استهدفت القوات الأوكرانية، أخيرًا، مدينة بيلجورود الروسية المتاخمة لشمال أوكرانيا، مما دفع سكان المنطقة إلى المطالبة بالنزوح إلى مكان آمن، وفق ما ذكرت شبكة "سي. إن. إن" الإخبارية الأمريكية، نقلًا عن حاكم المنطقة فياتشيسلاف جلادكوف.
وتستهدف القوات الأوكرانية باستمرار المناطق الروسية القريبة من الحدود، ولكن يُعتقد أن الهجوم الذي وقع في 30 ديسمبر على "بيلجورود" هو أحد أكثر الحوادث دموية، إذ لقي ما لا يقل عن 25 شخصًا حتفهم.
ونقلت وكالة "رويترز" عن أحد سكان بيلجورود، في أعقاب الغارة على المنطقة، قوله: "أدرك الناس أن هناك حربًا مستمرة بالفعل وقد وصلت الآن إلى بيلجورود، ربما ليست هذه المرة الأولى ولكنها الأكثر خطورة ورعبًا".
وقال جلادكوف، في رسالة مصورة: "أرى عددًا من المناشدات على شبكات التواصل الاجتماعي حيث يكتب الناس: نحن خائفون، ساعدونا في الوصول إلى مكان آمن". وأضاف: "سنساعدهم بالتأكيد. بدأنا بنقل بعض العائلات".
وأوضح أن السكان المعنيين سيُنقلون إلى بلدتي ستاري أوسكول وجوبكين البعيدتين عن الحدود، وسيتم إيواؤهم في "ظروف مريحة"، لكنه حذر من أنه لن يكون هناك ما يكفي من أماكن الإقامة الموقتة لإيواء الجميع، وناشد حكام المناطق الأخرى أن يتعاونوا في هذا الأمر.
ومن المتوقع أيضًا أن يسافر السكان، الذين يتطلعون إلى النزوح، إلى مسافات أطول بكثير، تصل هذه المرة إلى 87 ميلًا. وفي رسالته بالفيديو، أمر جلادكوف السكان المعنيين بالاتصال بإدارة المدينة لإعلامها بأنهم "مستعدون للمغادرة".
وقال المحافظ إن "الحافلات المريحة" كانت على أهبة الاستعداد، لنقل السكان إلى مدينتي ستاري أوسكول وجوبكين حيث سيتم إيواؤهم في "غرف دافئة وآمنة".
وتقع ستاري أوسكول على بعد حوالي 147 ميلًا من بيلجورود، بينما تبعد جوبكين مسافة 74 ميلا عن بيلجورود.
وقال جلادكوف للمدنيين: "إذا لم تكن هناك أماكن كافية في مراكز الإقامة المؤقتة لدينا في منطقتنا، فسوف أتوجه إلى زملائي وحكام المناطق الأخرى، حتى يتمكنوا من مساعدتنا".
وقال أحد سكان بيلجورود، وهو صاحب عمل، لـ"رويترز"، كيف انتهت تجارته نتيجة القتال: "أتيت إلى العمل وأنتظر العملاء ولكن لا يوجد أحد.. أجلس لمدة ثلاث أو أربع ساعات وأغلق".
ودعت سلطات بيلجورود السكان إلى تأمين نوافذهم لحماية أنفسهم من أي شظايا جراء القصف الأوكراني المتكرر، وفي تطور آخر، قالت وكالة المخابرات الأوكرانية، إنها دمرت معقلًا عسكريًا روسيًا في بيلجورود بعد التوغل في المدينة، حيث زعمت استخبارات الدفاع الأوكرانية أنها دمرت أحد المعاقل الروسية وزرعت الألغام في الطريق الذي يستخدمه الروس في منطقة جرايفورونسكي.
أهمية بيلجورود
وبيلجورود أو "المدينة البيضاء" هي مقاطعة إدارية تابعة لروسيا، تقع جنوب غربي البلاد بمحاذاة الحدود الشمالية الأوكرانية، وتمتاز بموقعها الاستراتيجي بوسط أوروبا وإطلالتها على بحر البلطيق.
ومنذ بداية الحرب الروسية على أوكرانيا في 24 فبراير 2022، صارت خط إمداد وتحرك رئيسي للقوات الروسية، وشكلت بوابة لعبور الجنود الروس إلى خاركيف وشمال أوكرانيا.
ومما يكسب المنطقة أهميتها الجغرافية تقاطعها مع أنهار كبيرة، أهمها دونيتس وسيفيرسكي وأوسكول، وتميزها خطوط سكك حديدية وطرق سريعة تربط موسكو بالمناطق الجنوبية والغربية لروسيا، وأيضًا أوكرانيا.
وتعد مدينة بيلجورود المركز الإداري للمقاطعة، ولها أهمية عسكرية لوزارة الدفاع الروسية، لكونها تمثل خطَّ إمداد للقوات الروسية داخل أوكرانيا، ومكانًا لتدريبات قوات الدفاع التابعة لها.
وتشكل الأنهار والبحيرات والمستنقعات نحو 1% من أراضي مقاطعة بيلجورود، وهناك نحو 480 من الأنهار يبلغ طولها الإجمالي نحو 5 آلاف كيلومتر مربع، بينما تغطي الغابات 9.8% من المساحة الإجمالية للمنطقة.
ويعني اسم بيلجورود "المدينة البيضاء" باللغة الروسية، وسميت بذلك لأنها كانت غنية بالحجر الجيري الأبيض. وقيل إن الاسم ارتبط بجبل بيلايا "الأبيض"، الذي يقع على المنحدرات التي بنيت عليها مدينة بيلجورود الأصلية، ولذلك كانت تعني "بلدة على جبل أبيض".
ويعتمد اقتصاد بيلجورود على احتياطيات الموارد الطبيعية (نحو 40% من خام الحديد والبوكسيت والأباتيت والمياه المعدنية) والتربة السوداء الخصبة.
كما تعتبر بيلجورود واحدة من المناطق الإدارية الأكثر تطورا من الناحية الزراعية في الاتحاد الروسي، إذ تغطي الأراضي الزراعية 61% من مساحتها، وتحتل المرتبة 12 من حيث إجمالي محصول الحبوب لعام 2021، وتعد من أكبر منتجي الماشية في روسيا.
وتشغل الغابات الطبيعية 12.5% من مساحة المقاطعة، ويقدر إجمالي احتياطيات الأخشاب بنحو 34.3 مليون متر مكعب.