الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

أرض لا تصلح للحياة.. دراسة تتوقع عودة العالم إلى قارة "بنجيا" العملاقة

  • مشاركة :
post-title
تعبيرية عن الكرة الأرضية في شكل قارة واحدة

القاهرة الإخبارية - سمر سليمان

وسط توقعات سابقة بأن تغير المناخ في طريقه إلى تغيير الحياة على الأرض، تظهر للسطح نظرية "أكثر قتامة" تتنبأ بعودة العالم إلى "قارة عملاقة" مرة أخرى، لكن سيستحيل حينها على البشر العيش عليها.

وتنبأت دراسة عمل عليها مجموعة علماء من جامعة بريستول في المملكة المتحدة، بعد استخدامهم أول نماذج مناخية حاسوبية عملاقة للمستقبل البعيد، باشتداد الظواهر المناخية المتطرفة بعد اندماج قارات العالم، لتشكل قارة عملاقة واحدة، "بانجيا" وتعني الكل أو الأرض باللغة الإغريقية، بعد حوالي 250 مليون سنة.

وقبل نحو 180 مليون سنة كانت مساحة اليابسة على الكرة الأرضة تتألف من قارة واحدة متصلة، تعرف باسم "بانجيا"، ثم انفصلت إلى القارات السبع التي يعرفها العالم حاليًا، بعد تفكك الصفائح التكتونية والأغلفة الصخرية التي تربطها.

وأشار تقرير دعمته الأمم المتحدة، العام الماضي، إلى أن مليارات البشر والأنواع الأخرى من الكائنات ستصل إلى نقاط لم يعد بإمكانهم التكيف فيها مع تغير المناخ على الأرض، ما لم تتباطأ ظاهرة الاحتباس الحراري بشكل كبير، وهو أمر لم يحرز فيه العالم تقدًما حتى اللحظة.

غير صالحة للسكن

ويتوقع الباحثون، في الدراسة التي تناولتها شبكة "سي إن إن" الأمريكية في تقرير، أمس الثلاثاء، أن تشكيل "قارة عملاقة" جديدة يمكن أن يمحو البشر وجميع الثدييات الأخرى التي لا تزال على قيد الحياة خلال 250 مليون سنة قادمة.

وبعد أن قام العلماء بمحاكاة اتجاهات درجات الحرارة والرياح والأمطار والرطوبة في القارة العملاقة المنتظرة، توصلوا إلى أن الجو سيكون حارًا للغاية وجافًا وغير صالح للسكن تقريبًا بالنسبة للبشر والثدييات، الذين لم يتطوروا للتعامل مع التعرض لفترات طويلة للحرارة المفرطة.

ولبلوغ هذه النتائج استخدم القائمون على الدراسة نماذج لحركة الصفائح التكتونية، وكيمياء المحيطات وعلم الأحياء لحساب مستويات ثاني أكسيد الكربون.

ووفق ورقة بحثية نشرتها مجلة "ناتيورال جيوساينس"، فإن من شأن تكوين "بانجيا" العملاقة أن يؤدي إلى ثورانات بركانية أكثر انتظامًا، والتي بدورها ستسمح بإطلاق ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي وارتفاع درجة حرارة الكوكب، وعلى الجانب الآخر ستلعب الشمس التي ستصبح حينها أكثر إشراقا، دورًا في ارتفاع حرارة الأرض بشكل كبير حيث ستنبعث منها المزيد من الطاقة.

رسوم توضيحية لتوقعات الدراسة

ضربة ثلاثية

وقال ألكسندر فارنسورث، كبير الباحثين المشاركين في جامعة بريستول وقائد فريق الورقة البحثية، في بيان: "إن القارة العملاقة الناشئة حديثًا ستخلق بشكل فعال ضربة ثلاثية تشمل تأثير القارية، والشمس الأكثر سخونة، والمزيد من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي".

ونبه فارنسورث أن من شأن درجات الحرارة الواسعة النطاق التي تسجلها أغلب بلدان العالم هذا العام، وتتراوح بين 40 إلى 50 درجة مئوية (ما يعادل 104 إلى 122 درجة فهرنهايت) بالإضافة إلى مستويات الرطوبة العالية، أن تحدد مصير سكان الكوكب في النهاية.

وأضاف أن البشر - إلى جانب العديد من الأنواع الأخرى - سوف يموتون بسبب عدم قدرتهم على التخلص من هذه الحرارة".

بيئة بلا غذاء

وأوضح كبير باحثي الدراسة أن الحرارة المتزايدة ستخلق بيئة خالية من الغذاء أو مصادر المياه للثدييات.

وفي حين أن هناك شكوكًا كبيرة بشأن وضع هذه التنبؤات حتى الآن في المستقبل، قال العلماء إن الصورة تبدو "قاتمة للغاية"، مع وجود حوالي 8% إلى 16% فقط من الأراضي في القارة العملاقة صالحة للسكن للثدييات.

تضاعف مستوى ثاني أكسيد الكربون

وبافتراض أن البشر سيتوقفون عن حرق الوقود الأحفوري الآن، تتنبأ الدراسة بأن يكون ثاني أكسيد الكربون ضعف المستويات الحالية.

وحذر بنجامين ميلز، أستاذ نظام تطور الأرض في جامعة ليذر، والمشارك بالورقة البحثية، من أن استمرار العالم في إنتاج انبعاثات الغازات الدفينة من شأنه أن يسرع ببلوغ الأرض هذه النسب في وقت أقرب بكثير.

رسوم توضيحية لتوقعات الدراسة

صفر انبعاثات في أقرب وقت

ورغم النظرية القاتمة لمستقبل الأرض، نهى مؤلفو الورقة البحثية، البشر عن الاستسلام للمصير المحتوم، في تقديرهم، وعدّوا اتخاذ خطوات إيجابية بشأن الانبعاثات من شأنه أن يوقف وفاة ملايين من البشر في جميع أنحاء العام كل عام إثر تغير المناخ.

قالت يونيس لو، باحثة في تغير المناخ وإحدى المشاركات بالوقة البحثية: "بينما نتوقع أن يكون الكوكب غير صالح للسكن بعد 250 مليون سنة، فإننا نشهد اليوم بالفعل حرارة شديدة تضر بصحة الإنسان، ولهذا السبب من المهم الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية في أقرب وقت ممكن".

 وحذر العلماء منذ عقود من أن ارتفاع درجات الحرارة يجب أن يظل أقل من 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، مع وجود فرصة لخفض الاعتماد على الوقود الأحفوري وتجنب التغيرات الكارثية التي من شأنها أن تغير الحياة كما نعرفها بسرعة.

وبحسب علماء فقد حدث الانقراض الجماعي الأخير منذ حوالي 66 مليون سنة، عندما اصطدم كويكب بالأرض وقتل معظم أشكال الحياة على الكوكب.