ثمّن إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، اليوم الأربعاء، موقف مصر الراسخ والثابت والاستراتيجي من مخطط التهجير، لافتًا إلى أن هذا الموقف يأتي بالاتفاق والاندماج الكامل مع الإرادة الفلسطينية، وأن هذا الاتفاق أسقط أحد الأهداف الاستراتيجية لهذا العدوان وهو تهجير الشعب الفلسطيني وإفراغ قطاع غزة من سكانه باتجاه مصر.
وأضاف "هنية" في مداخلة هاتفية لـ"القاهرة الإخبارية" أن مخطط التهجير أشبه بـ"حلم إبليس بالجنة"، فالشعب الفلسطيني متجذر في أرضه ولن يرحل أو يهاجر من أرضه، لافتًا إلى أن موقف مصر ثابت واستراتيجي من رفض أي نزوح فلسطيني إلى الأراضي المصرية على حساب القضية الفلسطينية وعلى حساب وحدة الشعب ووحدة الأرض الفلسطينية.
وقال إن المعركة في غزة غير مسبوقة، وحملت أهدافًا كبيرة بحجم القضية الفلسطينية، وبحجم طبيعة الصراع الذي جري بين فلسطين ودولة الاحتلال.
وأضاف أنه يستطيع التأكيد أن جملة من الأهداف تم إنجازها قبل أن تنتهي هذه المعركة، منها على سبيل المثال عودة قضية فلسطين مجددًا لواجهة العالم وواجهة التداول الإقليمي والدولي، بعد أن تراجعت قبل هذه المعركة في سلم الاهتمام لأسباب لا يسمح الوقت لسردها.
وأوضح أن من الأهداف أيضًا التي تم تحقيقها في هذه العملية البطولية، أنها ضربت مفهوم أن جيش الاحتلال جيش أسطوري لا يُقهر في مقتل، رغم الفارق الكبير في حجم القوة والعتاد والعدة التي يمتلكها الجيش الإسرائيلي.
ولفت رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إلى أن الهدف الثالث هو إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية في بُعدها العربي والإسلامي والإنساني وظهر هذا جليًا سواء في القمة الدولية في القاهرة أو القمة الإسلامية أو القمة العربية الإسلامية التي عُقدت في السعودية، حيث كانت قضية فلسطين لها الأولوية لدى كل الزعماء في هذه المؤتمرات، وهذه الأهداف ذات بُعد استراتيجي تحمل رسالة معينة وواضحة، وهي أن الشعب الفلسطيني يريد الحرية لأرضه، وأن يعيش كريمًا فوق هذه الأرض، وآن للظلم التاريخي الذي تعرض له منذ النكبة وحتى الآن أن ينتهي.
كما قال إنه آن للعالم أن يصغى لأنّات الشعب الفلسطيني وتضحياته على مدى عقود من الصراع خاضها الشعب الفلسطيني وخاضتها شعوب الأمة العربية وفي مقدمتها جمهورية مصر العربية في حروب سابقة.
وأكد أنه لا شك أن العدو الصهيوني عمد منذ بداية هذا العدوان إلى ضرب ومحاصرة كل المستشفيات في شمال وجنوب غزة، ومنع دخول الأدوية والوقود للمستشفيات، واستهدف الأطقم الطبية واعتقل عشرات من العاملين في المنظومة الصحية بجانب المجزرة البشعة التي ارتكبها الاحتلال في المستشفى المعمداني، مشيرًا إلى أنه يمكن القول إن جميع المستشفيات في شمال قطاع غزة أصبحت خارج الخدمة، وأهمها مجمع الشفاء الطبي الذي لا يعمل الآن ولا بخُمس طاقته، بالإضافة للاستهداف الجنوني للمستشفى الإندونيسي ومجزرة مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، فضلًا عما تتعرض له المستشفيات في جنوب القطاع.
وتابع "نحن أمام كارثة غير مسبوقة على المستوى الإنساني والصحي، في ظل حرمان شمال القطاع من أن تصله المساعدات والعمليات الإغاثية بما في ذلك الاحتياجات الصحية والطبية".
