صرّح ناظم الزهاوي، رئيس حزب المحافظين الحاكم في بريطانيا، بأن حكومة لندن قد تتجه للاستعانة بقوات الجيش للمساعدة في ضمان استمرار الخدمات العامة إذا أضرب العاملون في قطاعات رئيسية، من بينها هيئة الصحة العامة.
وأضاف "الزهاوي" في حديث صحفي: "رسالتنا للنقابات العمالية أن هذا ليس وقت الإضراب بل وقت السعي والتفاوض. لكن في غياب ذلك من المهم أن يكون لدى الحكومة خطط بديلة".
وأضاف: "ندرس الاستعانة بالجيش، بقوة استجابة متخصصة بالطاقة القصوى"، موضحًا أنه يمكن الاستعانة بالجيش لقيادة سيارات الإسعاف، وغيرها في الخدمات العامة التي قد تؤدي إلى شل قطاعات الخدمات.
إضرابات مرتقبة
تستعد المملكة المتحدة لمواجهة مزيد من الإضرابات العمالية، حيث أعلن عدد من النقابات، تمثل القطاعين العام والخاص، عن تحركات جديدة تتجه إلى إعلان إضرابات عامة شاملة لعدد من القطاعات الخدمية في البلاد.
وقد أعلن اتحاد الخدمات العامة والتجارية، الذي يمثل العديد من موظفي الحكومة، أن العاملين المعنيين بالطرقات السريعة سينفذون سلسلة إضرابات من 16 ديسمبر، حتى 7 من يناير.
ويأتي الإعلان الذي سينضم في إطاره الموظفون في قطاع العناية بالطرقات السريعة ومئات العاملين ضمن الطواقم الأرضية في مطار "هيثرو" في لندن إلى قائمة العمال المضربين، في ظل شتاء قاتم تسوده مشاعر عدم الرضا عن السياسات في بريطانيا.
وتتضاعف الإضرابات في مختلف قطاعات الاقتصاد وفي القطاع العام احتجاجًا على الأجور التي تفقد قيمتها في ظل تضخم يعد الأعلى منذ عقود وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية.
والأسبوع الماضي، انضم المسعفون إلى هيئات التمريض في التصويت لصالح الإضراب قبل عيد الميلاد، بينما يتوقع أن يضرب موظفو الأمن في شركة "يوروستار" المشغّلة للقطارات أيضًا مما قد يؤدي إلى شلل حركة المواصلات في جميع أنحاء المملكة البريطانية بصورة كاملة.
ونفذ العديد من الموظفين الآخرين، من عمال السكك الحديدية وصولًا إلى المحامين، إضرابات هذا العام فيما تشهد البلاد أسوأ أزمة تكاليف معيشة منذ أجيال.
اللجوء إلى الجيش
أوضح رئيس حزب المحافظين الحاكم في بريطانيا، أن الاستعانة بقوات الجيش تأتي بهدف المساعدة في ضمان استمرار الخدمات العامة إذا أضرب العاملون في قطاعات رئيسية، من بينها هيئة الصحة العامة.
وأوضح "الزهاوي" في حديثه لشبكة "سكاي نيوز" البريطانية: "لدينا فرق قوية للغاية يقوم القائمون فيها بالكثير من الأعمال للنظر فيما يتعين علينا القيام به لتقليل الاضطراب في حياة الناس".
وليست هذه المرة الأولى التي تلجأ فيها الحكومة البريطانية لتدخل قوات الجيش للمساعدة في أزمات الإضرابات العمالية، ففي سبتمبر 2021، تحوّل آلاف الجنود البريطانيين إلى سائقي شاحنات بشكل مؤقت، من أجل الإسهام في حل مشكلة نقص الوقود التي تفاقمت بشكل كبير مثلما يحدث خلال اليومين الماضيين في بريطانيا.
