تظهر الولايات المتحدة، مؤخرًا، وكأنها تتراجع عن دعم مطلق لإسرائيل في هجماتها على غزة، أمر يأتي تماشيًا مع دعم دولي آخذ بالتآكل لهجمات دولة الاحتلال خلال الأسبوعين الأخيرين في غزة، وانطلاق دعوات أوروبية لضبط النفس ووقف إطلاق النار لإنقاذ أرواح المدنيين.
وفي تصعيد كبير للهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، داهمت القوات الإسرائيلية، اليوم الأربعاء، المستشفى الرئيسي في القطاع، وجعلت منه ساحة للقتال وأخضعت أطباء للتحقيق، في ظل ادعاءات برصد نشاط لحركة حماس داخل المشفى، لم تثبتها حتى اللحظة.
خطوة للخلف
قال البيت الأبيض، إن الولايات المتحدة لم توافق على الاقتحام الذي أقدم عليه جيش الاحتلال الإسرائيلي لمستشفى الشفاء، في قطاع غزة، لافتًا النظر إلى أنها تنتهج السلوك نفسه بالنسبة إلى القرارات العسكرية الأخرى التي تتخذها إسرائيل مؤخرًا. بحسب ما أوردت وكالة الأنباء الفرنسية.
وقال جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي: "كنا دائمًا واضحين جدًا مع شركائنا الإسرائيليين حول أهمية الإقلال من الخسائر المدنية. كنا أيضًا واضحين جدًا معهم لجهة وجوب التحلي بانتباه خاص حين نتحدث عن المستشفيات".
وتتعامل الإدارة الأمريكية، مع احتقان داخلي متفاقم، بعد تزايد الأصوات الرافضة للسياسة الداعمة لإسرائيل ضد الفلسطينيين، وفي أحدث إجراء، وقع أكثر من 400 موظف من ديانات وخلفيات مختلفة في إدارة بايدن -هاريس على رسالة مفتوحة تطالبه بالسعي إلى وقف إطلاق النار في الحرب بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، وفك الحصار عن غزة، ومراجعة سياسة واشنطن الداعمة للاحتلال.
ودعت الرسالة، بايدن إلى "المطالبة بشكل عاجل بوقف إطلاق النار، والدعوة إلى وقف تصعيد الصراع الحالي من خلال ضمان الإفراج الفوري عن المحتجزين الإسرائيليين والفلسطينيين المحتجزين تعسفيًا؛ واستعادة خدمات المياه والوقود والكهرباء وغيرها من الخدمات الأساسية؛ ومرور المساعدات الإنسانية الكافية إلى قطاع غزة".
دعم الغرب لإسرائيل يتآكل
والدعم الأوروبي لإسرائيل بدوره آخذًا في التآكل، بعد هجمات لا تتوقف صوب المستشفيات والمنشآت المدنية، والفلسطينيين العزل لا سيما النساء والأطفال منهم، بينما بالمقابل تتمسك إسرائيل بعزمها مواصلة العدوان بدعوى محاربة ما تصفه بـ "الإرهاب".
وبينما لاتزال تتمسك الدول الغربية بحق إسرائيل في الدفاع عن النفس، لكنها لم تخف قلقها المتزايد من ارتفاع أعداد القتلى بين المدنيين في غزة، أحدثها كندا.
قال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو أمس الثلاثاء، إن على إسرائيل أن توقف "قتل النساء والأطفال والرضع".
وقال ترودو في مؤتمر صحفي "أحث حكومة إسرائيل على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس. العالم يشاهد على شاشات التلفزيون وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، نستمع إلى شهادات الأطباء وأفراد الأسر والناجين والأطفال الذين فقدوا والديهم". وأضاف "العالم يشهد هذا القتل للنساء والأطفال والرضع. هذا يجب أن يتوقف".
إسرائيل تتحدى.. سنواصل "حملة غزة"
وأمام التراجع الغربي الجلي، تظهر إسرائيل نبرة واثقة وتكشف عن عزمها مواصلة ما وصفته بـ "حملة غزة".
وظهر رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بلهجة متحدية. في مقطع فيديو، نشره على موقع x، اليوم الأربعاء، وقال إنه تحدث مع الرئيس الأمريكي بايدن، وأنه لن يتخلى عن حملة غزة.
أضاف نتنياهو "قيل لنا إننا لن نصل إلى مدينة غزة. لقد فعلنا ذلك. وقيل لنا إننا لن ندخل الشفاء. دخلنا' في إشارة إلى مستشفى الشفاء في مدينة غزة.
تابع: "لا يوجد مكان في غزة لن نصل إليه". "ليس هناك مخبأ ولا مأوى ولا ملجأ لقتلة حماس"، بحسب قوله.
المدنيون بعيدون عن الأذى!
ورغم الانتقادات لاتزال تتمسك إسرائيل بتصريحاتها الخارجة عن المنطق، بشأن أمان المدنيين، في ظل قصف متواصل فوق رؤوس الفلسطينيين العزل لأكثر من 5 أسابيع.
ورد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على تصريحات ترودو اليوم قائلًا إن إسرائيل تبقي المدنيين بعيدًا عن الأذى.
وكتب نتنياهو على موقع X في منشور موجه إلى ترودو هذا الصباح: "توفر إسرائيل للمدنيين في غزة ممرات إنسانية ومناطق آمنة، وتمنعهم حماس من المغادرة تحت تهديد السلاح".
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، منذ 7 أكتوبر الماضي، العدوان على قطاع غزة، مستهدفًا بضربات جوية وصاروخية لا تنقطع، المنازل والمنشآت المدنية والمستشفيات، مخلفًا حتى الآن أكثر من 11 ألف شهيد 40 بالمائة بينهم من الأطفال، إلى جانب أكثر من 28 ألف آخرين من الجرحى، فضلًا عن نزوح ما يزيد على 1.5 مليون فلسطيني من شمال القطاع إلى الجنوب خوفًا من القتل.