الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

36 عامًا على الانتفاضة الأولى.. مجازر الاحتلال في فلسطين لا تتوقف

  • مشاركة :
post-title
فلسطينية تشارك في الانتفاضة الأولى

القاهرة الإخبارية - هبة وهدان

تمر الأعوام، ولم يزل الجسد الفلسطيني حيًا بالمقاومة والانتفاض ضد العدوان الإسرائيلي الوحشي المتواصل، فما يعيشه قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة منذ 7 أكتوبر الماضي، بعد عملية "طوفان الأقصى"، هو حلقة جديدة في سلسال لم يتوقف من الجرائم الصهيونية، والصمود والتشبث بالأرض من الفلسطينيين، ففي الـ8 من ديسمبر من كل عام تأتي ذكرى الانتفاضة الأولى التي كانت بركانًا تفجر في وجه المحتل.

قبل 36 عامًا، في مثل هذا اليوم 8 من ديسمبر عام 1987، خرج الشعب الفلسطيني ليعلن للعالم انتفاضته الأولى، ثائرًا على الظلم، بعدما صدمت شاحنةٌ عسكرية إسرائيلية حافلة تقل عمال فلسطينيين من أماكن عملهم في داخل إسرائيل وهشّمتها، ما أدى إلى استشهاد أربعة عمال وجرح سبعة آخرين (من سكان مخيم جباليا في القطاع) ولاذ سائق الشاحنة العسكرية الإسرائيلية بالفرار على مرأى من جنود الاحتلال.

المشهد السابق كان بمثابة بداية اندلاع بركان الغضب الشعبي الفلسطيني صباح اليوم التالي من مخيم جباليا، حيث يقطن أهالي الشهداء ليمتد إلى قطاع غزة برمته، وتتردد أصداؤه بقوة أيضًا في الضفة الغربية المحتلة، وذلك لدى تشييع الشهداء الأربعة.

شاركت الطائرات المروحية مع قوات الاحتلال في قذف القنابل المسيلة للدموع والدخانية لتفريق المتظاهرين، واستشهد وأصيب في ذلك اليوم بعض المواطنين، وفرضت سلطات الاحتلال نظام منع التجول على بلدة ومخيم جباليا وبعض أحياء في قطاع غزة.

هدأت المعارك ليومين كاملين وفي اليوم الثالث 10 ديسمبر تجددت المظاهرات والاشتباكات مع قوات الاحتلال، حيث عمّت مختلف مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية وقطاع غزة، في أكبر تحدٍ لسلطات الاحتلال وإجراءاتها التعسفية والقمعية ضد أبناء الشعب الفلسطيني، وفي المقابل واجه أهالي الضفة الغربية وقطاع غزة رصاص قوات الاحتلال بصدورهم العارية، وأمطروا جنود الاحتلال الذين تمترسوا بسياراتهم المدرعة بالحجارة والزجاجات الفارغة وقنابل المولوتوف، مما أدى إلى استشهاد وإصابة العديد من المواطنين برصاص جيش الاحتلال.

قنبلة مولوتوف

وفي قطاع غزة، تحول الصدام بين الجماهير وقوات الاحتلال إلى معركة حقيقية حيث كانت المدينة مغلقة تمامًا، والطرق مسدودة بالمتاريس، وجميع المدارس والجامعات علقت الدراسة، والشوارع يملؤها الحطام، والدخان الأسود المنبعث من الإطارات المحترقة، ورفع المتظاهرون الأعلام الفلسطينية وصور الشهداء، وتعالت الهتافات المنددة بالاحتلال وقمعه وبطشه، واعترف ناطق باسم جيش الاحتلال واصفًا ذلك اليوم المتأجج قائلًا إن "قنبلة مولوتوف ألقيت على عربة عسكرية وأن الأمور ساخنة جدًا".

وتصاعدت الانتفاضة يومًا بعد يوم، حيث تصدى الشعب الفلسطيني بأكمله بجسده ودمه لكل آلة القمع والوحشية الإسرائيلية في أضخم انتفاضة جماهيرية عارمة شهدتها الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ سنوات طويلة، بل شهدها العالم الحديث، وأطولها حيث انتهت في الخامس من مايو 1994، وذلك مع دخول القوات الفلسطينية المحررة بعد توقيع اتفاقية إعلان المبادئ الفلسطينية الاسرائيلية – أوسلو.

