تصارع الأحداث وتسلسل الصراع الذي بدا ظاهرا للعيان بين حزب الله اللبناني ودولة الاحتلال الإسرائيلي، بات كأنه إرهاصات لفتح جبهة حرب جديدة في الشمال الإسرائيلي مع لبنان، في صراع بدأ لهيب الشرر يشتعل فيه مع تنفيذ جيش الاحتلال عملية اغتيال القيادي في حركة حماس الفلسطينية صالح العاروري 2 يناير 2024، بعد قصف مكتب الحركة بحي الضاحية في بيروت.
حزب الله يفقأ "عين إسرائيل"
السبت الماضي كان الرد من حزب الله اللبناني وفق ما أكد جيش الاحتلال الإسرائيلي باستهداف قاعدة المراقبة الجوية (11506) التابعة لسلاح الجو (BA 506) الإسرائيلي في منطقة ميرون، ما أدى إلى إلحاق ضرر بعدد من الطائرات وأجزاء في البنية التحتية وكذلك وحدة التحكم الجوي، وفق صحيفة "يديعوت أحرنوت".
ونشر حزب الله مقطع فيديو يظهر فيه القصف غير المعتاد على قاعدة يافا الشمالية، المعروفة باسم "عيون الدولة في الشمال"، وأكد أنه أصاب القباب الدفاعية في القاعدة بشكل مباشر، وهي "مسؤولة عن إنشاء الصورة الجوية وصورة جميع الطائرات الموجودة في الأجواء في المنطقة.
ونظام مراقبة القوات الجوية مسؤول عن مراقبة الحركة الجوية في جميع أنحاء المجال الجوي الإسرائيلي، واكتشاف محاولات التسلل والتعرف عليها وتفعيل أنظمة الأسلحة المختلفة وتوجيه الطائرة الاعتراضية، إلى جانب بطاريات الدفاع الجوي نحو الأهداف الجوية المعادية.
وبحسب حزب الله، فإن هذه "مركز رئيسي لعمليات التشويش الإلكتروني في القطاع الشمالي"، ويقيم في القاعدة "العديد من الجنود والضباط". كما هو مكتوب، أن لديها "رادارات مراقبة وكشف بعيدة المدى"، وأنها "تتضمن غرفة تحكم ومراقبة للطائرات بدون طيار لأغراض الاستطلاع، ولديها أنظمة اتصالات رقمية".
اغتيال الطويل
وبعد يومين من استهداف حزب الله لقاعدة إسرائيلية، كان رد جيش الاحتلال الاثنين الماضي باغتيال القيادي في الحزب اللبناني "وسام حسن طويل" الملقب بـ"جواد"، في غارة إسرائيلية بطائرة مسيّرة استهدفت سيارته على طريق الدبشة في خربة سلم الواقعة على بُعد نحو 11 كيلومترًا من الحدود مع إسرائيل في منطقة مرجعيون بجنوب لبنان، وفق الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية.
كان "الطويل" يتولى مسؤولية قيادية في إدارة عمليات حزب الله في الجنوب، وفق مصدر أمني لوكالة "فرانس برس"، ونقلت وكالة "رويترز" عن أحد المصادر الأمنية قوله إن "هذه ضربة مفاجئة ومؤلمة للغاية"، فيما رجّح مصدر آخر في حديث مع "رويترز" أن "تتصاعد المواجهات" عقب الضربة.
استهداف قيادة للجيش الإسرائيلي
اليوم الثلاثاء، كان الرد من حزب الله بـ"استهدف" مقر قيادة المنطقة الشمالية للجيش الإسرائيلي، حيث قال الحزب في بيان إنه "استهدف مقر قيادة المنطقة الشمالية" في مدينة صفد بـ"عدد من المسيّرات الهجومية الانقضاضية".
وفي المقابل، أكد الجيش الإسرائيلي تعرض مناطق شمالي البلاد لقذائف أطلقت من لبنان، في وقت اعترض "عدة أهداف جوية معادية.. حيث سقطت أحد الأهداف في قاعدة عسكرية شمالي البلاد، دون وقوع خسائر بشرية أو مادية".
نشر منظومات راجمات
ونشرت إسرائيل منظومات راجمات الصواريخ "إم إل آر إس" على الحدود مع لبنان، وهي منظومة قادرة على إطلاق رشقات صواريخ ضخمة ودقيقة، ويمكن أن تصل إلى عشرات الكيلومترات وفقًا لنوع الصواريخ المستخدمة.
وتعد الخطوة أحدث تصعيد بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، بعد أشهر من تبادل الهجمات العابرة للحدود على خلفية الهجمات العنيفة على قطاع غزة. والثلاثاء قال حزب الله إنه شن هجوما بطائرات مسيّرة على مقر قيادة عسكري إسرائيلي، في إطار رده على عمليتي اغتيال إسرائيليتين في لبنان.
وتشهد الحدود اللبنانية الإسرائيلية تبادلا يوميا للقصف بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي، منذ اندلاع الحرب بين فصائل المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي في 7 أكتوبر الماضي.
وحذر الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، الأربعاء الماضي، إسرائيل من مغبة شن حرب على لبنان، محذرا من أنه إذا حدث ذلك "فسيكون قتالنا بلا قواعد وبلا حدود وبلا ضوابط"، مضيفا: "لسنا خائفين من الحرب ولا نخشاها".
فيما تشهد بيروت في الفترة الأخيرة زيارات لدبلوماسيين غربيين يحضون على ضبط النفس وتجنب حصول تصعيد إضافي بين إسرائيل ولبنان، والدفع باتجاه إيجاد حلول قد تشمل تسوية الخلاف الحدودي البري بين البلدين.