تُواجه كوريا الشمالية في الآونة الأخيرة العديد من التحديات الداخلية والخارجية، إذ تُعاني بيونج يانج داخليًا من أزمات اقتصادية كبيرة، وصلت إلى حد المجاعة ونقص الغذاء؛ بسبب السياسات المتشددة التي يتبعها الزعيم، كيم جونج أون.
وخارجيًا، تواجه كوريا عقوبات اقتصادية وعسكرية من قبل أمريكا وحلفائها؛ بسبب تهديداتها النووية، ما دفع "كيم" إلى تعزيز علاقاته مع كل من الرئيسين الصيني شي جين بينج والروسي فلاديمير وبوتين هروبًا من العقوبات الغربية، وهو ما أثار قلق المجتمع الدولي.
أسباب مالية وسياسية وراء إغلاق السفارات
في نهاية أكتوبر الماضي، ودع سفراء كوريا الشمالية في أنجولا وأوغندا القادة المحليين، مع تكهنات وسائل الإعلام الكورية الجنوبية بأن المزيد من السفارات الكورية الشمالية في إفريقيا قد تضطر إلى الإغلاق في الأشهر المقبلة؛ بسبب صعوبات بيونج يانج المالية، حسبما ذكرت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية.
وقالت، ليم أون جونج، أستاذة مشاركة في الدراسات الدولية في جامعة كونجو الوطنية في كوريا الجنوبية، إنه من الواضح أن لديهم مشاكل مالية، وأن موقعهم الدولي أصبح معزولًا بشكل متزايد، وبالإضافة إلى عدم اهتمام بيونج يانج ببعض هذه البلدان بعد الآن.
وأضافت لـ"أسوشيتد برس"، أنه على الرغم من العقوبات، فإن الشمال ليس مفلسًا تمامًا، ومن المحتمل أنه يريد تركيز موارده المالية على قدراته النووية والصواريخ طويلة المدى، بالإضافة إلى القمر الصناعي الاستطلاعي الذي وعد بإطلاقه في المستقبل القريب.
وأشارت إلى أن العقوبات الدولية المشددة على برامج كيم المحظورة للأسلحة أدت إلى تقليص نشاطاتها في الخارج، لكسب المال لنفقاتها التشغيلية.
وقالت، إن الحكومة الكورية الجنوبية أعلنت في وقت سابق من الأسبوع، أن كوريا الشمالية تتحرك لإغلاق سفاراتها في أوغندا وأنجولا وإسبانيا، بالإضافة إلى قنصلية في هونج كونج.
دور متناقص في إفريقيا
قالت "ليم" إن كوريا الشمالية لم تعد تتلقى ترحيبًا حارًا في العديد من الدول الإفريقية، كما كانت في الماضي، فأنجولا، على سبيل المثال، قبلت حوالي 3000 مستشار عسكري في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، وكانت هذه القوات مكلفة بتدريب القوات المحلية، ولكنها قاتلت أيضًا ضد القوات الجنوب إفريقية، حسبما ذكر موقع "دويتشه فيله" الألماني.
وبدأت حكومة أنجولا في الابتعاد عن الشمال في عام 2019 عندما طردت تحت ضغط الأمم المتحدة نحو 300 كوري شمالي، كما تدربت قوات كورية شمالية بشكل مشترك مع القوات العسكرية الأوغندية، بما في ذلك فنون الدفاع عن النفس، وصفقات أسلحة تنقل من كوريا إلى أوغندا.
وأقامت كوريا الشمالية علاقات وثيقة مع إثيوبيا وكينيا، وكانت حليفًا طويل الأمد لزيمبابوي، التي وقعت في عام 2013 اتفاقية لتصدير اليورانيوم من مناجمها في كانيمبا إلى بيونج يانج.
تقارب بين كوريا الشمالية وروسيا
قالت ليم، إن "الكثير من البلدان في "الجنوب العالمي"، أصبحت ترى مخاطر أكبر في الحفاظ على علاقات وثيقة مع كوريا الشمالية، ولم تعد تراها شريكًا دبلوماسيًا مرغوبًا".
وقالت إن "سلوك كوريا الشمالية كان غالبًا ما يثير غضب المجتمع الدولي ولن يتسامحوا معه بعد الآن"، وأضافت أن كوريا الشمالية تحركت بسرعة للتعويض عن مثل هذه الإهانات، وقالت: "لقد اقتربت كثيرًا من موسكو من أجل بقائها، وهو أمر غير مستغرب".
وأضافت: " كانت كوريا الشمالية مؤيدة للهجوم الروسي على أوكرانيا والآن هي تزود الروس بقذائف المدفعية، وغيرها من الأسلحة للحرب.. ومقابل ذلك، تتلقى الوقود والغذاء، وكلاهما تحتاجه بشدة في ظل الأزمات الاقتصادية التي تُعاني منها البلاد".