فرشاة وورقة بيضاء قد يكونا مجرد أدوات لا جدوى من توافرها لدى البعض، إلا أنها بمثابة حلم يبحث عنه أطفال غزة، فهم في حاجة لإطلاق العنان لخيالهم أن يذهب بعيدًا عن الدمار والدماء الذي يحيط بهم من كل حدب وصوب، حتى ولو لدقائق صغيرة لعلها محاولة منهم دون أن يدركوا للاستشفاء من الحرب وويلاتها.
على ركام المنازل"المقصوفة"، وتحديدًا داخل إحدى منازل محافظة خان يونس المكلومة، أخذت طواقم الدعم النفسي الاجتماعي التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني على عاتقها أن يحاولوا، حتى ولو بأقل الإمكانيات، أن يدعموا هؤلاء الصغار وما تبقى من ذويهم من خلال تدشين معرض رسومات بعنوان "رغم الأمل بسمة أمل" لمنح هؤلاء الأطفال النازحين الذين لا حول لهم ولا قوة الفرصة للتعبير عن مشاعرهم من خلال الرسم.
الرغبة في الرسم كان واحدًا من الأحلام الصغيرة التي طالما نادى بها أطفال غزة منذ يومهم الأول للقصف، الذي زاد مع استمراره وارتفاع وتيره القتال وكأنهم يريدون تجسيد ما احتفظت به عقولهم الصغيرة.
الوطن والشهداء والبيوت المهدمة كانت حاضرة في رسومات الأنامل الصغيرة، وغلب على الورق الأبيض العلم الفلسطيني وصورة الأم الراحلة وكذلك الأب والأشقاء.
لم تغب طائرات ومدرعات الاحتلال عن خيال أطفال غزة، وكأنها تأبى أن تغادرهم، فبعض هؤلاء الصغار دوّنها وهي ترحل من فلسطين بلا عودة، والبعض الآخر جسّد جنود الاحتلال الذين عاثوا في غزة دمارًا وموتًا بأنهم أشباح تقبض الأرواح.