مع تواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والمخاوف من اتساع الصراع في المنطقة، خفضت وكالات التصنيف الائتمانية العالمية نظرتها المستقبلية لاقتصاد دولة الاحتلال، التي تتكبد خسائر اقتصادية باهظة.
وعدلت وكالة "ستاندارد أند بورز جلوبال"، في وقت متأخر أمس الثلاثاء، نظرتها المستقبلية لإسرائيل من مستقر إلى "سلبية"، وأكدت تصنيفات البلاد على مستوى AA-، وهي رابع أعلى درجة.
يأتي ذلك فيما وضعت وكالة "موديز"، الأسبوع الماضي، تصنيف ديون إسرائيل قيد المراجعة لخفض التصنيف، ووضعت وكالة "فيتش التصنيف" الائتماني للبلاد تحت المراقبة السلبية، بسبب الصراع الحالي، وفقًا لما ذكرته "بلومبرج" الإخبارية الأمريكية.
وقالت "ستاندارد أند بورز جلوبال": "إن حرب إسرائيل والفصائل الفلسطينية ستظل مُركزة في قطاع غزة، لكن هناك مخاطر من انتشارها بشكل أوسع مع تأثير أكثر وضوحًا على الاقتصاد والوضع الأمني في إسرائيل".
وتوقعت وكالة تصنيف الديون انكماش الاقتصاد الإسرائيلي بنسبة 5% في الربع الرابع مُقارنة بالربع الثالث، قبل أن يتعافى في بداية عام 2024.
وقالت إن انكماش الاقتصاد ينبع من الاضطرابات المتعلقة بالأمان وتقليل النشاط التجاري، بالإضافة إلى استدعاء عدد كبير من الاحتياطيين وإغلاق في قطاع السياحة وصدمة ثقة أوسع.
هذا وتواصل عملة الشيكل المحلية داخل إسرائيل فقدان قيمتها مقابل الدولار الأمريكي، على الرغم من الجهود المحمومة التي يبذلها البنك المركزي للبلاد لعكس اتجاه الركود.
ودخل الاقتصاد الإسرائيلي في حالة من الاضطراب، بسبب التصعيد بقطاع غزة.
وفي 7 أكتوبر الجاري، موعد إطلاق الفصائل الفلسطينية لعملية "طوفان الأقصى"، تم تداول الشيكل الإسرائيلي الجديد بسعر 3.86 مقابل الدولار، بينما تبلغ سعر العملة الإسرائيلية حاليًا 4.06 مقابل الدولار، لتواصل الانخفاض الذي بدأ خلال موجة من الاحتجاجات المحلية في فصل الصيف الماضي، ضد محاولات حكومة بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، تغيير المحكمة العليا.
وباع بنك إسرائيل المركزي ما قيمته 30 مليار دولار من السندات والأسهم في محاولة لدعم الشيكل، إلا أنه تم تقويض تلك الخطوة من خلال قيام مضاربي فوركس "بالبيع على المكشوف" للعملة، ويعني اقتراض الأموال على المدى القصير، واستبدالها في السوق، ثم شرائها مرة أخرى بعد انخفاض سعر الصرف والحصول على الفارق كربح.
وبعد أكثر من أسبوعين على إطلاق عملية "طوفان الأقصى" وما تبعها من تداعيات عسكرية وسياسية عصفت بإسرائيل، بات جليًا أن أيامًا صعبة تنتظر الاقتصاد الإسرائيلي، خاصة بعد استدعاء أكثر من 360 ألف جندي احتياطي ونزوح الآلاف من منازلهم.
وسيعتمد حجم الضرر الاقتصادي الذي ستعانيه إسرائيل على مدة بقاء جنود الاحتياط بعيدًا عن وظائفهم في البلاد، التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 9 ملايين نسمة، ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي لها 521.69 مليار دولار.
ووفق تحليل لوكالة "بلومبرج"، أمس الثلاثاء، فمن المرجح استمرار تراجعات الشيكل والسندات الإسرائيلية، وسط قلق المستثمرين من احتمال تصاعد الحرب وضرب الاقتصاد بشكل أكبر.
وانخفضت أيضًا أسهم شركات التكنولوجيا الأمريكية إلى حد كبير، بما في ذلك الشركات الرائدة التي لها عمليات كبيرة في إسرائيل مثل شركة إنتل، حسب وكالة "رويترز".
وتوقع جوزيف زيرا، الخبير الاقتصادي الإسرائيلي، حسب ما نقلت عنه شبكة "سي إن بي سي" الأمريكية، أن الركود يكاد يكون مضمونًا، إذ تواجه أجزاء كثيرة من إسرائيل انخفاضًا في الإنتاجية.
وقال الخبير الإسرائيلي: "لقد توقفت السياحة والناس في إسرائيل لا يخرجون الآن لتناول الطعام أو التسوق".
ويرى عدد من الخبراء أن قطاع التكنولوجيا يعد في قائمة القطاعات المتضررة جرّاء الحرب، إذ تقدر شركة "Start-Up Nation Central"، التي تروج لصناعة التكنولوجيا الإسرائيلية أن نحو 10% من موظفي التكنولوجيا في إسرائيل جرى تجنيدهم، مع ارتفاع العدد إلى 30% في بعض الشركات.
وتمثل صناعة التكنولوجيا 18% من الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل، ونحو نصف صادرات البلاد و30% من عائدات الضرائب، ما يجعل تدهورها أمرًا حاسمًا للاقتصاد الإسرائيلي.
ووفق اتحاد أرباب الصناعة فقد مُني سوق العمل الإسرائيلي بخسارة نحو 4.6 مليارات شيكل "1.2 مليار دولار" في أول 10 أيام من الحرب، في حين تباطأت عجلة الإنتاج مع استمرار استهداف الداخل الإسرائيلي بالصواريخ.
وتوقف نحو 130 ألف عامل من الضفة الغربية عن العمل في إسرائيل، ومعظمهم يعملون في مجالي الزراعة والبناء، ما دفع الحكومة للإعلان أنها بصدد جلب عمال أجانب بدلًا من الفلسطينيين.
في حين تقدر جهات أخرى أن الكُلفة الإجمالية للحرب ستكلف خزينة إسرائيل نحو 50 مليار شيكل "12.5 مليار دولار".