه "أوبك+" في أكتوبر2022.

وتعتبر الرياض من الأسواق المركزية للصين، فالمملكة التي تتوسط ثلاث قارات، تمثل موقعًا استراتيجيًا لإنشاء مركز إقليمي للمصانع الصينية، والذي يتعزز أكثر بتوافر سلاسل إمداد الطاقة، وهو القطاع الأبرز في معاملات البلدين، خاصة بعد ارتفاع صادرات النفط السعودية إلى الصين، والتي وصلت في يوليو 2022، إلى 1,54 مليون برميل يوميًا.

كما شكّلت زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز إلى الصين في 2017، نقلة نوعية في العلاقات بين البلدين، باعتبارها أول زيارة رسمية لمسؤول سعودي إلى بكين، وجاءت عقب زيارة الرئيس الصيني شي جين بينج للرياض في 2016، وعلى هامش زيارة الملك سلمان لبكين وقّع الطرفان اتفاقيات بأكثر من 65 مليار دولار.

تاريخ من الشراكة

على مدار 80 عامًا من الشراكة بين الدولتين شهدت العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وبكين، تطورًا مميزًا ووثيقًا، بما يعود بالنفع على شعوب البلدين.

وبدأت العلاقات الوطيدة بين البلدين في شكل علاقات تجارية بسيطة، وفي 1990 بعد اتفاق البلدين على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بينهما وتبادل السفراء وتنظيم اجتماعات على المستويات السياسية والاقتصادية والشبابية وغيرها.

وفي يناير 2016، وقّعت السعودية والصين 14 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين حكومتي المملكة والصين، منها مذكرة تعزيز التعاون المشترك في شأن الحزام الاقتصادي لطريق الحرير ومبادرة طريق الحرير البحري للقرن 21، والتعاون في الطاقة الإنتاجية.

كما دشّن الملك سلمان مع الرئيس شين جين بينج، مشروع شركة ينبع أرامكو ساينبوك للتكرير (ياسرف) الذي يمثل صرحًا جديدًا للشراكة بين المملكة والصين.

وفي عام 2017، تطورت العلاقات بين الدولتين بعد زيارة للعاهل السعودي إلى الصين، وخلال الزيارة تم توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والتعاون المشتركة، منها مذكرات تعاون في علوم وتقنية الفضاء، وبرنامج التعاون الفني في المجال التجاري، ومذكرة التفاهم بشأن إسهام الصندوق السعودي للتنمية في تمويل مشروع إنشاء مبانٍ جامعية في إقليم سانشي.

وفي نوفمبر 2018، التقى الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، في قمة قادة دول مجموعة العشرين، في العاصمة الأرجنتينية بيونس آيرس، الرئيس الصيني، شي جين بينج، وذلك على هامش انعقاد القمة، إذ تمت مناقشة أوجه الشراكة بين البلدين، وسُبل تطويرها خاصة المواءمة بين رؤية المملكة 2030 واستراتيجية الصين للحزام والطريق، وكذلك إمدادات الطاقة من المملكة للصين، والاستثمارات المتبادلة بين البلدين.

وفي 2019، أقيم منتدى الاستثمار السعودي الصيني الأول الذي شهد مشاركة أكثر من 25 جهة من القطاعين الحكومي والخاص في المملكة، ونتج عنه توقيع 35 اتفاقية تقدر بأكثر من 28 مليار دولار، وتسليم 4 تراخيص لشركات صينية مختصة في عدد من المجالات.

وتولي حكومتا السعودية والصين اهتمامًا بالغًا بتعزيز المواءمة بين مبادرة "الحزام والطريق" و"رؤية المملكة 2030"، وتطوير التعاون بين الجانبين، في عدة مجالات منها الاقتصاد، والتجارة، والنقل، والبنية التحتية، والطاقة، وكذلك المجالات الناشئة، مثل: تقنية الجيل الخامس، والذكاء الاصطناعي، والبيانات الكبيرة.

كما تدعم الصين مبادرة "الشرق الأوسط الأخضر" التي أطلقها ولي العهد، وقد رحبت بانضمام المملكة إلى مبادرة التنمية العالمية التي اقترحها الرئيس الصيني شي جين بينج، لتوجيه التنمية العالمية نحو مرحلة جديدة من النمو المتوازن والمنسق والشامل لتسريع تنفيذ أجندة العام 2030، وتحقيق تنمية عالمية أكثر قوة واخضرارا وصحة.