صغار يمرحون أمام بيوتهم وآخرون يراجعون واجباتهم المدرسية، بينما في المنازل سيدات يقمن بواجبات الأمومة ورجال يسعون في الأرض المُحاصرة من أجل البقاء، هذا هو حال عائلة "أبو جميزة" الفلسطينية التي كانت تقطن خان يونس عشية السادس من أكتوبر، شأنها شأن غزة المكلومة حتى باغتهم القصف الإسرائيلي في اليوم التالي، ليخطف أرواحهم واحدًا تلو الآخر؛ ليقضي على أثر العائلة من على وجه الأرض.
ظلت عائلة "أبو جميزة"، تقاوم من أجل البقاء على مدار الـ42 يومًا من العدوان الإسرائيلي على القطاع الفلسطيني، وظل الاحتلال يخطف أرواحهم تباعًا حتى لفظت العائلة أنفاسها الأخيرة، وغادر آخر نفس لها من هذه الدنيا، بعد إعلان استشهاد طفلتهم "وتين" والتي كانت الناجية الوحيدة من عائلتها بعد أن داهمتهم غارة إسرائيلية فجر الثلاثاء الماضي.
لم يبحث أحد عن ابنة الـ 4 سنوات فمن يحمل همها سوى أسرتها التي استشهدت، إلا أن الأطقم الطبية حاولت إسعافها على مدار يومين داخل العناية المركزة، لتنقذ نسل " أبو جميزة" إلا أنها أبت أن تعيش في عالم خذلها هي وعائلتها ووطنها.
رحيل "وتين" كان بمثابة إعلان شطب عائلة "أبو جميزة" بأكملها من السجل المدني الفلسطيني؛ لتلحق أفراد أسرتها الذين استشهدوا قبلها بساعات محدودة، فوالدها منير أحمد قاسم أبو جميزة صاحب الـ 50 عامًا ووالدتها هدى صاحبة الـ 40 عامًا وأشقاؤها شمس وريماس وعمها عماد ونجله حذيفة تركوا لها نضال عائلة من أجل الأرض إلا أن جسدها الهزيل لم يقدر على المقاومة.
عائلة "أبو جميزة" لم تكن العائلة الوحيدة التي شهدت إبادة بل سبقتها 55 عائلة فلسطينية أبيدت داخل قطاع غزة بالكامل في الغارات الإسرائيلية.