قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانها على قطاع غزة، ودمرت مبنى الأرشيف المركزي، وأعدمت آلاف الوثائق التاريخية التي تعد إرثًا لأهالي القطاع .
ويهدف هذا الهجوم المتعمد إلى نشر الفوضى وتغييب الحقائق، حيث دكت آلة الحرب الإسرائيلية مقر بلدية غزة الذي يضم مبني به وثائق يعود عمرها إلى أكثر من 150 عامًا، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).
كان جيش الاحتلال أبلغ البلدية في اتصال هاتفي بضرورة إخلاء المبنى، وتم قصف مبنى الأرشيف الذي يقع في وسط المدينة بميدان فلسطين، ويضم مباني ووثائق تاريخية قديمة عمرها أكثر من 150 عامًا، إضافة إلى الأرشيف المركزي للمدينة وخرائط ودراسات هندسية ودوائر التحكم والمراقبة لآبار المياه وشبكات الصرف الصحي.
وطال القصف طابقين من المبنى المؤلف من خمسة طوابق، وأدى إلى إحراق وثائق تاريخية ذات قيمة كبيرة في الأرشيف المركزي، وإعدام آلاف الوثائق التاريخية التي توثق مبني المدينة ومراحل تطورها العمراني، فيما اعتبره البعض استهدافًا لذاكرة مدينة غزة.
ويرى البعض أن الاحتلال تعمد قصف المبنى وإعدام الوثائق بهدف إدخال المدينة في حالة من الفوضى وتدمير كل ما يرمز إلى تاريخ المدينة وحضارتها، لا سيما أن الأرشيف يضم وثائق تاريخية يزيد عمرها على 150 عامًا.
وقالت وزارة الثقافة الفلسطينية إن الاحتلال استهدف المنشآت المدنية والمرافق الخدماتية ما يمثل خرقًا واضحًا للقانون الدولي الإنساني، داعية المجتمع الدولي للوقوف عند مسؤوليته ولجم الاحتلال ووقف استهدافه للمدنيين والمنشآت المدنية.
ودمر الاحتلال الإسرائيلي مختلف مناحي الحياة المدنية والإنسانية والمرافق الخدماتية وتسبب في مأساة إنسانية كبيرة بالمدينة ومختلف مناطق قطاع غزة.
كانت آلة الحرب الإسرائيلية قصفت بالصواريخ مبنى مركز "رشاد الشوا" الثقافي غرب مدينة غزة، الذي يعتبر من أهم المعالم التاريخية والثقافية، وكان عقدت فيه جلسة للمجلس الوطني الفلسطيني بحضور الرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات أبو عمار والرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلنتون.
سحق منطقة الجندي المجهول
كما دمّر الاحتلال مقر المجلس الوطني غرب المدينة وسحق منطقة الجندي المجهول في حي الرمال غرب المدينة.
وقالت وزارة الثقافة لـ"وفا"، إن الاحتلال تعمد قصف مبنى البلدية وهو مبنى ضخم يضم في أجزائه الأرشيف التاريخي الذي تعرض للقصف بشكل مباشر.
وأضافت أن هذا العدوان أدى إلى تدمير آلاف الوثائق التي يزيد عمرها على أكثر من 150 عامًا، وتجسد وتحفظ تاريخ العمل البلدي في مدينة غزة العريقة والقديمة.
وأشارت إلى أن هذه الوثائق تعتبر مرجعًا لتاريخ العمل البلدي للمدينة، خاصة لما تحتويه مدينة غزة من بلدة قديمة، وأحياء قديمة معروفة ومشهورة مثل حي الزيتون وحي الدرج، وهي شاهدة على تاريخ المكان وحضارته، ووجود الشعب الفلسطيني فيه قبل الاحتلال.
واعتبرت أن هذا العمل يهدد التاريخ الاقتصادي والاجتماعي لمدينة غزة.
وأوضحت الوزارة، أن غزة في هذه الحرب عادت سنوات إلى الوراء، بسبب ضياع وقصف جزء كبير من إرثها وأحيائها ومبانيها العريقة، خاصة عندما يتم الحديث عن البلدة القديمة في غزة التي تضم أكثر من 160 مبنى ومسجدًا قديمًا.
وقالت، نؤمن بأن هذه المباني وإن قصفت تبقى حجارتها شاهدة على تاريخ المكان الذي لا يمكن محوه، والعالم شاهد كيف استهدفت إسرائيل هذه المواقع والأماكن التاريخية.
محو اسم وتاريخ فلسطين وتراثها
واعتبرت أن الهدف من وراء قصف الاحتلال الممنهج لهذه الأماكن هو محو اسم وتاريخ فلسطين وتراثها.
وأكدت أنه بهذا الاستهداف فضح الاحتلال جرائمه أكثر في هذه الحرب، وبدا أكثر همجية، باستهدافه لهذه الأماكن، كونه ليس لديه رواية حقيقية عن وجوده في هذا المكان، بل عمل على طمر آثار وحفر تحت الأرض وخاصة تحت المسجد الاقصى، وفي سبسطية التي تعتبر في الضفة جوهر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لكن لم يستطع بأي فعل وأي شكل من الأشكال أن يثبت أنه كان موجودًا على هذه الأرض.
وشددت على أن التاريخ لا ينسى، وهو موثق وحفظته الأجيال جيلا بعد جيل.
وأكدت الوزارة أن المطلوب هو التوجه للمجتمع الدولي والمؤسسات الدولية التي مهمتها الحفاظ على تراث الشعب وتراث المكان، وإعلاء الصوت على المستوى الإعلامي للحديث عن جرائم الاحتلال وأهدافه في محو التاريخ الفلسطيني ومحاولاته في طمس حقنا، وهذا لن يحدث، والتوجه لحماية هذه المواقع وإعادة ترميمها وبنائها لتعود كما كانت.