كانت كاثلين فولبيج، مكروهة في المجتمع باعتبارها قاتلة أطفال، ولقبت بأنها "أكثر امرأة مكروهة" في أستراليا عندما أدينت بقتل أطفالها الأربعة، وأصدرت محكمة استئناف قرارًا يُسقط إدانتها، بعدما أمضت عقدين من الزمن في السجن.
أسباب الحكم
ألغت محكمة الاستئناف، إدانات فولبيج، بعد تحقيق فحص أدلة علمية جديدة، الذي وجد أن هناك شكًا معقولًا في إدانتها بالقضية التي اعتمدت على قانون "ميدو"، وهو مبدأ مثير للجدل وفقد مصداقيته الآن، وينص على أن ثلاث حالات وفاة مفاجئة أو أكثر للرضع في عائلة واحدة كانت جرائم قتل حتى يثبت العكس.
ولم يستند الحكم الأصلي بإدانة فولبيج إلى أدلة طبية تشرح كيف توفي أطفالها الأربعة الصغار -كاليب وباتريك وسارة ولورا - بين عامي 1989 و1999، وكانت أعمارهم تتراوح بين 19 يومًا و18 شهرًا، إذ اعتمد الادعاء بشكل كبير على مذكرات فولبيج كاعتراف بالذنب.
وقالت "فولبيج" في إحدى مذكراتها التي كتبتها في عام 1998 عن "لورا"، آخر أطفالها الذين ماتوا: "لقد صرخت عليها بغضب شديد لدرجة أني أخفتها، ولم تتوقف عن البكاء. لقد أصبحت سيئة للغاية لدرجة أنني كدت أن أسقطها عمدًا على الأرض وتركتها، مضيفة "قيدتها بما يكفي لوضعها على الأرض والابتعاد. ذهبت إلى غرفتي وتركتها تبكي، ربما 5 دقائق فقط مرت لكن تبدو وكأنها عمر. أشعر وكأنني أسوأ أم على هذه الأرض. وخائفة من أنها ستتركني الآن".
رأي العلماء
أثيرت الأدلة الجينية والأبحاث الطبية الجديدة التي أجراها فريق دولي من العلماء عام 2016، التي تضمنت تحديد أن "كاليب وباتريك" يحملان متغيرات في الجين المعروف باسم "BSN"، الذي أظهر أنه يسبب ظهورًا مُبكرًا للصرع المميت.
وكان من بين العلماء، خبيرة العدالة في جامعة كولومبيا البريطانية، التي نشرت في عام 2011 كتاب "القتل والطب والأمومة" حول قضية "فولبيج"، ورأت أنها أدينت خطأ، وأن المذكرات لم تكن تخص امرأة مُذنبة، بل كانت أمًا حزينة تحاول فهم الصدمة التي تعرضت لها.
تصريح المحامي
لم يكن النظام القانوني الذي يعمل كما ينبغي هو الذي أدى إلى إطلاق سراح فولبيج في النهاية، وليس لدى أستراليا هيئة مستقلة للتحقيق في الأخطاء المحتملة للعدالة على عكس المملكة المتحدة والولايات المتحدة ونيوزيلندا وكندا، التي لديها لجان مستقلة لمراجعة الإدانات، وفقًا لمحاميها راني ريجو.
وقال "ريجو" إن القضية يجب أن تكون نقطة التحول التي تُجبر أستراليا على إنشاء هيئة مستقلة مثل لجنة مراجعة القضايا الجنائية في المملكة المتحدة، مضيفًا: "على الرغم من أن هذه قصة كاثلين، إلا أنها تجسد مشكلات أوسع نطاقًا في نظامنا القانوني سيئ التصميم وغير قادر على تحديد الأخطاء في تطبيق العدالة وتصحيحها بالوقت المناسب".
دفع تعويض
وقالت فولبيج بعد تبرئتها: "لمدة ربع قرن تقريبًا، واجهت عدم التصديق والعداء"، "لقد عانيت الإساءة بكل أشكالها، كنت آمل وأدعو الله أن أتمكن في يوم من الأيام من الوقوف هنا مع تبرئة اسمي. آمل ألا يعاني أي شخص آخر مما عانيت منه"، وفقًا لصحيفة "ذا جارديان".
ويمكن أن تؤدي هذه القضية إلى دفع أكبر تعويض عن الإدانة الخاطئة في أستراليا وحساب النظام القانوني في البلاد.
وقالت "فولبيج": "إن إداناتها ألغيت الآن ويجب أن تحصل على تعويض من الدولة، ولم تحدد رقمًا محددًا، لكنها أشارت إلى أنه سيكون أكبر من أي مبلغ كبير تم دفعه من قبل".
ومن جهته، قال المدعي العام في نيو ساوث ويلز، مايكل دالي، إن الحكومة ستنظر في أي طلبات تعويض، مضيفًا أن "بعد كل ما حدث على مدى السنوات العشرين الماضية، من المستحيل ألا نشعر بتعاطف كبير مع جميع المعنيين".