كشف تحليل لبيانات الأقمار الصناعية، عن أن جيش الاحتلال الإسرائيلي ألحق خسائر جسيمة في نصف المباني في شمال غزة خلال عملياته العسكرية التي استغرقت 42 يومًا ضد الفصائل الفلسطينية. وتظهر الصور والفيديوهات المنشورة على الإنترنت والتلفزيون مشاهد مروعة للحطام والخراب في الشوارع والأسواق والمدارس والمساجد التي كانت تعج بالحياة، حسبما ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.
ويعيش الآن ما يقرب من 2.3 مليون من سكان غزة تحت خطر الإخلاء، ويضطرون إلى الاكتظاظ في خيام أو شقق مزدحمة، وتشح الكهرباء والماء والغذاء، وتصعب الأوضاع الصحية والأمنية، وتحاول الأمم المتحدة ومصر تقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين، والضغط على إسرائيل لوقف العنف.
وتفضح البيانات مسار القوات الإسرائيلية التي اخترقت القطاع من الشمال باتجاه مستشفى الشفاء، وهو أحد أهم الأهداف العسكرية لإسرائيل، التي تدعي وجود أنفاق لقادة حماس تحته.
وقد استخدم الباحثان كوري شير وجامون فان دن هوك، خوارزميات لحساب عدد المباني التي تعرضت لأضرار كبيرة في غزة منذ بدء الحرب، وأظهرت البيانات أن الهجوم الإسرائيلي اتبع مسار غزوه البري، الذي ركز على أهداف عسكرية معلنة، مثل مستشفى الشفاء. وفي طريقه إلى هذا الهدف، دمر الجيش الإسرائيلي منازل ومخيمات للاجئين، مثل منزل زعيم حماس إسماعيل هنية.
وتحول انتباه الجيش الإسرائيلي الآن إلى الجزء الشرقي والجنوبي من مدينة غزة، حيث لم تتأثر المناطق بشكل كبير بالحرب حتى الآن، وأبلغ الفلسطينيون عن وقوع قصف عنيف في هذه المناطق، حيث فر الآلاف من المدنيين من منازلهم؛ بحثًا عن ملاذٍ آمنٍ. ووعد وزير الدفاع الإسرائيلي، بأن الحرب ستستمر حتى تحقيق أهدافه العسكرية في غزة.
ويُعاني الآلاف من الفلسطينيين في قطاع غزة من النزوح والجوع والعطش، بعد أن أمرتهم إسرائيل بمغادرة منازلهم في خان يونس وغيرها من المناطق الجنوبية. وتقول إسرائيل إنها تستهدف قادة حماس الذين يختبئون في تلك المناطق، وتحذر من أنها ستوسع عملياتها العسكرية.
وقد نجت منطقة دير البلح، التي تضم مزارع النخيل والخيول، من القصف الإسرائيلي حتى الآن، لكنها تواجه خطر الاستهداف في أي وقت. وتعيش بهذه المنطقة الريفية الهادئة العائلات الغنية والمزارعون، وهي أقل ازدحامًا بالسكان من مدينة غزة ومخيمات اللاجئين.
وقد تلقى سكان أربعة أحياء في خان يونس، التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 100 ألف نسمة، منشورات من الجيش الإسرائيلي تطلب منهم الخروج من منازلهم في وقت سابق من هذا الأسبوع. ويقول الفلسطينيون إن هذه الإجراءات تذكرهم بالنكبة، التي هجر فيها مئات الآلاف منهم عند قيام إسرائيل في عام 1948.
وتريد إسرائيل أن تنقل سكان جنوب غزة إلى منطقة صغيرة على الساحل تسمى المواصي، بين رفح وخان يونس. وتقول إسرائيل إن هذه المنطقة أكثر أمنًا للمدنيين، وأنها ستمنع حماس من استخدام الأنفاق والصواريخ، ولكن الفلسطينيين يخشون أن يكون هذا خطوة نحو تقسيم غزة وتهجيرهم من أراضيهم.