الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

أطماع توسعية.. ماذا يريد إخوان اليمن من محافظة تعز؟

  • مشاركة :
post-title
ميليشيات الإخوان في محاولة بائسة لاستعادة النفوذ باليمن

القاهرة الإخبارية - نورا فايد

في خضم عمليات "إعادة الهيكلة" لمجلس القيادة الرئاسي اليمني برئاسة "رشاد العليمي" لإعادة بناء مؤسسات الدولة واستئصال القيادات الإخوانية التي تسببت في تفشي الفساد والإرهاب بالأراضي اليمنية على مدار السنوات الماضية؛ نجد حزب التجمع اليمني للإصلاح اليمني (ذراع الإخوان في اليمن) يكثف من تحركاته لإعادة دوره إلى المشهد السياسي اليمني خاصة بعد تلقيه خلال الأشهر الأخيرة ضربات على يد قوات العمالقة الجنوبية التي نجحت في طرد عناصره الأمنية والعسكرية من محافظة شبوة وأبين وعدد من المحافظات الجنوبية، وهو ما "ضيق الخناق" على قيادات الإخوان التي تحاول في الوقت الراهن استرداد ما تبقى لها من نفوذ.

دلالات التوقيت:

وتُعد محافظتا تعز ومأرب، هما المنقذ في الوقت الراهن للحزب الإخواني لضمان استمرار وجوده في الأراضي اليمنية، وعرقلة أي محاولات لـ"الرئاسي اليمني" لإبعاد قادة الإخوان عن مراكز صُنع القرار في الدولة، وعليه، فإن تحركات الإخوان الحالية في هذه المحافظات اليمنية، تأتي بالتزامن مع بعض الأحداث، على النحو التالي:

(*) تحركات لوضع حد لجرائم الإخوان في تعز: جاءت عودة حزب الإصلاح مجددًا لفرض سيطرته على بعض بلديات محافظة تعز جنوب غربي اليمن كبلدية الحجرية الواقعة جنوب غرب المحافظة في 17 نوفمبر الجاري، للرد على التحركات التي يقودها عضو المجلس الرئاسي العميد "طارق صالح" لإنقاذ أبناء تعز من الجرائم وحالة الفوضى الأمنية التي تسبب فيها الإخوان بهذه المحافظة، إذ ارتفعت خلال الأيام الماضية دعوات شعبية تنادي بإنهاء "عسكرة الإخوان" لبلدية الحجرية وإخراجهم منها ومن جميع أرضي المحافظة الجنوبية؛ ما دفع الوسائل الإعلامية للإخوان للترويج لادّعاءات بأن "طارق صالح" يسعى للسيطرة على ثروات المحافظة اليمنية، خاصة في ريفها الجنوبي المحاذي للساحل الغربي لتحقيق أجندات خارجية.

ميليشيات الإخوان في تعز

(*) توجه حكومي لإعادة نظام المجالس المحلية في تعز: أصدر محافظ تعز "نبيل شمسان" في منتصف نوفمبر الجاري، دعوة لجميع الهيئات الإدارية للعمل بنظام المجالس المحلية في المحافظة ومديرياتها، وفقًا للقرار الصادر عن رئيس الوزراء اليمني رقم 52 لسنة 2022 الذي نصَّ على عودة هذا النظام للعمل بمحافظتي "مأرب وتعز" ضمن مخطط الرئاسي اليمني لإعادة تفعيل عمل جميع مؤسسات الدولة، وإصلاح الخلل القائم بها، مع تأكيد أن المجالس المحلية لها دور في نهضة الدولة الوطنية اليمنية قبل الانقلاب الحوثي، ولكن سيطرة الإخوان في هاتين المحافظتين أدَّت إلى عرقلة العمل بهذه النظام، ما أسهم في نشر الفوضى والفساد من جديد، وعليه فإن قيادات الحزب كثَّفت جميع أدواتها خلال اليومين الماضيين لعرقلة العمل بهذا النظام، ودعوا أنصارهم إلى الخروج في مظاهرات للضغط على محافظ تعز لعدم تنفيذ هذا القرار الحكومي، وشنَّت وسائلهم الإعلامية حملةً لمهاجمة "شمسان" وهددوا باقتحام مقره، حتى يتمكنوا من استمرار العبث بثروات وموارد هذه المحافظة.

