في أعقاب الأضرار التي لحقت بخط أنابيب بحر البلطيق، التي نتجت عن أعمال تخريب محتملة، انتشرت القوات البحرية الفنلندية والبريطانية، التي تقوم بتدريب بحري روتيني في المنطقة، في محاولة لحماية "البنية التحتية الضعيفة تحت سطح البحر"، كما وصفها موقع "بوليتيكو" الأمريكي.
وأشار تقرير حديث إلى أنه لا يزال من غير المؤكد ما إذا كان تخريب خط أنابيب Balticconector الذي يحمل الغاز بين إستونيا وفنلندا، الذي تم افتتاحه في أكتوبر الماضي متعمدًا، لكن أعلنت عشر دول أوروبية -من بينها دول الشمال الأوروبي ودول البلطيق- هي المملكة المتحدة، السويد، الدانمارك، فنلندا، أيسلندا، النرويج، إستونيا، لاتفيا، ليتوانيا، وهولندا؛ أنها ستنشر قوة عسكرية بحرية "للمساهمة في حماية البنية التحتية الحيوية تحت سطح البحر".
ثغرة أمنية
يلفت التقرير إلى أن هذه الخطوة الأوروبية "هي أحدث تحرك للدول الغربية لتعزيز دفاعاتها ضد ما يسمى "حرب المنطقة الرمادية"، مع استمرار الحرب في أوكرانيا. حيث "لا ترقى المواجهة مع روسيا إلى مستوى إعلان رسمي للحرب، لكنه يمكن أن يشمل تخريب البنية التحتية، والهجمات الإلكترونية، وحملات التضليل".
ويشير إلى أن حادث خط الأنابيب الإستوني هو الأحدث في سلسلة من تفجيرات خطوط الأنابيب والكابلات تحت الماء، التي كان أبرزها تفجير خط "نورد ستريم". لكن حتى الآن لم تقدم السلطات الفنلندية أو الإستونية، التي تحقق في التفجير، أية أدلة تثبت أن سفينة كانت مشتبه بها -تحمل علم الصين ومتجهة إلى روسيا- متورطة في الهجوم الذي تنفي حكومتا البلدين تورطهما به.
وتنقل "بوليتيكو" عن يوكا سافولاينن، الخبير بمركز التميز الأوروبي لمكافحة التهديدات الهجينة في هلسنكي: "يجب أن ننظر إلى هذا باعتباره اختبارا، لأنه أظهر كيف أنه من الممكن -تقنيًا- هدم جزء من البنية التحتية تحت الماء، وهو أمر بالغ الأهمية وثقيل للغاية".
وأضاف: "في مرحلة ما من الأزمة، قد يحاول الخصم تدمير هذه البنية التحتية بطرق عديدة، ويمكن أن يشمل ذلك استخدام السفن التجارية".
وأشار سيمون تاجليابيترا، الزميل في مركز أبحاث بروجيل في بروكسل، إلى أن أوروبا لا تستطيع أن تتحمل رؤية الأضرار أو أعمال التخريب على البنية التحتية لخطوط الأنابيب "لأنه إذا حدث ذلك في مواضع مهمة، يمكن أن يخلق مشكلات كبيرة لأوروبا".
تأمين تحت البحر
في حين قامت مجموعة من البلدان، بما في ذلك فنلندا وألمانيا، بتنويع مصادرها من الغاز على مدار العام الماضي، فإن الدفاع عن هذا الطريق يظل يشكل أهمية بالغة لأمن الطاقة في أوروبا. حيث يتم تدفئة نحو نصف المنازل الألمانية بالغاز، بحسب "بوليتيكو".
لكشف حقيقة التخريب الأخير، قالت السلطات الفنلندية والإستونية إنهما تتعاونان مع نظيرتيهما الصينية للصعود على متن السفينة التي رست في ميناء تيانجين الصيني في أوائل ديسمبر الماضي، واستجواب طاقمها.
لكن قبلها، وفي أعقاب تفجير "نورد ستريم"، أنشأ حلف شمال الأطلسي -الناتو- "خلية تنسيق البنية التحتية الحيوية تحت سطح البحر"، بقيادة ألمانية، التي تهدف إلى ربط مختلف الجهات الفاعلة المشاركة في حماية البنية التحتية تحت سطح البحر، بما في ذلك الشركات الخاصة والحكومات، والمساعدة في تحديد التهديدات.
وقال الجنرال هانز ويرمان، قائد الخلية الأوروبية المشتركة، في مقابلة مع "بوليتيكو"، إن أحد أهداف المبادرة هو تحديد التهديدات والسلوك المشبوه حول البنية التحتية الحيوية في الوقت الفعلي.
وأضاف: "تعتمد الاستراتيجيات الهجينة على نية استخدام بيئات غامضة لإلحاق الكثير من الضرر بمجتمعاتنا، وبسبب غموض البيئة، هناك فرصة جيدة للإفلات من العقاب. ولكن إذا كان بإمكانك استخدام البيانات وأحدث التقنيات للتعرف بسرعة على المهاجمين، فإن هذا يرسل إشارة ردع قوية"، على حد قوله.