ألقت أنجولا حجرًا جديدًا في مياه منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، بإعلان انسحابها من المنظمة التي أنشئت في ستينيات القرن الماضي، ما أثار عديدًا من التساؤلات، وصلت إلى الحديث عن مستقبل المنظمة التي تنتج الدول المشاركة فيها نحو 28 مليون برميل يوميًا، ما يعادل حوالي 30% من النفط الخام في العالم.
أنجولا الخامسة
لم تكن أنجولا بادرة جديدة في قرارات الانسحاب وتعليق وإنهاء العضوية من "أوبك"، بل سبقتها 4 دول أخرى في سلسلة، بدأت عام 1992 بإعلان الإكوادور تعليق عضويتها في "أوبك"، ثم الجابون التي أنهت عضويتها في يناير 1995، ثم إندونيسيا التي علقت عضويتها في يناير 2009، ثم قطر التي أنهت عضويتها في يناير 2019.
4 دول قررت الانسحاب
لم يكن قرار بعض الدول التي أعلنت الانسحاب من المنظمة قرارًا نهائيًا مستمرًا، بل هناك 4 دول أعادت تنشيط عضويتها مرة أخرى بعد قرار الانسحاب، هي إندونيسيا التي أصبحت عضوًا في أوبك عام 1962، لتعلن تعليق عضويتها في يناير 2009، لتعيد تنشيطها مرة أخرى في يناير 2016، ثم تقرر تعليقها مرة ثانية في نوفمبر 2016.
الإكوادور أيضًا التي انضمت إلى المنظمة في 1973 أعلنت تعليق عضويتها في ديسمبر 1992، وأعادت تنشيطها في أكتوبر 2007، لتقرر من جديد سحب عضويتها بدءًا من عام 2020؛ تليها الجابون التي أنهت عضويتها في يناير 1995 لتعاود الانضمام من جديد في يوليو 2016.
7 انسحابات سابقة
وبإعلان أنجولا الانسحاب من "أوبك" يكون ذلك القرار السابع للدول التي أعلنت انسحابها من المنظمة، بعد إعلان إندونيسيا تعليق عضويتها مرتين، وسحب الإكوادور عضويتها مرتين، لكن السؤال هنا يطرح نفسه عن سبب إعلان تلك الدول انسحابها من المنظمة.
أنجولا
نبدأ السلسة من آخرها، حيث أنجولا التي انضمت لأوبك عام 2007، وتنتج نحو 1.1 مليون برميل يوميًا، مُقارنة بإنتاج المجموعة بأكملها والبالغ 28 مليون برميل يوميًا، لكنها غادرت بعد خلاف مع السعودية، بحسب مجلة "فاينانشال تايمز" البريطانية.
وبحسب وكالة الأنباء الأنجولية، فإن لواندا كشفت عن أسباب انسحابها من المنظمة، حيث قال وزير النفط والغاز الأنجولي ديامانتينو دي أزيفيدو، إن قرار الانسحاب اتخذ في جلسة لمجلس الوزراء برئاسة رئيس البلاد جواو لورنسو، مشيرًا بقوله: "نشعر أن أنجولا في هذه اللحظة لن تكسب شيئًا من البقاء في المنظمة.. وقررت الانسحاب دفاعًا عن مصالحها".
وظهرت الخلافات في الاجتماعات الأخيرة لأوبك حول محاولات خفض "خط الأساس" لإنتاجها، أي المستوى الذي يتم من خلاله حساب حصة الإنتاج لكل عضو، ليعكس الانخفاض في القدرة الإنتاجية للبلاد.
إندونيسيا
أما إندونيسيا التي انضمت إلى المنظمة عام 1962، وعلقت عضويتها في يناير 2009، فعللت انسحابها بأنها أصبحت دولة مستوردة للنفط وليست مصدرة له، الأمر الذي يتطلب عمليًا خروجها من المنظمة، وذلك بعد أن أصبحت الحقول الإندونيسية المتقادمة تضخ كميات أقل بكثير من حصتها الرسمية، وأبدى حينها وزير النفط الإندونيسي السابق سوبروتو، الذي قاد في فترة سابقة المنظمة، أسفه على انسحاب بلاده قائلًا "لو كنت مسؤولًا لما رأيت حاجة للانسحاب".