(*) إدخال تغييرات على الأجهزة الإدارية والرقابية في تعز: أصدر المحافظ "شمسان" في 13 نوفمبر الجاري سلسلة من القرارات شملت إدخال تغييرات على بعض مؤسسات المحافظة أبرزها المالية والصحة، ونجم عنها الإطاحة ببعض المسؤولين ومديري المكاتب التنفيذية التي كان يسيطر عليها قيادات "الإصلاح"، منهم القيادي الإخواني "عبد القوي المخلافي" الوكيل الأول للمحافظ، وهو ما رفضه الحزب بشدة، خاصة أنها لم تكن المرة الأولى للمحافظ لإبعاد القيادات الإخوانية من المؤسسات الحكومية في هذه المحافظة، ففي مايو الماضي، كانت هناك قرارات مماثلة استهدفت طرد قيادات الإخوان من المؤسسات الإدارية الواقعة تحت سيطرتهم التي استغلوها لنهب الموارد المالية للمحافظة.

نبيل شمسان محافظ تعز والعميد طارق صالح

(*) استغلال فشل تمديد الهدنة الأممية: أفاد عدد من المراقبين بأن رفض ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، الموافقة على تجديد الهدنة الإنسانية وتمديدها بعد انقضائها في 2 أكتوبر الماضي، دفع عناصر الإخوان لاستغلال هذا الأمر من خلال استغلال حالة الفوضى التي ستنجم عن فشل الهدنة بتوسيع مصالحهم التجارية خاصة في جبهتي تعز ومأرب، إذ إن بعض المصادر المطلعة كشفت أنه عقب إعلان فشل الهدنة، بدأ حزب الإصلاح يحرك أذرعه لنهب إيرادات المحافظتين ورفض توريدها إلى البنك المركزي في عدن، بحجة دعم جبهات القتال في مواجهة الميليشيا الحوثية، ما يؤكد أن هذا الحزب لا يريد إلا نهب الثروات اليمنية، حتى إذ تعاون مع الحوثيين لمنع أي محاولة تسهم في إنهاء الحرب اليمنية التي دخلت عامها الثامن.

أطماع إخوانية:

وفي ضوء هذه التطورات، يمكن القول إن تزايد تحركات حزب الإصلاح الإخواني في الوقت الحالي بمحافظة تعز، تهدف لتحقيق جملة من الأطماع التوسعية المرتبطة برغبة جماعة الإخوان في التمدد بالمحافظات العربية، خاصة بعد الضربات التي تلقوها خلال السنوات الماضية في كل من مصر وتونس والسودان، وهو ما يمكن توضيحه على النحو التالي:

(&) التحكم في المناطق الاستراتيجية بمحافظة تعز: يسعى الإخوان إلى خنق مدينة تعز من مختلف الاتجاهات، بهدف التحكم في مصادرها الحيوية، ولهذا فإن المعارك التي يشنَّها قادة الإخوان في الوقت الراهن لإرهاب أهالي بلدة "الحجرية" ذات الأهمية الاستراتيجية الواقعة جنوب غربي تعز، هدفها استغلال الموقع الحيوي لهذه البلدة التي تطل على المرتفعات الجبلية لميناء المخا ومضيق باب المندب، كما أنها تُعدُّ الشريان الحيوي للعاصمة المؤقتة عدن، الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية الشرعية، ولهذا تعرف بـ"ريف عدن" و"بوابة جنوب اليمن" وتتمتع بكثافة سكانية، كما أنها من البلدان التي قدَّمت دورًا في مواجهة محاولات الحوثيين للسيطرة عليها في 2015، وعليه، فإن الإخوان يدركون أن سيطرتهم على هذه البلدة، وغيرها من المناطق الحيوية في تعز، ستمكنهم من الاستمرار لأطول فترة ممكنة بالأراضي اليمنية، والتحكم في ثروات ومقدرات الشعب اليمني.

