الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"ليس جيدا".. تباطؤ أوروبي يهدد "التحول الأخضر"

  • مشاركة :
post-title
صورة تعبيرية

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

في تقييم يُعّد الأول من نوعه حول كيفية قيام أوروبا بتحقيق هدفها للوصول إلى الحياد المناخي بحلول عام 2050، بدا أن القارة العجوز بحاجة إلى إجراء تغييرات هائلة في سياساتها من أجل التقدم الأخضر.

ويأتي التقييم في وقت دعا السياسيون فيه بجميع أنحاء الكتلة الأوروبية إلى وقفة مؤقتة في سن القوانين الخضراء، مشيرين إلى المشكلات الاقتصادية والناخبين القلقين.

ويقول علماء المناخ إن عواصم الاتحاد الأوروبي "بحاجة فعليًا إلى بذل المزيد، وليس الأقل".

رسالة صارخة

تلفت النسخة الأوروبية من مجلة "بوليتيكو" إلى التقييم الصادر في أكثر من 350 صفحة، والذي يحمل "رسالة صارخة"، ويسلط الضوء على الحاجة إلى بذل جهود جديدة، حتى عندما تكون التكلفة السياسية باهظة.

ووضع التقرير المجلس الاستشاري العلمي للاتحاد الأوروبي المعني بتغير المناخ، وهو لجنة مكونة من 15 عضوًا من كبار خبراء المناخ المكلفين بتقديم المشورة بشأن سياسة الكتلة الأوروبية.

وتذيل التقييم مجموعة من التوصيات لتصحيح المسار في كل قطاع من قطاعات الاقتصاد وحث على ابتكار سياسات مناخية جديدة.

تقول "بوليتيكو": أثيرت مخاوف بشأن عدم كفاية الجهود المبذولة لوقف التلوث الناجم عن القطاع الزراعي، حتى مع غضب المزارعين الألمان بشأن خفض دعم الديزل".

ويشير التقييم إلى أنه "إذا كان للاتحاد الأوروبي أن يحقق هدفه لعام 2030، المتمثل في خفض الانبعاثات بنسبة 55% عن مستويات عام 1990، لابد من مضاعفة وتيرة خفض انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحراري الكوكبي على الفور".

لكن الخطط الحالية لا تكفي إلا للوصول إلى خفض بنسبة 49% إلى 51%.

بذل المزيد

على مدى السنوات الأربع الماضية، وضعت أوروبا مجموعة من القوانين المتعلقة بالمناخ، والآن يتعين على العواصم الأوروبية دمج هذه المبادئ في التشريعات المحلية، وإجراء التغييرات اللازمة داخل بلدانها.

تنقل "بوليتيكو" عن أوتمار إيدنهوفر، رئيس المجلس الاستشاري، قوله للصحفيين خلال مؤتمر صحفي هذا الأسبوع: "هنا، يجب القيام بالكثير من الفروض".

واعتبر المجلس الاستشاري التشريعات المطلوبة "مسألة ملحة"، بالنظر إلى أن هذه التدابير الجديدة تهدف لخفض الانبعاثات هذا العقد.

لكن في واقعها، دول الاتحاد الأوروبي لا تتمتع بسجل حافل عندما يتعلق الأمر بالوفاء بالمواعيد النهائية.

ويشير التقرير إلى أن العديد من البلدان "تخلفت عن الموعد النهائي في العام الماضي لتقديم مسودات خطتها المناخية المقبلة".

لذلك، أكد إيدنهوفر أنه "إذا لم تقدم الحكومات خططًا طموحة بما فيه الكفاية بحلول الموعد النهائي في يونيو من هذا العام، فقد حان الوقت لكي تتخذ المفوضية الأوروبية إجراءات".

ويحذر المجلس الاستشاري من أن المفوضية ستحتاج إلى إحراز تقدم عاجل في مراجعة قواعد ضرائب الطاقة بالاتحاد الأوروبي، بما في ذلك رفع الحد الأدنى لمعدلات الضرائب على الوقود الأحفوري.

أما عن استراتيجية "من المزرعة إلى المائدة" لجعل النظام الغذائي في أوروبا أكثر استدامة، فيشير التقرير إلى أن المفوضية نشرت الاستراتيجية في عام 2020 "لكنها ترجمت القليل من طموحاتها الرئيسية إلى مقترحات تشريعية".