الإكوادور
في الإكوادور التي انضمت إلى منظمة أوبك عام 1973، أعلنت وزارة الطاقة لديها عام 1992 انسحابها من المنظمة؛ بسبب مشكلات مالية، وقالت في بيان لها "يرجع القرار إلى قضايا وتحديات داخلية يجب على البلد أن يتعامل معها فيما يتعلق بالاستدامة المالية، وأن الإجراء ينسجم مع خطة الحكومة الوطنية لخفض الإنفاق العام وتوليد دخل جديد"، وفق رويترز.
الجابون
في الجابون الأمر كان مُختلفًا بعض الشيء، وهي التي انضمت إلى "أوبك" عام 1975، وخرجت منها في يناير عام 1995؛ بسبب ما أعلن بعدم مقدرتها على دفع الرسوم السنوية للعضوية، والبالغة نحو 2 مليون يورو في حينها، والتي كانت أصغر دولة منتجة للنفط في المنظمة بإنتاج يومي لا يتجاوز 250 ألف برميل.
قطر
في قرار الانسحاب القطري الذي أعلن في يناير 2019، استندت الدولة التي انضمت إلى المنظمة عام 1961، إلى عوامل وأسباب واعتبارات محلية خاصة بالاقتصاد القطري وتطلّعاته العالمية، وذلك عبر استثمار نقاط القوة الإنتاجية المتمثلة في إنتاج الغاز الطبيعي المُسال، الذي تحتل فيه قطر موقع الصدارة عالميًا بحيازتها نحو 30 في المئة من إنتاج الغاز المسال في العالم، وذلك بحسب تصريحات نشرتها صحيفة الراية القطرية لـ"سعد بن شريدة الكعبي"، وزير الدولة القطري لشؤون الطاقة.
ما هي "أوبك"؟
تأسست منظمة أوبك في عام 1960 في بغداد، من قبل 5 دول هي العراق وإيران والكويت والسعودية وفنزويلا، وذلك بهدف تنسيق السياسات النفطية وضمان أسعار عادلة ومستقرة، ثم انضمت إليها الجزائر وأنجولا والكونغو والإكوادور والجابون وليبيا ونيجيريا والإمارات العربية المتحدة، لتصبح 14 دولة وتنتج نحو 30 بالمئة من النفط على مستوى العالم.
"أوبك بلس"
"أوبك" شكلت ما يُعرف بتحالف "أوبك+" مع 10 من أكبر الدول المصدرة للنفط في العالم من خارج المنظمة، هي روسيا وأذربيجان وكازاخستان والبحرين وبروناي وماليزيا والمكسيك وعُمان وجنوب السودان والسودان.
يعتبر الهدف من تأسيس المنظمة، هو تنسيق وتوحيد سياسات تجارة النفط بين الدول الأعضاء، لضمان أسعار عادلة ومستقرة لمنتجي النفط، وكذلك استمرار الإمدادات من البترول بشكل فعّال ومنتظم إلى الدول المستهلكة؛ وضمان جني أرباح عادلة للبلدان المستثمرة في هذه الصناعة.
وتصل صادرات الدول الأعضاء في "أوبك" و"أوبك+" 60 بالمئة من تجارة النفط العالمية، وفي عام 2021، قدرت أوبك أن الدول الأعضاء فيها تمتلك أكثر من 80 بالمئة من احتياطيات النفط العالمية المؤكدة، ونظرًا لتمتعها بتلك الحصة السوقية الكبيرة، يمكن أن تؤثر القرارات التي تتخذها أوبك على أسعار النفط العالمية.
ويجتمع أعضاؤها بانتظام لتحديد كمية النفط التي ستباع في الأسواق العالمية، ونتيجة لذلك، تميل أسعار النفط إلى الارتفاع عندما تقرر تلك الدول خفض الإمدادات مع تراجع الطلب، بينما تتجه الأسعار إلى الانخفاض، عندما تقرر المجموعة ضخ مزيد من النفط في السوق.