في الوقت الذي تتصاعد فيه التوترات في شبه الجزيرة الكورية؛ جراء التهديدات النووية المستمرة من قبل بيونج يانج، أجرى وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، زيارة إلى سول، للتأكيد على دعم بلاده الصارم لكوريا الجنوبية.
وعلى هامش اجتماعه مع الرئيس الكوري، يون سوك يول، حذر "أوستن" سول من خطر كبير قد تواجهه البلاد على غرار "طوفان الأقصى" الذي شنته فصائل المقاومة الفلسطينية 7 أكتوبر في الداخل الإسرائيلي، حسبما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
ومنذ هجوم 7 أكتوبر، أجرى السياسيون ورؤساء الدفاع في كوريا الجنوبية مقارنات بين ذلك وبين ما قد تفعله بيونج يانج بالجنوب.
لماذا يخشى الجنوب الكوري من هجوم كوري شمالي؟
بالنظر إلى تاريخ الصراع في شبه الجزيرة الكورية، يعيش الجنوب الكوري في حالة توتر مستمرة مع الشمال الكوري منذ انتهاء الحرب الكورية في 1953، والتي لم تنته باتفاق سلام رسمي بل بوقف لإطلاق النار. وقد شهدت العلاقة بين البلدين عدة هجمات مفاجئة من قبل الشمال الكوري، مثل محاولة اغتيال الرئيس الجنوبي بارك تشونج هي في 1968، وغرق سفينة تشيونان وقصف جزيرة يونبيونج في 2010. حسبما ذكرت شبكة "بي بي سي" البريطانية. وكان آخر هجوم كبير لها جاء قبل 13 عامًا، عندما قصف الجنود جزيرة كورية جنوبية، ما أسفر عن مقتل اثنين من مشاة البحرية واثنين من المدنيين.
وقالت وكالة أنباء "يونهاب" الكورية الجنوبية، إنه في السنوات الأخيرة، عمل الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونج أون، على تعزيز قدرته وترسانته النووية، إذ تمتلك بيونج يانج ترسانة نووية متطورة، ويقول "كيم" إنه طور صواريخ قصيرة المدى قادرة على حمل رؤوس نووية تكتيكية. وهذا يزيد من خطورة أي هجوم محتمل من قبل الشمال الكوري، ويخلق حالة من عدم الاستقرار الأمني، حيث يرغب كل طرف في الضرب أولًا.
الحرب الهجينة
كان الهجوم الذي شنته فصائل المقاومة الفلسطينية على إسرائيل في 7 أكتوبر، حيث أطلقت 5000 صاروخ على الأراضي الإسرائيلية واخترق مقاتلوها الحدود، هو مثال على ما يسمى بالحرب الهجينة. وهذا هو نوع الحرب الذي يجيد الشمال الكوري القيام به، والذي يجمع بين العمليات العسكرية التقليدية وغير التقليدية، إذ تستطيع بيونج يانج إطلاق ما يقدر بنحو 16000 قذيفة في الساعة.
ولاحظ ريو سونج يوب، باحث في معهد الدراسات العسكرية للقرن الحادي والعشرين، أن الشمال الكوري لديه 200 ألف فرد من القوات الخاصة و1000 قطعة مدفعية على طول الحدود الكورية، والتي يمكنها أن تحول سول إلى "بحر من النار".
فروق وتشابهات بين سول وتل أبيب
بينما تعتمد الفصائل الفلسطينية بشكل رئيسي على الصواريخ قصيرة المدى، فإن الشمال الكوري لديه مدى وتنوع أكبر في المدفعية، وقدرة الضرب النووي للشمال الكوري تجعله أكثر خطورة من الفصائل، كما أن الشمال الكوري يمتلك شبكة من الأنفاق تحت الأرض، بعضها يمتد تحت المنطقة المنزوعة السلاح، والتي يمكن أن تستخدم في حالة غزو.
وبالمقابل، فإن الجنوب الكوري يمتلك حلفاء قويين مثل الولايات المتحدة واليابان، والذين يمكنهم تقديم الدعم العسكري والسياسي في حالة نشوب صراع.
كما هو الحال مع إسرائيل، فإن الجنوب الكوري يفتقر إلى العمق الاستراتيجي، مما يجعل أي هجوم مفاجئ من قبل الشمال الكوري مكلفًا وخطيرًا.
وكما حدث مع إسرائيل، فإن نظام المراقبة الجنوبي على الحدود مع الشمال يمكن أن يتعرض للتخريب أو الاختراق، وكما فشلت الوكالات الاستخباراتية الإسرائيلية في التنبؤ بهجوم الفصائل الفلسطينية، فإن الجنوب الكوري يمكن أن يواجه صعوبات في تحليل نوايا الشمال الكوري.
إجراءات الجنوب الكوري لمواجهة التهديدات
تعمل كوريا الجنوبية على تطوير نظام دفاع صاروخي منخفض الارتفاع، مشابه للقبة الحديدية الإسرائيلية، والتي تستطيع اعتراض الصواريخ والمقذوفات القادمة من الشمال. هذا وقد أجرى الجنوب الكوري والولايات المتحدة تدريبات عسكرية مشتركة الأسبوع الماضي، ركزت على كشف الهجمات المفاجئة.
وتدرس سول إمكانية تعليق الاتفاق العسكري الذي تم التوصل إليه مع الشمال الكوري في 2018، والذي أدى إلى إنشاء مناطق تخفيف التوتر على طول الحدود البرية والبحرية، ويعتقد بعض المسؤولين الجنوبيين أن هذا الاتفاق يقيد قدرة الجنوب على المراقبة والاستطلاع على الحدود.