المصيدة والسكين.. أسلحة الانتفاضة

استطاع الشعب الفلسطيني أن يبتكر الوسائل القتالية المناسبة لمواجهة جيش الاحتلال الذي بدوره لم يدخر جهدًا في كشف هذه الوسائل وقمعها بالطرق الهمجية والإرهابية التي واجهتها مقاومة فلسطينية وبوسائل قتالية جديدة، فحاربت فلسطين بالحجر، الالتحام الشعبي، السكين، الزجاجات الحارقة، الحرائق، المصيدة، وسلاح العوائق.

استطاعت الانتفاضة أن تأكد على وحدة الشعب الفلسطيني في جميع أماكنه، فبانضمام فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 1948 إلى أشقائهم في الأراضي المحتلة منذ عام 1967 جسد قوة وجذور الهوية الفلسطينية العربية الإسلامية، وجسد الوعي الفلسطيني المتنام الذي عززته الاتصالات ما بين الفلسطينيين في كل المناطق الفلسطينية المحتلة.

الانتفاضة الأولى أرقام وحقائق

ووفق وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، أشارت إحصائيات مؤسسة رعاية أسر الشهداء والأسرى إلى استشهاد 1550 فلسطينيًا، اعتقال 100 ألف خلال الانتفاضة.

كما تشير إحصائيات مؤسسة الجريح الفلسطيني إلى أن عدد جرحى الانتفاضة يزيد عن 70 ألفًا، يعاني نحو 40% منهم من إعاقات دائمة، 65% يعانون من شلل دماغي أو نصفي أو علوي أو شلل في أحد الأطراف، بما في ذلك بتر أو قطع لأطراف مهمة، كما كشفت إحصائية أعدتها مؤسسة التضامن الدولي أن 40 فلسطينيًا سقطوا خلال الانتفاضة داخل السجون ومراكز الاعتقال الإسرائيلية، بعد أن استخدم المحققون معهم أساليب التنكيل والتعذيب لانتزاع الاعترافات.

وصدر عن مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الاراضي المحتلة (بيتسيلم) تقرير بمناسبة الذكرى السنوية العاشرة للانتفاضة أكد استشهاد 1346 فلسطينيًا من بينهم 276 طفلًا، على أيدي قوات الأمن الاسرائيلية و162 شهيدًا على أيدي ما يسمى بالوحدات الخاصة، فضلا عن استشهاد 133 فلسطينيًا على أيدي المدنيين (المستوطنين) الإسرائيليين، فيما قتل 256 مدنيًا اسرائيليًا، على أيدي الفلسطينيين، وقتل 127 رجل أمن إسرائيليًا على أيدي الفلسطينيين.

وذكر المركز أنه تم ترحيل 481 فلسطينيًا من الأراضي المحتلة، تعذيب عشرات الآلاف من الفلسطينيين خلال استجوابهم، إصدار 18000 أمر اعتقال إداري ضد فلسطينيين، هدم 447 منزلًا فلسطينيًا (على الأقل) هدمًا كاملًا كعقوبة، إغلاق 294 منزلًا فلسطينيًا (على الأقل) إغلاقًا تامًا كعقاب، هدم 81 منزلًا فلسطينيًا (على الأقل) هدمًا كاملًا خلال قيام جنوب الاحتلال الإسرائيلي بعمليات البحث عن المطلوبين.

وتابع أنه جرى هدم 1800 منزل فلسطيني (على الأقل) بحجة قيام أصحابها بالبناء بدون ترخيص، فيما بلغ عدد المتواطئين الذين قُتلوا على أيدي فلسطينيين حتى نهاية نوفمبر 1997 نحو 1068 شخصًا، مع إرغام عشرات الآلاف من الفلسطينيين المتزوجين من غير المقيمين في المناطق المحتلة العيش بعيدًا عن بعضهم البعض، ترحيل مئات الزوجات والأزواج والاطفال المقيمين في المناطق المحتلة بحجة انتهاء فترة زيارتهم ولا يملكون بطاقة إقامة، وتقييد زيارة الأقارب للمناطق الفلسطينية.