في ظل تحديات كبيرة مع اقتراب نفاد الوقود، وعمليات جراحية لا تنتهي، ووضع طبي وإنساني صعب زاد وطأته قصف عنيف، في الساعات الأولى من صباح الاثنين، قرب مجمع الشفاء الطبي بقطاع غزة، لا يزال الطاقم الطبي مثابرًا في موقعه متمسكًا بأداء واجبه الإنساني، بينما تقطعت السُبل بأكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني يقعون في نطاقه، وسط استمرار القصف على مدار 16 يومًا.
قال الدكتور محمد أبو سليمة، مدير مجمع الشفاء الطبي، في حديث لـ"القاهرة الإخبارية"، الاثنين، إنه رغم القصف الذي استهدف محيط المجمع الطبي، مازال "لا يمكن أن تقوم الكوادر الطبية بإخلاء المستشفى بأي حال من الأحوال، موضحًا أن الأعداد الذي يعمل مجمع الشفاء على تقديم الرعاية الطبية لها وسط القصف والمنظومة الصحية المنهكة لا يمكن لأي منظومة صحية متماسكة أن تقوم بدورها في تقديم الرعاية الطبية لهم".
واستهدف قصف إسرائيلي محيط مجمع الشفاء الطبي ومحيط مستشفى القدس في وسط مدينة غزة، في الساعات الأولى من يوم الاثنين.
وضع صحي مُتفاقم.. عمليات بلا تخدير ومفاضلة بين الجرحى
وعن مدى الاستعداد الطبي لتقديم الرعاية داخل مجمع الشفاء، كشف أبو سليمة، أن غرف العمليات تعمل على مدار 24 ساعة، دون توقف، وأن نقص الإمدادات الطبية أجبر الفريق الطبي على القيام بعدد من العمليات دون تخدير، إضافة إلى المفاضلة بين حالات الجرحى، قائلًا "أصبح من يصعب علينا معالجته نتركه لنعالج آخر في ظل نقص الأدوية".
أكد أبو سليمة أن جميع الأسرّة في المجمع الطبي مشغولة، رغم إضافة 300 سرير أخرى، ليتمكن الفريق من مساعدة الجرحى وسط الضغط المتزايد، إلا أنه رغم ذلك هناك جرحى يفترشون طرقات وأروقة المجمع الطبي وبين الأسرّة.
في سياقٍ متصلٍ، أشار مدير المجمع الطبي إلى دفن أكثر من 45 جثة، أمس الأحد، لم يتم التعرف عليها، سبقتها 75 جثة أخرى تم دفنها دون التعرف على أصحابها، وسط الوضع الصعب وتوافد المزيد من الشهداء والجرحى.
استهداف الكادر الطبي
أكد مدير مجمع الشفاء الطبي استشهاد أكثر من 50 شخصًا من الكادر الطبي للمجمع حتى اللحظة، ما بين مسعفين وأطباء وسائقي سيارات الإسعاف، في ظل استمرار القصف على القطاع، وأخيرًا بمحيط المجمع من وقت لآخر.
48 ساعة وينفد الوقود
على صعيد آخر، حذر مدير المجمع الطبي من كارثة تحدق بمرضى القطاع، في ظل اقتراب نفاد الوقود. قال أبو سليمة "في خلال 48 ساعة إذا لم يدخل الوقود إلى مستشفى الشفاء سنواجه أزمة كبيرة، تطال أكثر من ملون ونصف المليون فلسطيني".
أوضح أبو سليمة أن انطفاء المولد الكهربائي الذي يعمل بالوقود، سيمثل أزمة لنحو مليون ونصف المليون فلسطيني لا توجد خدمات طبية لهم، ويعتمدون على هذا المجمع لتقديم الرعاية الطبية لهم، مُضيفًا أن محطة الأكسجين والتنفس الاصطناعي لا تعمل إلا بالكهرباء.
وأشار إلى أن المستشفى في ظل نقص الوقود، اضطر إلى جلب جميع كميات الوقود المتوفرة في الجامعات والمحطات التجارية، أملًا في مد عدد ساعات عمل المستشفى وتقديمه الرعاية الطبية اللازمة، إلا أنه يتوقع نفاد الكمية خلال 48 ساعة على الأكثر.
وحصر الوضع الصحي الحرج في ظل انقطاع الكهرباء المتوقع داخل المستشفى في: "70 مريضًا في العناية المركزة، وهناك 50 من الأطفال الخدج في الحضانات، وأكثر من 500 مريض في حاجة لغسيل كلى، بالإضافة إلى أقسام العمليات الجراحية المستمرة على مدار اليوم"، وجميع هذه الخدمات لا تتوفر إلا بالكهرباء.
40 ألف نازح
على صعيد آخر، أشار مدير مجمع الشفاء الطبي إلى نزوح ما يقدر بنحو 40 ألف فلسطيني، أغلبهم نساء وأطفال إلى المستشفى، حيث يفترشون ساحته وسط استمرار القصف وعدم وجود مكان آمن يلجأون إليه، مُضيفًا "وهم عبء آخر على إمكانيات المستشفى، ويحتاجون إلى الماء والغذاء".
وبدأ التصعيد في غزة، مع هجوم مباغت شنته المقاومة الفلسطينية، أطلقت عليه عملية "طوفان الأقصى"، يوم 7 أكتوبر، شمل هجمات متزامنة عبر البر والبحر والجو، استهدفت مواقع ومطارات وتحصينات عسكرية إسرائيلية في القدس وتل أبيب وأشدود، قابلها جيش الاحتلال بتصعيد غير مسبوق تجاه سكان قطاع غزة، تواصلت خلاله أعمال القصف واستخدام أسلحة محرمة دوليًا، والدفع بالفلسطينيين من شمال القطاع إلى الجنوب في محاولات وصفتها الأمم المتحدة بالتهجير القسري.