الدم الفلسطيني عربون الوصول للكنيست.. و"عرين الأسود" قد تتحول لظواهر إعلامية فقط
قرارات القمة العربية مهمة.. والانتخابات بداية إنهاء الانقسام الفلسطيني- الفلسطيني
أكد الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، وعضو المجلس الثوري بحركة "فتح" الفلسطينية، أن عودة بنيامين نتنياهو للحكم في إسرائيل على رأس حكومة يمينية تضم متطرفين من أحزاب دينية متشددة، يشير إلى أن عملية السلام بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي "ماتت بشكل نهائي."
وأوضح "الرقب"، في حوار خاص مع موقع قناة "القاهرة الإخبارية"، أن وصول إيتمار بن غفير رئيس حزب "عوتسما يهوديت" الديني المتشدد لوزارة الأمن الداخلي في إسرائيل سيشرعن اقتحامات المسجد الأقصى المبارك، مشيرًا إلى أن دم الشعب الفلسطيني يكون دائمًا عربون الوصول للكنيست الإسرائيلي.
وتوقع عضو المجلس الثوري بحركة "فتح" الفلسطينية، ألا يحصل بتلئيل سموتريش رئيس حزب "الصهيونية الدينية" على وزارة الحرب (الدفاع) الإسرائيلية.
وإلى نص الحوار:
- في البداية.. كيف ينعكس فوز اليمين المتطرف في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة على فرص السلام؟
العملية السلمية متوقفة بشكل كامل منذ أبريل عام 2014، وكل المحاولات الأمريكية والدولية لتحريكها باءت بالفشل أمام التعنت الإسرائيلي، ووصول اليمين المتطرف للحكم في دولة الاحتلال يعني أن عملية السلام ماتت بشكل نهائي، ولن تستطيع دول العالم تحريك هذا الملف، إضافة إلى أن نتنياهو لا يؤمن بالسلام السياسي ويؤمن بالسلام الاقتصادي المعتمد على "الرشاوى الاقتصادية"، ولم تشهد فترة حكمه السابقة أي تحريك حقيقي لعملية السلام.
- هل ترى أن أمريكا وأوروبا قد يضغطان على "نتنياهو" لعدم تسمية "بن غفير" و"سموتريش" في الحكومة المقبلة؟
لن يكترث "نتنياهو" لأي ضغوط أوروبية أو أمريكية لعدم تشكيل حكومة يكون "بن غفير" و"سموتريش" بها، ولكن لن يعطيهم وزارة الحرب (الدفاع) حتى لا تمثل ضغطًا عليه، إضافة لرفض حزب "الليكود" إعطاء حزب "الصهيونية الدينية" وزارت سيادية. ومن مصلحة "نتنياهو" تشكيل حكومة يمينية ضيقة من الأحزاب التي تعتبر كتلته القوية المكونة من أحزاب "الليكود" و"الصهيونية الدينية" و"شاس" و"يهودات هتوراه".
- ما مصلحة "نتنياهو"؟
تمثل مصلحته في تكوين سياج حماية له، لأنه يحتاج لهذا التكتل لتمرير قرارات لم يستطع تمريرها في الحكومات الماضية، مثل: منع التحقيق أو محاكمة أي سياسي أثناء عمله في أي وظيفة رسمية، وبالتالي يهرب من كل ملفات الفساد التي تطارده، إضافة إلى تمرير قانون يسمح للحكومة بتعيين المستشار القضائي والقضاء بكل مستوياتهم، وبالتالي وضع قضاة يأتمرون بأمر الساسة، وهذه القرارات تحتاج إلى أغلبية وليس إجماعًا، وبالتالي يحتاج "نتنياهو" لهذه الأحزاب لتحقيق أهداف عجز عن تحقيقها من قبل، رغم أن المفاوضات بين "الليكود" وقادة حزب "الصهيونية الدينية" لم تصل لحلول حتى الآن، إلا إنه في النهاية سيصلون لاتفاق.
- هل يمكن التعامل مع حكومة جديدة لـ"نتنياهو" تضم "بن غفير" ورموز الصهيونية الدينية؟
فلسطينيًا، التعامل مع الحكومة اليمينية سيكون صعبًا بشكل مباشر، ولكن العلاقة رسميًا ستستمر مع الأجهزة الأمنية والإدارة المدنية الإسرائيلية كما هي الآن، وأي تصعيد من حكومة "نتنياهو/ بن غفير" ستمثل حرجًا كبيرًا للسلطة.
