لمشاهير الفن والأدب حياة ثرية، حمّست العديد من صناع المسلسلات التليفزيونية لتقديمها في إطار درامي على الشاشة الصغيرة، خاصة أن المشاهد يرغب دومًا في معرفة كواليس وأسرار النجوم، ورحلة صعودهم وحياتهم الخاصة.
ويتابع الجمهور العربي حاليًا قصة حياة أحد أبرز نجوم السينما المصرية نجيب الريحاني الشهير بلقب "الضاحك الباكي"، وهو نفس اسم المسلسل الذي يؤدي دور البطولة به الفنان المصري عمرو عبد الجليل، ويكشف الكثير من التفاصيل الخاصة بالفنان الراحل والتي قد لا يعرفها الكثيرون، محققًا نسبة اهتمام جماهيري ونقدي كبيرين، إذ إنه عن فنان صاحب مدرسة خاصة في الأداء، ويعد نموذجًا يُحتذى به.
ونرصد في هذا التقرير أبرز أعمال السير الذاتية التي تناولت قصص حياة المشاهير، فما بين مسلسلات ناجحة نالت رضا النقاد والجمهور، وأعمال أخفقت في ذلك ودار حولها الكثير من الجدل، شهدت شاشات التليفزيون العربي على مدار العقود الماضية الكثير من الحكايات.
طه حسين: الأيام
حياة عميد الأدب العربي طه حسين ثرية بالعديد من التفاصيل المهمة، والتي جسدها مسلسل "الأيام" عام 1979، وقدّم شخصيته الفنان المصري الراحل أحمد زكي، وشاركه البطولة يحيى شاهين، أمينة رزق، حمدي غيث ومحمود المليجي وكان من إخراج يحيى العلمي.
وساهم المسلسل في أن يضع أحمد زكي على درب مختلف للنجومية، متميزاً عن نجوم جيله، وتغيرت كثيراً النظرة إلى الممثل الأسمر الشاب، خاصة مع صعوبة تجسيد شخصية الأديب الراحل.
أم كلثوم
تاريخ كوكب الشرق أم كلثوم ملِيء بالمحطات الفنية والغنائية المهمة، مما جعل قطاع الإنتاج بالتليفزيون المصري يقدم مسلسلًا عن سيرتها الذاتية عام 1999، وجسّدت شخصيتها الفنانة المصرية صابرين، وشاركها البطولة حسن حسني وسميرة عبد العزيز، وأخرجته إنعام محمد علي، ونال العمل العديد من الإشادات من قبل الجمهور ونسبة مشاهدة عالية، خاصّة أن صابرين ابتعدت عن المنطقة الشائكة ولم تورط نفسها في تقليد كوكب الشرق، لكنها عايشت الشخصية من ناحية الشكل والطريقة.
محمد متولي الشعراوي: إمام الدعاة
جسّد الفنان المصري حسن يوسف، حياة الشيخ محمد متولي الشعراوي، بمسلسل "إمام الدعاة" عام 2002، تأليف بهاء الدين إبراهيم وإخراج مصطفى الشال، ويرجع الفضل إلى المسلسل في إعادة تقديم حسن يوسف إلى جمهوره مرة أخرى بأداء مختلف عما اشتهر به "الولد الشقي"، ورغم أنه حاول ذلك من قبل من خلال مسلسل "ابن ماجه القزويني" قبلها بعامين، لكن نجاح إمام الدعاة كان منقطع النظير.
سعاد حسني: السندريلا
قدمت الفنانة المصرية منى زكي، مسلسل "السندريلا" عام 2006، الذي يتناول السيرة الذاتية للفنانة الراحلة سعاد حسني، وشاركها البطولة غادة رجب ويوسف الشريف ومدحت صالح، تأليف ممدوح الليثي وعاطف بشاي، وإخراج سمير سيف.
ولأن الاقتراب من تجسيد شخصية سعاد حسني ليس أمراً سهلاً، تعرض المسلسل للعديد من الانتقادات، إذ إنه إضافة إلى عدم ارتقاء الأداء التمثيلي لأبطاله، لم يتناول تفاصيل كثيرة في حياة الراحلة، وسرد حكايات اعتبرتها عائلة السندريلا خاطئة، والتي لجأت للقانون لوقف العمل، وكاد أن يتحقق ذلك لولا إجراء بعض التعديلات الطفيفة.