كما أكد إسماعيل هنية، أن اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي تم في بداية العدوان وصوتت 122 دولة لصالح وقف المذبحة والهولوكوست الجديد في قطاع غزة، كان بلا شك هو الاتجاه الصحيح والسليم.
وأضاف رئيس المكتب السياسي لحماس أن الأمم المتحدة تعمل الآن بشكل أو بآخر على إدخال المساعدات إلى قطاع غزة، وتتولى ذلك من خلال التنسيق مع الأشقاء في مصر والهلال الأحمر الفلسطيني.
وذكر أن الأداء الذي تعمل به الأمم المتحدة ليس مقبولًا، وليس بالدرجة الكافية ولا يتلاءم مع حجم المأساة الإنسانية التي يمر بها قطاع غزة، مؤكدًا قوله أكثر من مرة إن الأمم المتحدة بما تمثله من منظمة ضامنة للأمن والسلم الدوليين عليها أن تتحرر من القيود الأمريكية وألا تخضع للإملاءات الإسرائيلية، سواء فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية أو الإغاثية، وعليها أن تعيد النظر في ديناميكية العمل داخل قطاع غزة بما فيها حماية النازحين الذين نزحوا إلى مدارس الأونروا ووكالات الغوث.
وأشار إسماعيل هنية إلى أن العدو الصهيوني في بداية الحرب لم يكن يرغب في أية مفاوضات للتبادل أو استرداد المدنيين، في الوقت الذي أعلنت فيه حركة حماس أن هؤلاء المدنيين غير مستهدفين وأنهم ضيوف على قطاع غزة، وأن حماس جاهزة للإفراج عنهم في الوقت الذي يتوقف فيه العدوان على القطاع، وأن هذا السيناريو ظل لمدة 45 يومًا، وعندما وصل العدو إلى قناعة أنه لن يستطيع أن يحرر أي أسير أو محتجز بالقوة العسكرية مهما كانت، رضخ إلى إرادة الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية وقَبِلَ بعملية التبادل بجهد مصري قطري.
وأعرب هنية عن تقديره للجهد المصري القطري وأنهما عملا على مدار أسابيع للوصول إلى الهدنة، وأن حركة حماس أبدت المرونة الكافية والتزمت بكل ما ترتب عليها من التزامات، ورأى العالم كيف تعامل القسّام مع كل الأسرى والمحتجزين المدنيين الإسرائيليين، وتشهد على ذلك الفيديوهات التي عكست القيم والأخلاق للمقاتل العربي المسلم، في الوقت نفسه الذي رأينا فيه أطفالنا الذين تحرروا بعضهم خرج مكسور الذراعين وبدون ملابس، هذا غير حكيهم عن التعذيب والضرب الذي تعرض له الأسرى داخل سجون الاحتلال.
كما ذكر أن الحركة أنهت مرحلة تسليم الأطفال والنساء، وأن الدخول في أية مفاوضات جديدة للتبادل مرهون بوقف تام للعدوان على قطاع غزة، وأنه لن تُجرى أية مفاوضات في ظل المجازر والمذابح وقتل الأطفال والنساء والشيوخ، مؤكدًا أنه في حال توقف العدوان وإطلاق النار نحن مستعدون أن نستأنف المفاوضات لتبادل جميع الأسرى والوصول إلى صفقة شاملة.
وأوضح أن التسوية الشاملة مرتبط بالأسرى وإنهاء الحصار على غزة والمسار السياسي للشعب الفلسطيني الذي يريد دولة مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس، وحق تقرير المصير وفق القرارات الدولية ذات الصلة، لافتًا إلى أن كل ما سبق بالتأكيد يأتي على مراحل، لكن العدو إذا أوقف عدوانه وانسحبت قوات الجيش الإسرائيلي من كامل قطاع غزة بالتأكيد فإن الحركة جاهزة لاستئناف المفاوضات لوصول لصفقة شاملة حول هذا الموضوع.