تعديل التشريعات

بالإضافة إلى المبادرات المُعلقة، أكد التقرير أنه يجب على الدول الأوروبية أن تبدأ العمل على عدد كبير من القوانين للبقاء على المسار الصحيح نحو الحياد المناخي بحلول منتصف القرن، من توسيع نظام تسعير الكربون بشكل أكبر، إلى تسريع التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري.

وقال التقرير إن الانبعاثات الزراعية النابعة من أنشطة مثل الإنتاج الحيواني "ظلت دون تغيير إلى حد كبير على مدى السنوات العشرين الماضية"، وأن الاتحاد الأوروبي لا يتخذ خطوات في الاتجاه الصحيح.

في الوقت نفسه، أجلت بروكسل إلى أجل غير مسمى المقترحات الرئيسية لمعالجة الاستهلاك الغذائي المستدام، وتشجيع الأنظمة الغذائية الصحية الأكثر اعتمادًا على النباتات.

ويحذر التقرير من أنه يتعين على الاتحاد الأوروبي خفض إنتاج واستهلاك منتجات مثل اللحوم ومنتجات الألبان والبيض إذا أراد الاقتراب من الأهداف التي أوصى بها المجلس لعام 2040.

قلق شعبي

يشعر الناخبون في مختلف أنحاء الاتحاد الأوروبي بالقلق إزاء تكاليف السياسات المناخية المتراكمة، علاوة على الضغوط التضخمية.

في الوقت نفسه، يخاطب اليمين المتطرف - الذي يجتاح السياسة الأوروبية - هذه المخاوف من خلال مهاجمة التدابير الخضراء.

ويشير التقرير إلى أن الاتحاد الأوروبي حاول تقديم بعض التعويضات للأشخاص الأكثر تضررًا، لا سيما من خلال صندوق المناخ الاجتماعي التابع له، لكنه يثير مخاوف من أن الصندوق قد لا يكون لديه ما يكفي من المال.

وخصص العلماء 20 صفحة من التقرير للمناقشات حول "الأدوات" المختلفة التي يمكن للاتحاد الأوروبي استخدامها للقضاء على التلوث الكربوني في قطاع الطاقة.

وغابت عن هذه القائمة الطاقة النووية، إذ يقول التقرير إن الطاقة النووية "تتناقص بشكل عام منذ 2006".

وبالنظر إلى "المهل الزمنية الطويلة" للمشروعات النووية، فقد خلصوا إلى أن مصدر الطاقة لا يمكن أن يلعب أي دور في تحفيز الاتحاد الأوروبي نحو أهدافه المناخية على المدى القريب.

وتلفت "بوليتيكو" إلى أن توجيه أموال المناخ في الاتحاد الأوروبي إلى الطاقة النووية "كان بمثابة معركة متواصلة بين الحكومة الفرنسية الصديقة للطاقة النووية، والألمان المتشككين بشدة".

وأشار مؤلفو التقرير إلى أنه "يجب على سياسات الاتحاد الأوروبي أن تحفز بقوة أكبر على خفض الطلب على الطاقة والمواد".

ويتضمن ذلك بعض التدابير التي قد لا يلاحظها أغلب الأوروبيين، مثل الاستفادة من المباني القائمة بدلًا من البناء من الصفر.

وأشار التقرير إلى أن الحكومات يمكن أن تشجع الناس على الانتقال إلى شقق أصغر تتطلب طاقة أقل للتدفئة، أو تحفيز شراء سيارات كهربائية أصغر حجمًا وأكثر كفاءة بدلًا من سيارات الدفع الرباعي عديمة الانبعاثات.

ويحتاج الاتحاد الأوروبي إلى "التخلص التدريجي الكامل تقريبًا من استخدام الفحم والغاز الأحفوري في توليد الكهرباء والحرارة العامة" بحلول عام 2040.

ولفت التقرير إلى أن "موقف الاتحاد الأوروبي بشأن دور الغاز الأحفوري غامض، ما يؤدي إلى عمليات احتجاز مكلفة للبنية التحتية والمؤسسات، وتأخر التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري".