زادت الصين من تنسيقها وتعاونها مع دول الجنوب العالمي في الشهر الماضي، من خلال حراك دبلوماسي غير مسبوق في الآونة الأخيرة، خاصة منذ اندلاع الصراع بين إسرائيل وحماس ودخول القتال أسبوعه السابع، قبل تنفيذ هدنة إنسانية تنتهى اليوم، حسبما ذكرت صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست".
ويعد الجنوب العالمي كيانًا جغرافيًا سياسيًا صاعدًا حديثًا يضم الدول النامية وما بعد الاستعمارية - على عكس القوى الغربية التقليدية في نصف الكرة الشمالي بقيادة الولايات المتحدة. ويعتبر الشرق الأوسط هو منطقة رئيسية في الجنوب العالمي.
ومع اكتساب الزخم للتواصل الدبلوماسي لبكين مع المنطقة بعد اجتماع عالمي أشاد بمبادرة الحزام والطريق الخاصة بها، أعربت بشكل أكثر نشاطًا عن تضامنها مع الفلسطينيين والدول العربية والروس في المحادثات والبعثات الدبلوماسية.
وتميز رد الصين كحالة نادرة بين القوى الكبرى بعد أن شنت الفصائل الفلسطينية، هجومًا مفاجئًا على إسرائيل في 7 أكتوبر، بحسب الصحيفة.
وجاءت الإدانة العامة للصين لـ"كل أشكال العنف والهجمات ضد المدنيين" في مقابل الردود الحازمة ضد حماس في الولايات المتحدة والهند ومعظم الدول في أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
لكن رد بكين كان متسقًا مع سياسة الصين المتبعة منذ فترة طويلة بالابتعاد عن الصراعات الأجنبية، وكذلك دعوات معظم الدول العربية إلى ضبط النفس.
وبعد أن أعلنت إسرائيل الحرب على غزة ضد حماس، وتعهدت بالقضاء على الفصائل الفلسطينية، قطعت الدولة اليهودية عن القطاع الكهرباء والغذاء والماء بالإضافة إلى الهجوم البري الذي اجتاح القطاع. وأدى العدوان الإسرائيلي في الأسبوع الأول إلى جانب أمر إخلاء الغزيين قبل هجوم إسرائيلي بري متوقع، إلى دفع بكين لتكثيف لهجتها ضد إسرائيل، حيث قال وزير الخارجية الصيني وانج يي، إن "أفعال إسرائيل تجاوزت الدفاع عن النفس".
وفي اتصال مع نظيره السعودي، قال وانج، إن تل أبيب يجب أن توقف "العقاب الجماعي" لمدنيي غزة، إلى جانب تزايد دعوات واحتجاجات من الجنوب العالمي التي كانت متعاطفة مع الفلسطينيين.
وفي الأسبوعين الأولين من الحرب، اتصل "وانج" أيضًا بكبار المسؤولين من البرازيل والولايات المتحدة والسعودية وإيران ومصر، قائلاً إن بكين تدعم الجهود الرامية إلى استعادة "الحقوق المشروعة" للشعب الفلسطيني وتدعم الدول العربية في تشكيل "موقف مشترك وصوت موحد".
ومع ذلك، تضمن الرد الصيني في الغالب مكالمات دبلوماسية قبل انعقاد اجتماع كبير، منتدى الحزام والطريق، ولم يعلق الرئيس شي جين بينج علنًا إلا في اجتماعاته الجانبية مع قادة الدول في الحدث.
وشملت هذه المناقشات لقاءات مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي - عندما أعرب شي عن دعمه لوقف إطلاق النار فورًا وللدول العربية في التوسط لإيجاد "حل دائم" للأزمة.
وبدأ المبعوث الصيني الخاص إلى الشرق الأوسط، تشاي جون، مهمته إلى المنطقة بعد الحدث وحضر مؤتمر السلام في القاهرة، حيث قال، إن الصين مستعدة لـ"فعل أي شيء يسهم" في تعزيز الحوار واستعادة السلام في غزة.
وقال تشاي إن الصين وروسيا - لاعب آخر مهم في الجنوب العالمي - "تتقاسمان الموقف نفسه" وستعملان بشكل وثيق معًا، عندما التقى نظيره الروسي، ميخائيل بوجدانوف، في أول محطة له في قطر.
وشملت رحلته المستمرة محطات في الإمارات العربية المتحدة والسعودية. وقد يزور الأردن أيضًا، لكنه لم يعلن عن محطات في إسرائيل أو إيران، وهو ما قال المحللون، إن الصين يمكن أن تمارس نفوذًا عليها مع تزايد المخاوف من دعم طهران لمزيد من الجماعات المسلحة للانضمام إلى الحرب.
وفي الأسبوع الذي تلى بدء رحلة تشاي، اتصل وزير الخارجية وانج بإسرائيل لأول مرة منذ بدء الحرب، محذرًا من أن "كل دولة لها الحق في الدفاع عن النفس، لكن يجب أن تلتزم بالقانون الدولي وتحمي سلامة المدنيين"، مع ارتفاع حصيلة القتلى.