تجد المحكمة العليا الأمريكية نفسها أمام استحقاقات مهمة في الانتخابات الرئاسية المقررة في عام 2024، إذ ستنظر في قضايا ترتبط بأهلية ترشح الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب، ومطالبته بـ"حصانة" من الملاحقات القضائية.
وأشار تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إلى أن المحكمة كان لها تدخل مباشر في الانتخابات الرئاسية عام 2000، والتي فاز فيها المرشح جورج دبليو بوش حينها.
ويتخوف التقرير من أن مثل هذه المعارك القانونية قد "تقسم الأمة وتترك ندوبا دائمة"، مشيرًا إلى أن ما يدور في قاعات المحاكم فيما يرتبط بالانتخابات المقبلة "أكثر عددًا وتعقيدًا" قد يثير المزيد من الاستقطابات والانقسام.
حكم كولورادو
وقضت المحكمة العليا في ولاية كولورادو الأمريكية، أول أمس الثلاثاء، بعدم أهلية ترامب لخوض الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في الولاية، العام المقبل، لـ"دوره في الهجوم على مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021".
وقالت المحكمة في حكمها، إنها خلصت إلى أن ترامب "ليس أهلا لتولي منصب الرئيس"، بموجب المادة الثالثة من التعديل الرابع عشر لدستور الولايات المتحدة.
ويبقى تنفيذ قرار المحكمة، الذي انتقدته حملة ترامب ووصفته بغير الديمقراطي، مُعلَّقا حتى الرابع من يناير تاريخ انقضاء مهلة الطعن به أمام المحكمة الأمريكية العليا.
ويعد صدور قرار المحكمة العليا في كولورادو المرة الأولى التي يعتبر فيها مرشح غير مؤهل لدخول البيت الأبيض، بموجب المادة 3 من التعديل الرابع عشر من الدستور الأمريكي.
وتمنع المادة المذكورة، والتي يشار إليها أيضا باسم "بند التمرد"، أي منتخب أو موظف بالكونجرس والجيش والمكاتب الفيدرالية ومكاتب الولايات، سبق له وأن أقسم على الولاء لدستور الولايات المتّحدة، من أن يشغل أي منصب منتخب، إذا ما نكث بقسم اليمين عبر مشاركته في تمرد.
وخلال حكمه الذي دام أربع سنوات، سمى الرئيس السابق ترامب، ثلاثة قضاة محافظين، ما جعل أعلى محكمة أمريكية ذات أغلبية يمينية، مع ستة قضاة محافظين وثلاثة ليبراليين.
الخبير في قوانين الانتخابات في جامعة كاليفورنيا، ريتشارد هاسن، قال عبر مدونته إنه "خلافًا لما كان عليه الحال في عام 2000، فإن عدم الاستقرار السياسي في الولايات المتحدة يجعل الوضع أكثر خطورة بكثير".
تحصين ترامب من الملاحقة القضائية
وطلب المدعي العام الفيدرالي، جاك سميث، من المحكمة العليا تسريع النظر في طلب ترامب بأنه "محصن من الملاحقة القضائية بتهمة عرقلة الانتخابات المزعومة"، الأمر الذي يزيد من حدة المناورات القانونية حول ما إذا كانت محاكمة ترامب الجنائية في العاصمة واشنطن ستظل على موعدها المحدد في مارس المقبل من عدمه، بحسب واشنطن بوست.
ويمكن للمحكمة العليا أن تقرر ما إذا كانت ستتناول قضية الحصانة وفق جدول زمني سريع في وقت مبكر هذا الأسبوع. وقال سميث للقضاة إن "الولايات المتحدة تدرك أن هذا طلب استثنائي.. هذه حالة استثنائية".
ويرى فريق ترامب القانوني أنه لا ينبغي التعجل في مثل هذه القضية، واصفين محاولات سميث لتسريع عملية الاستئناف بأنها محاولة حزبية لـ"تشكيل الانتخابات الرئاسية". وحثوا المحكمة على رفض طلب سميث، مشيرين إلى أنهم سيطلبون من القضاة مراجعة قرار كولورادو وإلغاءه بسرعة.
التنبؤ بقرار المحكمة "صعب"
وتشير "واشنطن بوست" إلى أنه من الصعب التنبؤ بنتيجة المراجعة المحتملة من المحكمة العليا، والتي قد تحكم ما إذا كان اسم ترامب سيبقى في ورقة الاقتراع من عدمه.
ونقلت الصحيفة عن خبراء، إنه "سيكون من غير العادي أن تستبعد المحكمة العليا رئيسا سابقا ومرشحا جمهوريا بارزا".
وقال أستاذ القانون في كلية الحقوق بجامعة نورث ويسترن ستيف كالابريسي، للصحيفة إن "المحكمة العليا تحتاج إلى الاستماع إلى القضية، حتى لو لم تنظرها محاكم فيدرالية أخرى".
وأضاف "لا يمكن أن نجري انتخابات رئاسية لا يوجد فيها اسم ترامب في ولاية واحدة، كولورادو، من دون موافقة المحكمة العليا".
ويرى أستاذ القانون الدستوري في جامعة ميرلاند، مارك جرابر، إن "المادة 3 لا تتطلب إدانة الشخص بجرائم تتعلق بالمشاركة في تمرد حتى يتم استبعاده من الاقتراع. والمحكمة العليا يمكنها أن تتعمق في مسألة ما إذا كان ترامب قد شارك في تمرد، أو يمكنها أن تختار الحكم على أسس فنية، ما يترك ترامب خارج أي رأي".
وأضاف أن السؤال المهم الذي يحتاج لإجابة موثوقة هو: "هل شارك ترامب في تمرد؟".
كاليفورنيا على خطى كولورادو
وبعد يوم من قرار المحكمة العليا في كولورادو بعدم أهلية ترامب من الظهور في بطاقات الاقتراع بالولاية في عام 2024، طلبت نائبة حاكم ولاية كاليفورنيا إيليني كونالاكيس من شيرلي ويبر وزير خارجية الولاية الذهبية، استكشاف كل خيار قانوني لفعل الشيء ذاته.