- ماذا عن المستوى الشعبي؟
الشعب الفلسطيني، خاصة في الضفة الغربية والقدس، سيكون في خط المواجهة المباشر مع الاحتلال، وأي تعدٍ على المدن الفلسطينية سيقابلها مقاومة شعبية، كما نرى الآن في نابلس وجنين والخليل، أما قطاع غزة فستسعى حكومته لعدم توتر الحدود مع الاحتلال، ولكن في حال قرر الاحتلال الهجوم على القطاع سيكون هناك رد فعل للمقاومة. وأتوقع رغم التصعيد الذي قد تشهده الضفة والقدس من قبل اليمين الإسرائيلي أن السلطة ستعتمد على نفس الأسلوب السابق والحفاظ على العلاقة الأمنية مع الجانبين الإسرائيلي والأمريكي.
- في حالة وصول "بن غفير" لحقيبة الأمن الداخلي.. هل تتوقع زيادة باقتحامات المسجد الأقصى؟
"بن غفير" يهدد قبل أن يتسلم حقيبة الأمن الداخلي بزيادة الاقتحامات للمسجد الأقصى وبناء مزيد من المستوطنات، ومن المتوقع إذا تسلم وزارة الأمن الداخلي أن يسهل الاقتحامات اليومية ويشرعنها، خاصّة أنه سيكون مشرفًا على الأجهزة الشرطية، وبالتالي توفير حماية للمقتحمين يوميا للأقصى.
- هل يعتبر تصويت المجتمع الإسرائيلي للأحزاب الصهيونية الدينية دليل على كراهية العرب عامة و"عرب الداخل" خاصة؟
الفرق بين أصوات اليمين ومعارضيه ليس كبيرًا، ولكن وجود أربعين حزبًا في الانتخابات جعل الأصوات التي لم تصل لنسبة الحسم تذهب للأحزاب الكبيرة، فكانت من نصيب أربع أحزاب هي "الليكود" و"يش عتيد" و"الصهيونية الدينية" و"شاس"، وبما أن القانون الانتخابي الإسرائيلي ينص على أن نسبة الحسم يجب أن تكون 3.25 في المئة من إجمالي أصوات الناخبين ليصل أي حزب للكنيست بعدد أربعة مقاعد، ومن لا يصل لهذا الرقم تتوزع أصواته للأحزاب الأكبر بشكل متتالٍ، كما أن الناخب الإسرائيلي ملّ من الانتخابات المتكررة، والتي أجريت للمرة الخامسة خلال أقل من أربعة سنوات، فزادت المشاركة للوصول لدرجة استقرار سياسي.
- هل مثّلت "الصهيونية الدينية" مفاجأة في الانتخابات؟
صحيح، حزب "الصهيونية الدينية" مثّل مفاجأة بالانتخابات الأخيرة، ولكنه ورث حزبًا يمينيًا هو "البيت اليهودي"، وجمع تحت مظلة واحدة الأحزاب الصهيونية الدينية، فحزب "يمينا" لم يصل لنسبة الحسم ولم يدخل الكنيست، وبتحليل رقمي فمن أحدث الفرق في تكتل نتنياهو هو حزب "شاس" الذي حصل على أربعة مقاعد زيادة عن المقاعد التي حصل عليها في الجولة السابقة، إضافة للتطرف الديني وميل المجتمع الإسرائيلي لليمينية، حيث إن أكثر من 70 في المئة من المجتمع اليهودي يُصنف مجتمعًا يمينيًا، ويكفي أن نرى حزب "ميرتس" اليساري يخرج من الحياة السياسية ولم يصل لنسبة الحسم، وحزب "العمل" بالكاد وصل لها.
- في ظل التصعيد الإسرائيلي في مثل هذا التوقيت.. هل الدم الفلسطيني ورقة دعاية انتخابية وضغط سياسي يستخدمها الساسة الإسرائيليون؟
بالعادة، تشهد فترة الانتخابات الإسرائيلية تصعيدًا ضد الفلسطينيين ويصبح الدم الفلسطيني هو عربون الوصول للكنيست، وكل حزب يقدم شعارات عنف ضد الشعب الفلسطيني لاستمالة الناخب الإسرائيلي، ومن يكون في الحكم يُقْدِم على مزيد من العنف ضد شعبنا الفلسطيني للحصول على تأييد الناخبين، وهذا ما شهدناه ولا زلنا نشهده من جرائم من جيش الاحتلال ضد شعبنا.
- ما تفسيرك لظهور جماعة "عرين الأسود" بين الشباب الفلسطيني؟
ظهور "عرين الأسود" و"كتائب جنين" وغيرها هي حالات تخرج للرد على جرائم الاحتلال، وبالعادة هذه المجموعات تكون ممثلة من كل الفصائل الفلسطينية لتجاوز حالة الانقسام الرسمية الفلسطينية ومواجهة الاحتلال، ولكي نكن أكثر صراحة، هذه مجموعات ظواهر صغيرة لا تدوم كثيرًا في ظل تعقيدات الوضع الأمني بالضفة وقد تتحول لظواهر إعلامية فقط دون حضور حقيقي على الأرض لها.