وقالت تقارير بريطانية، إن رئيس الوزراء الأسبق، بوريس جونسون، اجتمع مع وزرائه ومساعديه، لاتخاذ قرار تكليف الجيش بنقل صهاريج الوقود إلى محطات المحروقات، حيث أغلقت آلاف المحطات بسبب نفاد المحروقات نتيجة نقص حاد بسائقي الشاحنات، إثر مغادرة معظم السائقين الأوروبيين بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
تصويت بـ"الشلل"
كان التحرك للموافقة على هذا الإضراب جاء عقب تصويت 124 دائرة حكومية وغيرها من الهيئات العامة، نوفمبر الماضي، لصالح الإضراب للمطالبة بزيادة الأجور بنسبة 10%، بجانب مطالبات أخرى.
كما أكد اتحاد الخدمات العامة والتجارية الثلاثاء أن "الموجة الأولى" للإضرابات التي أفضى إليها التصويت ستشهد مشاركة القائمين على اختبارات قيادة السيارات والمسؤولين عن المدفوعات الريفية في أكثر من 250 موقعًا في أنحاء المملكة المتحدة، في سلسلة إضرابات متقطعة تستمر مدة شهر اعتبارًا من منتصف ديسمبر.
بدوره أكد اتحاد "يونايت"، الجمعة الماضي، أن نحو 350 من أعضائه العاملين ضمن طواقم الخدمات الأرضية مع المتعهد الخاص "منزيس" في مطار هيثرو سيضربون لمدة 72 ساعة اعتبارًا من صباح 16 ديسمبر.
ولفت "يونايت" إلى أن ما عُرض على أعضاء النقابة خلال المفاوضات مع العمال يعد "خفضًا فعليًا للرواتب".
وكشف الاتحاد البريطاني: أن "رابطة العاملين براتب في مجال النقل"، التي تمثل عمال السكك الحديدية على خط إليزابيث الجديد في لندن، ستنظم اقتراعًا لأعضائها لتحديد إن كانت ستتحرك نحو الانضمام إلى الإضراب أم لا، حيث أفادت النقابة بأن أعضاءها يحصلون على أجور "أقل بكثير" من غيرهم من العاملين ضمن الشبكة.
انتقادات الحكومة
من جهه أخرى، حاولت حكومة رئيس الوزراء الجديد ريشي سوناك، التي تولت مهام مناصبها منذ أقل من 6 أسابيع، على تجنب التدخل مباشرة في المفاوضات مع النقابات العمالية على الأجور، لكن كانت الحكومة توضح دائمًا أن البلاد لا يمكنها تحمل زيادات في الأجور في الوقت الراهن مع ارتفاع التضخم، بينما أشار الوزراء البريطانيون، خلال عدد من المقابلات الصحفية على خلفية هذه الأزمة، إلى التوجه لطرح توصيات للهيئات المعنية بالنظر في الأجور بالنسبة للعاملين في القطاع العام.
وقد صرّح رئيس الوزراء البريطاني، في حديث صحفي، في 26 نوفمبر الماضي، بأن مطالبات أطقم الممرضين (أحد أضلع النقابات المنضمة إلى الإضراب)، الذين يوشكون على بدء الإضراب بزيادة الأجور "لا يمكن تحملها.. ولا تستطيع الحكومة الموافقة على زيادة الأجور بنسبة 19% كما هو مطلوب من قِبل النقابة".
من جهه أخرى، نقلت صحيفة " تليجراف" أن الحكومة البريطانية أوضحت أن قرار النقابات بالقيام بعمل استباقي بدلًا من الدخول فى مفاوضات يمكن أن يسبب تعطيلًا لملايين الناس.
وأضافت "تليجراف" أن رئيس الحكومة البريطانية ريشى سوناك هاجم، الأربعاء، دعم زعيم العمال السير كير ستارمر للنقابات. وخلال جلسة أسئلة لرئيس الوزراء فى البرلمان، اتهم سوناك زعيم حزب العمال بالاستماع إلى نقابته، قائلًا: "إذا كان يريد حقًا دعم العمال، فربما يجب عليه الابتعاد عن خط الاعتصام وإنهاء الإضرابات".
يذكر أن معدل التضخم في المملكة المتحدة قد بلغ أعلى نسبة له منذ 41 عامًا في أكتوبر الماضي، حيث وصل إلى 11.1% في ظل ارتفاع كبير في فواتير الطاقة والمواد الغذائية.