عبد الحليم حافظ
قُدِمت شخصية العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، في أكثر من عمل فني، منها فيلم سينمائي يحمل اسم "حليم"، وجسد شخصيته الفنان المصري الراحل أحمد زكي عام 2006، حيث أصر على تقديم رحلة العندليب رغم مرضه الشديد، وذلك لأنه كان يحلم بذلك، وشعر أن هناك العديد من التشابه بينهما.
لكن نجاح زكي في تجسيد شخصية طه حسين لم يتكرر في "حليم"، وغفر له الجمهور والنقاد الأمر، لأنه كان يمر بظروف صحية صعبة، بل توفي أثناء تصوير العمل ليكمل المشاهد ابنه (الراحل) هيثم أحمد زكي.
وقبل فيلم حليم، تناول مسلسل تليفزيوني في عام 1979 حياة الراحل عبد الحليم حافظ حمل اسم شهرته "العندليب الأسمر"، وجسّد شخصيته الفنان المصري الراحل عماد عبد الحليم، الذي كان العندليب متبنيه فنيًا لإيمانه بموهبته، وشاركه البطولة فردوس عبد الحميد وعلي عزب، ومن تأليف نبيل عصمت، وإخراج فتحي عبدالستار.
وفي عام 2006، أُعيد تقديم حياته مرة أخرى خلال مسلسل تلفزيوني يحمل اسم "العندليب: حكاية شعب"، وجسد شخصيته الفنان المصري شادي شامل، وشاركه البطولة عبلة كامل وكمال أبو رية ولقاء الخميسي، تأليف مدحت العدل وإخراج جمال عبد الحميد.
وتعرض المسلسل للعديد من الانتقادات، اتفقت معظمها على أن الفنان الشاب شادي شامل – الذي كان يخوض تجربته التمثيلية الأولى- كان يحتاج لخبرة فنية أكثر.
أسمهان
في عام 2008، قدمت الفنانة السورية سولاف فواخرجي السيرة الذاتية للفنانة السورية الراحلة أسمهان، خلال مسلسل يحمل الاسم نفسه "أسمهان"، وشاركها البطولة فراس إبراهيم، ورد الخال وعابد فهد، تأليف سعيد أبو العينين وقمر الزمان علوش وإخراج التونسي شوقي الماجري، ورغم تحقيقه نجاحاً، إلا أن النقاد اختلفوا عليه من ناحية اختيار الممثلين في أدوار الفنانين الراحلين، وطريقة تناول حياتها حتى رحيلها.
إسماعيل ياسين: أبو ضحكة جنان
قدّم الفنان المصري أشرف عبد الباقي حياة الفنان الكوميدي الراحل إسماعيل ياسين، خلال مسلسل تليفزيوني يحمل اسم "أبو ضحكة جنان" عام 2009، وشاركه البطولة رانيا فريد شوقي وصلاح عبد الله وتأليف أحمد الإبياري وياسين إسماعيل ياسين ابن الراحل إسماعيل ياسين، وإخراج محمد عبد العزيز.
وعلى الرغم من أن معظم معلومات العمل صحيحة، إلا أن أداء أشرف عبد الباقي لم يلق الإعجاب المرتقب، ولامته بعض الأقلام النقدية على الاكتفاء بتقليد نجم الكوميديا الراحل، دون التعمق في تفاصيل الشخصية.
ليلى مراد: أنا قلبي دليلي
قدمت الفنانة الأردنية صفاء سلطان حياة الفنانة الراحلة المصرية ليلى مراد من خلال مسلسل يحمل اسم إحدى أغنياتها الشهيرة "أنا قلبي دليلي" عام 2009، وشاركها البطولة أحمد فلوكس وأحمد راتب وعزت أبو عوف، واستند العمل على قصة صالح مرسي، وتأليف مجدي صابر وإخراج السوري محمد زهير رجب.
وتلقى العمل العديد من الانتقادات الخاصة باختيار فنانة أردنية لتجسيد قصة المصرية ليلى مراد، إذ إن اللهجة لم تكن منضبطة.
صباح: الشحرورة
قدمت الفنانة اللبنانية كارول سماحة قصة حياة الفنانة اللبنانية "صباح" من خلال مسلسل يحمل اسم "الشحرورة" عام 2011، تأليف فداء الشندويلي وإخراج أحمد شفيق.
