في بستانه الذي طالما اعتاد إطعامهم منه، اضطر المسن الفلسطيني محمود المصري لدفن إخوته الثلاثة وخمسة من أبنائهم استشهدوا في قصف للاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، بقبر جماعي، لعدم تمكنه من الوصول إلى المقابر.
بعد القصف ودفن ضحايا عائلته، نزح "المصري" إلى رفح جنوبي قطاع غزة، باحثًا عن الأمان، مع تواصل قصف الاحتلال على بلدته "بيت حانون" في شمال القطاع، واستقر في أحد المستشفيات جنوب القطاع رفقة زوجته ومَن تبقى مِن أسرته.
لم يجد الرجل الفلسطيني، مفرًا من دفن جثامين عائلته في البستان: "لا خيار آخر، فالمقبرة في المنطقة الحدودية التي توغلت فيها دبابات الاحتلال، وسأنقل الجثث إليها بعد انتهاء الحرب".
رغم أنه لم يبدو متأكدًا، في حديثه مع "فرانس 24"، من إيجادهم عند عودته، مشيرًا إلى أنه علم أن الجرافات هدمت منزله وبالتالي لا يعرف هل بقي القبر أم دمره الاحتلال.
مقابر جماعية
تسبب ارتفاع عدد شهداء غزة الكبير في أزمة بالمدافن، إذ لم تعد تتسع لضم المزيد منهم مقارنة بالأعداد اليومية، فتحولت الملاعب والبساتين، وكل أرض يمكن أن يصل إليها أهالي غزة إلى مقابر جماعية.
مطلع الشهر الجاري، ارتكب الاحتلال الإسرائيلي مجزرة في مخيم جباليا للاجئين، ما أسفر عن استشهاد العشرات، وانتشلت طواقم الإنقاذ نحو 50 جثة، لم يجدوا مكانًا لدفنهم، فكل المدافن امتلأت عن آخرها، فتوجه المشيّعون لدفنهم في ملعب لكرة القدم، خلف المستشفى الإندونيسي.
في ساحة الملعب، حفر المشيعون حفرة كبيرة، لتكون قبرًا جماعيًا، قسموها إلى قسمين الأول للرجال والثاني للنساء، ثم غطوهم بألواح من الصفيح وعليه التراب.
بحسب "شحدة ناصر" البالغ من العمر 48 عامًا، يضطر الأهالي لدفن موتاهم في مقابر جماعية، في الملاعب أو أي أراضٍ فارغة، لعدم وجود مكان في المقابر.
محو عائلات بالكامل
وفي تصريح لـ"القاهرة الإخبارية"، قال الدكتور أشرف القدرة المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية، إن الاحتلال يواصل ارتكاب المجازر بحق المدنيين، وصلت إلى 1118 مجزرة بحق العائلات الفلسطينية، منها أبيدت بالكامل.
أسفرت جرائم الاحتلال الإسرائيلي عن استشهاد 10966 فلسطينيًا حتى الآن، معظمهم من النساء والأطفال، إلى جانب فقدان 2650 شخصًا تحت الأنقاض بينهم 1400 طفل.