"لا يأس مع الحياة" هذا الشعار الذي رفعته "يُسر" تلك الفتاة الجميلة لتكون عنوانًا لمسيرتها، فبعد أن فاجأتها الحياة بشيء غير متوقع فور سقوطها من أعلى بناية لتجد نفسها بين ليلة وضحاها قعيدة غير قادرة على الحركة، لتفقد كل معاني الحياة التي باتت تشاهدها من على كرسي متحرك، لكن سريعًا ما يحيا الأمل بداخلها بعد أن تمنحها الدنيا فرصة جديدة بمهنة وحب تكتشف معهما الحياة من جديد.. هذا ما جسدته الفنانة المصرية هبة مجدي ضمن أحداث قصة "عيشها بفرحة" في مسلسل "55 مشكلة حب"، والمأخوذة من كتاب يحمل الاسم نفسه للدكتور مصطفى محمود، التي انتهى عرضها أخيرًا، وهي تأليف عمرو محمود ياسين، وإخراج ألبير مكرم.
لفتة طيبة
إحساس هبة مجدي بمعاناة ذوي الإعاقة كان دافعًا لها أن تحتفل معهم بنجاح مسلسلها، وذلك بناء على مبادرة من إحدى الجمعيات التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي المصرية، إذ أعربت "هبة" عن سعادتها بردود الفعل التي تلقتها على العمل منذ الحلقات الأولى على مستوى الوطن العربي، وأنها لم تتوقع ذلك نظرًا لعرض العمل في توقيت صعب في ظل معاناة أشقائنا الفلسطينيين من الاحتلال الصهيوني الذي تسبب في حزن شديد لنا، موضحة أنها وقت التصوير كانت تتابع الأحداث على السوشيال ميديا وتأثرت بها نفسيًا، ولكنها في الوقت نفسه كان عليها استكمال التصوير.
تضيف "هبة" أن المسلسل يحمل طاقة إيجابية مختلفة وصلت للمشاهدين، مشيرة إلى أن الأطفال ذوي الإعاقة هم أبطال العمل الحقيقيون وليست هي، ونجاح المسلسل كان بسببهم.
وتابعت أنها حاولت قدر الإمكان توصيل الرسالة بشكل بسيط وبالإحساس الذي تملكها أثناء قراءة السيناريو الذي كتب بشكل مميز، موجهة الشكر للمؤلف عمرو محمود ياسين والمخرج ألبير مكرم والجهة المنتجة الذين بذلوا مجهودًا كبيرًا، خصوصًا أننا لم نكن ننام لأننا كنا نصور بالتوازي مع عرض الحلقات، لكن السعادة الأكبر كانت في وصول العمل إلى قلوب الجمهور في مصر والوطن العربي، إذ حظي المسلسل بمشاهدة مرتفعة وهذه هي رسالة الفن الحقيقية.
إشادات
النجاح الذي حققه العمل كان له مذاق من نوع خاص لأنه لم يحقق ردود فعل جيدة في الشارع المصري والعربي فقط، لكنه نال أيضًا إشادات من نوع مختلف من إحدى أعضاء مجلس النواب المصري هند حازم ممثلة لفئة ذوي الإعاقة، التي وجهت الشكر للدراما المصرية لأنها لأول مرة تعرض ملفات ذوي الإعاقة بموضوعية وبالتفاصيل البسيطة، فالدراما والإعلام من أكثر الأدوات المجتمعية التي تساعد في تغيير ثقافة المجتمع، كما وجهت الشكر للفنانة هبة مجدي والفنان هاني عادل على دور الحبيب والفنانة حنان يوسف على دور الأم والفنانة نور إيهاب على دور الشقيقة.
تقول هبة مجدي: "فوجئت بهذا المنشور الذي أسعدني كثيرًا، في ظل الأحداث الصعبة التي نعيشها، وهو توقيت نعاني فيه من الاكتئاب والألم النفسي، ونسير وراء أي طاقة إيجابية وهذا ما حققه المسلسل، وسعادتي أكثر بأن العمل استطاع تقديم حقائق عن فئة ذوي الإعاقة، ومدى معاناتهم، وإصرارهم في تحدي أي صعوبات وهذه الإشادة كانت خاصة جدًا بالنسبة لي".
قصة شبه حقيقية
من اللافت للنظر بعد عرض أولى حلقات العمل، ظهور إحدى الفتيات كتبت منشور "أنا مخرجة وقاعدة على wheel chair (كرسي متحرك) وده كان حلمي اللي محدش قدر يوقفني أني أحققه، مبسوطة أوي أن قصة تشبه قصتي موجود في مسلسل محترم بهذا الشكل"، هذا التفاعل الذي حملته الرسالة أضفى سعادة على قلب هبة لأنها لم ترها قبل التصوير، فوجئت بأن العمل تناول تفاصيل موجودة في حياتها الحقيقية، ومن الصدف أن الحقيبة التي تحملها هي الحقيبة نفسها التي كانت تحملها "يسر" في العمل.
وأضافت "هبة" أن العمل ليس قصة حقيقية لأحد بعينه، فالفكرة تم اقتباسها من "55 مشكلة حب" لمصطفى محمود وتم كتابتها كسيناريو مميز، فهو لا يسلّط الضوء على قصة بها صراع وبداية ونهاية ولكن أيضا في النهاية حمل العمل رسالة مهمة وهي الطاقة الإيجابية التي يحملها ذوي الإعاقة ولديهم إرادة كبيرة في تحدي أي ظروف أكثر من الأشخاص العادية.
المشاهد الصعبة
شهد العمل العديد من المشاهد الصعبة في حياة "يسر" ومنها مشهد سقوطها وترك حبيبها لها، إذا قالت هبة: "إصابة شخص بإعاقة بعد أن كان إنسانا طبيعيا أصعب من معاناته منها منذ ولادته، فحياته كانت عادية حتى يحدث له حادث يغير مصيره وحياته ويجعله عاجز عن الحركة وهذا يتطلب إرادة قوية، لتحويل الشخص المحطم والمستسلم لتغيير حياته إلى لأفضل".
وأضافت هبة أن التحديات كانت تكمن في التصوير في ظروف صعبة بسبب الأحداث التي يمر بها أشقائنا في فلسطين، وأثر عليها سلبيا ولكن كانت لديها مسئولية لاستكمال العمل الذي يحمل هدف سامي.