وعلى الرغم من الصداقة التي جمعت بين كارول سماحة وصباح، جعلتها الأنسب لتقديم شخصيتها في العمل، إلا أن المطربة الشهيرة بـ"الشحروة" أعلنت غضبها مما أسمته بمغالطات واضحة في الحلقة الأولى، الأمر الذي دفع الجهة المنتجة إلى الاعتذار لها، ومن أجل تلاشي أي أخطاء أخرى حيث كتبت على التتر أن العمل به بعض المشاهد من وحي خيال المؤلف، وعادت صباح لتؤكد إعجابها بأداء كارول وطريقة غنائها.
تحية كاريوكا
قدمت الفنانة المصرية وفاء عامر حياة الفنانة المصرية الراحلة تحية كاريوكا خلال مسلسل تليفزيوني يحمل اسم "كاريوكا" عام 2012، وشاركها البطولة عزت أبو عوف وفادية عبد الغني ومحمد رمضان، تأليف فتحي الجندي وإخراج عمر الشيخ، وحاز العمل على إعجاب عدد كبير من الجمهور.
الملكة نازلي
قدمت الفنانة المصرية نادية الجندي حياة الملكة الراحلة نازلي من خلال مسلسل تليفزيوني يحمل اسم "ملكة في المنفى" عام 2010، تأليف راوية راشد وإخراج محمد زهير رجب ووائل فهمي عبد الحميد.
وواجه العمل العديد من الملاحظات على بعض الأخطاء التاريخية في المسلسل.
سير ذاتية لم ترى النور
رغم تأكيد السيناريست هيثم دبور أنه حصل على حقوق تحويل مذكرات الفنان العالمي الراحل عمر الشريف إلى عمل فني، وموافقة ابنه طارق عمر الشريف وسيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، لكن حتى الآن لم يتم اختيار الفنان الذي سيجسد دوره.
مصطفى محمود
كشف الفنان المصري خالد النبوي عن تقديم حياة العالم المصري الراحل مصطفى محمود خلال مسلسل تليفزيوني يحمل اسمه "مصطفى محمود"، دون تحديد موعد عرضه، رغم طرح البرومو الخاص به.
نجيب محفوظ
أعلن الفنان المصري أحمد حلمي عن استعداده لتقديم شخصية الأديب المصري العالمي نجيب محفوظ في عمل فني، ولكن لم يخرج للنور حتى الآن رغم اتفاق المؤلف عبدالرحيم كمال مع ابنة الأديب العالمي.
أحمد زكي
أعلن الفنان المصري محمد رمضان عن تقديم مسلسل تليفزيوني يحمل اسم "الإمبراطور" ويقدم فيه السيرة الذاتية للفنان الراحل أحمد زكي، ولكنه توقف فجأة بعد اعتراض الورثة على ذلك لعدم الرجوع إليهم في تفاصيل العمل، وهو من تأليف بشير الديك.
السير الذاتية في مرمى النقاد
ترى الناقدة السورية لمى طيارة أن أعمال السير الذاتية تكون فرصة كبيرة لجيل كامل من الشباب ليتعرف على شخصيات قد لا يقرأ عنها أو يعرف عنها أي معلومة، كما أنها توثق لفترات زمنية مهمة، وخاصة مع تقديمها بشكل مميز، مثلما حدث مع مسلسل "الأيام" لطه حسين، معتبرة أنه أحد أفضل الأعمال التي وثقت السير الذاتية لهذا الرجل وعرفتنا عليه.
وتضيف طيارة لموقع "القاهرة الإخبارية": كذلك الأمر بالنسبة للمسلسل الذي سلّط الضوء على حياة السيدة أم كلثوم الشخصية والفنية، حتى الأحداث السياسية التي شهدتها تلك الفترة، لذلك نشعر أن مثل هذه الأعمال لها دور كبير في التوثيق والتأريخ لشخصيات مهمة لابد من أن نعلم من هي.
وأشارت الناقدة السورية إلى أنه بطبيعة الحال هناك أعمال درامية تحقق نجاحا وأخرى تخفق، ولكن تظل السيرة الذاتية جزءًا من الأعمال الدرامية.
بينما قال الناقد المصري أندرو محسن، في تصريح لموقع "القاهرة الإخبارية" إنه لا بد عند تقديم أي عمل يتناول سير ذاتية، الرجوع لورثة الراحل وقراءة مذكراته أو العودة لتصريحات تليفزيونية أو إذاعية له حتى يتم الإلمام بالشخصية خاصة لو حياتها مليئة بالتفاصيل والمحطات الفنية، بينما عاب على بعض أعمال السير الذاتية التي تتناول حياة المشاهير بمنطق الاستسهال.