لم يعد هناك مكان في قطاع غزة المحاصر، في مأمن من القصف الإسرائيلي المتواصل لليوم الواحد والعشرين بلا انقطاع، منذ عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها الفصائل في مستوطنات غلاف غزة، في 7 أكتوبر الجاري.
وذكرت صحيفة" واشنطن بوست" الأمريكية، أن أمر التهجير إلى جنوب غزة، الذي وجهه جيش الاحتلال، في 13 أكتوبر الجاري، لسكان شمال القطاع، كان عبثيا، حيث لم يسلم مكان من القصف الإسرائيلي الشامل على كافة المناطق في القطاع، حيث بات الأمان مفقود هناك.
وقالت وزارة الصحة في غزة، قبل يومين، إن ما يقرب من ثلثي ضحايا الغارات الإسرائيلية، وقعوا الأسبوع الجاري، في الجزء الجنوبي من القطاع. وأضافت الوزارة، إن أكثر من 7000 فلسطيني استشهدوا منذ بدء القصف المتواصل منذ 7 أكتوبر الجاري.
وتشير "واشنطن بوست" إلى أنه مع استمرار العدوان الأكثر دموية في غزة، يبدو البحث عن الأمان، عديم الجدوى على نحو متزايد، بالنسبة للعديد من الفلسطينيين، الذين يواجهون أيضًا احتياطيات متضائلة من الماء والغذاء والوقود.
ونقلت الصحيفة عن أحد سكان وسط غزة ويدعى خالد الأشقر، الذي أخذ أسرته، وانتقل إلى جنوب القطاع، استجابة لأمر جيش الاحتلال، لكنه لم يعد قادرًا على الهروب من الموت، حيث طال القصف الإسرائيلي جنوب غزة أيضًا، مما اضطره إلى العودة وأسرته مرة أخرى إلى منزله وسط القطاع، وقال لواشنطن بوست: " لم أشعر بالأمان في أي مكان".
والسبت الماضي، تلقى الأشقر خبر بوقوع قصف قرب المنزل الذي تقيم فيه أسرته، في مخيم النصيرات للاجئين وسط غزة، وأصيبت زوجته بشظايا في رأسها، وفارقت الحياة قبل أن تصل المستشفى.
وقال الأشقر لواشنطن بوست عبر الهاتف: "إن الموت لم يعد شيئًا خاصًا، هذا شيء حدث لجميع سكان غزة هنا، ولجميع العائلات في غزة".
وفي وقت مبكر من الحرب، فر الأشقر أيضًا من منزله في حي تل الهوى بمدينة غزة إلى منزل شقيقته. وكان يعتقد، استنادا إلى الحروب الماضية، أنها كانت في منطقة آمنة نسبيا من مدينة غزة، ولم يكن كذلك.
وبعد أيام، أخذ الأشقر عائلته إلى الجنوب، وحاول هو وزوجته وأولاده العيش في خان يونس في شقة بمنزل شيد بعد حرب إسرائيل على غزة عام 2014. وقال الأشقر إنهم فروا بعد ثلاثة أيام بعد أن ضربت غارة إسرائيلية المنزل المجاور.
وأصبحت خطوتهم الثالثة هي الأخيرة لزوجته، لكن الأشقر توجه بعد ذلك إلى مبنى تملكه عائلته في مخيم النصيرات للاجئين، وتكدست اثنتا عشرة عائلة في المبنى.
وفي يوم السبت الماضي، غامرت زوجة الأشقر، وهي مواطنة هولندية، بالذهاب إلى سوق مخيم النصيرات القريب، والذي تعرض لضربة جوية في وقت سابق من الحرب.
وحوالي الساعة 7:30 مساء ذلك اليوم، يقول الأشقر، اهتزت الأرض فجأة، واستشهدت زوجته مع خمسة آخرين على الأقل، وكان ابنه وابنة أخيه وزوجة أخيه من بين عشرات الجرحى.
وفي الأيام الأخيرة، زعم جيش الاحتلال أنه يكثف هجماته على "أهداف عسكرية تابعة للفصائل، في جميع أنحاء قطاع غزة، قبل هجوم بري متوقع.
وترجح "واشنطن بوست" أن يؤدى الاجتياح البري لقطاع غزة، إلى تقليص أماكن الاختباء بشكل أكبر، ويتخلى المدنيون الفلسطينيون، مثل الأشقر، عن الأمل في العثور على أي ملاذ للنجاة من العدوان، وقال الأشقر الأب لأربعة أطفال، ويعمل صحفيا: "لا يوجد مكان آمن في غزة".