ميليشيات الإخوان وتقويض جهود الحكومة الشرعية في الساحل الغربي لليمن

(&) التصدي لتحركات المعارضين للإخوان من القوى الأخرى: تتخذ القيادات العسكرية المحسوبة على الإخوان من المحافظة الجنوبية موطئ قدم لمواجهة تحركات المعارضين ضد الجماعة في المناطق المحررة وتحديدًا بالعاصمة عدن، خاصة قوات العمالقة الجنوبية، التي نجحت خلال الأشهر الماضية في طرد القيادات العسكرية الإخوانية من محافظات جنوبية عدة، منها أبين وشبوة، في ظل تحركاتهم الجارية لطرد الإخوان من محافظة حضرموت الجنوبية؛ وعليه يحاول الإخوان حاليًا تطويق بعض مناطق تعز للتصدي لأي مواجهات مرتقبة مع القوات الجنوبية.

(&) السيطرة على الثروات النفطية للمحافظة الجنوبية: يعي الإخوان أن تأمينهم المالي يضمن وجودها أطول فترة ممكنة، ولذلك يحاولون الاستفادة من وجودهم في مناطق عدة بمحافظة تعز من الاستفادة من الثروات النفطية الهائلة التي تتمتع بها المحافظة المطلة على مضيق باب المندب الاستراتيجي، ما يفسر سبب رفع الإخوان خلال الفترة الماضية أسعار أسطوانة الغاز المنزلي في المحافظة، بحجة دعم جبهات القتال، وهو نهج ميليشيا الحوثي الانقلابية في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، فعلى سبيل المثال أصدر القيادي الإخواني" أبوبكر الجبولي"، قائد اللواء الرابع بالحرس الرئاسي التابع للإخوان، منتصف سبتمبر العام الماضي، توجيهًا إلى مدير شركة الغاز في تعز، لتحصيل 5 ريالات إضافية على كل لتر غاز لصالح تمويل جبهات القتال.

ميليشيات الإصلاح الإخوانية

(&) حشد مزيد من الدعم الداخلي للقوات الإخوانية: يسعى "الإصلاح" للاستفادة من وجوده في محافظة تعز بمحاولة استقطاب وتجنيد أكبر عدد ممكن من المواطنين، وتهديدهم إما بالانضمام إلى قوات الإخوان خاصة التي تم تشدينها مؤخرًا والمعروفة بـ"قوات الطوارئ"، أو ممارسة أساليب قمعية بحقهم وحرمانهم من الحصول على الموارد الاقتصادية التي تتمتع بها المحافظة، وعليه، فإن المجلس الرئاسي طالب منذ توليه مقاليد الحكم في أبريل الماضي من قيادات الإخوان، بوقف تجنيد المواطنين من تعز والضالع ومأرب وحضرموت، للانضمام إلى قوات الطوارئ التي يعدّها المجلس ميليشيا تهدف لعرقلة عملية التوافق داخلها، ورغم ذلك يواصل قادة الإخوان الادعاء أن هذه القوات التي يحصل عناصرها على تدريبات في معسكرات بمديرية الحجرية ومدينة تعز تتبع وزارة الداخلية اليمنية، وتحارب ضمن القوات الشرعية.

تأسيسًا على ما سبق، يمكن القول إن حزب الإصلاح الإخواني لن يتوانى عن أي تحرك يمكن من خلاله استعادة نفوذه في المحافظات اليمنية المحررة، حتى لو وصل به الأمر إلى التعاون مع التنظيمات الإرهابية الموجودة في الجنوب اليمني كتنظيمي "القاعدة" و"داعش"، أو حتى التعاون مع ميليشيا الحوثي الانقلابية، ولكن بشرط الحصول على الضمانات التي تحفظ له حقوقه داخل الأراضي اليمنية.