- كيف ستتعامل السلطة الفلسطينية للسيطرة على "عرين الأسود"؟
السلطة لا تريد أن تنمو ظاهرة عسكرية في الضفة تعيد مشهد المليشيات المسلحة في قطاع غزة، وبالتالي ستسعى للسيطرة على "عرين الأسود" و"كتائب جنين" وغيرها، وحسب معلوماتي فظاهرة "عرين الأسود" على الأرض تم السيطرة عليها، وبقى فقط استخدام الاسم إعلاميا ولا يوجد مسلحون على أرض الواقع.
- ما موقف التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل في ظل الحكومة اليمينية؟
كما أشرت سابقًا، السلطة لن تقطع التنسيق الأمني الذي يمثل "شعرة معاوية" بين السلطة والاحتلال، والأجهزة الأمنية تواصل طمأنة السلطة بأن الحكومة اليمينية لن يُسمح لها بالتدخل بشق العلاقة الأمنية بين السلطة وإسرائيل، إضافة إلى استمرار عمل غرفة العمليات المشتركة الأمنية (الأمريكية الإسرائيلية الفلسطينية) والتي تمولها أمريكا، إضافة للصناديق الخاصة التي تمول العمل المشترك بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية والإسرائيلية، وبالتالي أعتقد أن العلاقة الأمنية ستستمر كما هي دون تأثير بوجود حكومة يمينية أو يسارية.
- كيف ترى قرارات القمة العربية في الجزائر ومدى دعمها للقضية الفلسطينية؟
قرارات القمة العربية تجاه القضية الفلسطينية مهمة ولكن الأهم التنفيذ، فبعض القرارات صدرت من قبل دون تنفيذ، فشبكة الأمان المالي مثلا تم الاتفاق عليها من قبل ولم تلتزم بها الدول العربية، كنت أود ألا يعيد العرب فكرة المبادرة العربية للسلام التي تطالب بقيام دولة على حدود الرابع من يونيو عام 1967، والتي تمثل 22 في المئة من أرض فلسطين التاريخية في ظل رفض إسرائيلي للمبادرة العربية منذ إطلاقها في قمة بيروت عام 2002، وكنت أتمنى أن يطالب العرب المجتمع الدولي بتنفيذ قرار التقسيم 181 والذي يعطي الفلسطينيين دولة على حدود 46 في المئة من أرض فلسطين التاريخية، وهذا يمثل ضغطا على الاحتلال الإسرائيلي والمجتمع الدولي، خاصة أن قرارات القمة العربية جاءت وقد ظهرت نتائج الانتخابات الإسرائيلية التي سيطر عليها اليمين، وأي أمل لتحريك العملية السلمية سيكون مستحيلًا.
- هل يمكن تفعيل المصالحة الفلسطينية- الفلسطينية التي جرت في الجزائر؟
ملف المصالحة الفلسطينية ملف، لكن القمة أيدت الجهد الجزائري دون الحديث عن آليات تحقيق المصالحة الفلسطينية التي تصبح بعيدة يومًا بعد يوم، وهذا الانقسام عار على صناع السياسة الفلسطينية، فالاحتكام للديمقراطية هو الحل الوحيد ليختار الشعب الفلسطيني من يمثله في الرئاسة والبرلمان والمجلس الوطني الفلسطيني، وفي ظل رفض الاحتلال الإسرائيلي إجراء الانتخابات في القدس، فإجرائها يحتاج آليات جديدة بعيدًا عن أي قرار إسرائيلي خاصة أن الانقسام لمصلحة الاحتلال، والانتخابات هي البداية لإنهاء الانقسام، وغير ذلك حراك دون جدوى في ظل فقدان الثقة بين أكبر فصيلين "فتح" و"حماس"، وبعد الانتخابات تبدأ مرحلة بناء الثقة ونظام سياسي جديد واستراتيجية فلسطينية واحدة لمواجهة التحديات الكثيرة التي تواجه القضية الفلسطينية.
- الرئيس محمود عباس أبو مازن طالب بتكوين لجنة عربية لمواجهة الانتهاكات الإسرائيلية.. ما تصورك عن هذه اللجنة وعملها؟
بالتأكيد في ظل الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة ضد شعبنا ووصول اليمين للحكم نحتاج لجنة عربية لتنسيق المواقف ووضع آليات لمواجهة الاحتلال على الصعيدين الدبلوماسي والدولي، وكذلك وضع آلية للضغط على الاحتلال خاصة أننا سنشهد اعتداءات مكثفة ضد القدس، والتي تقع تحت إشراف المملكة الأردنية الهاشمية، وبالتالي وجود لجنة لمتابعة التغيرات المقبلة مهم جدًا.