بعد ما اصطدمت مساعي باريس، في ظل جهود مجموعة الخمس المعنية، بحائط مسدود، أمام بلوغ توافق من شأنه أن يُخرج لبنان من أزمته الرئاسية، دعت السياسيين إلى التوصل لـ"خيار ثالث"، ملوحة بعقوبات لا تزال محتملة أمام وضع لا يطيقه اللبنانيون بينما يقود بلادهم مباشرة إلى دائرة الخطر.
في14 يونيو الماضي، خسر لبنان فرصته الثانية عشرة لملء الشغور الرئاسي المستمر منذ قرابة العام، وتبددت آمال كانت قد تجددت بالتوافق الواسع على مرشح المعارضة جهاد أزعور أمام المرشح المدعوم من حزب الله وحركة أمل سليمان فرنجية، بتوقعات لعودة التفكك من جديد، في غياب الإعلان عن جلسة أخرى.
"خيار ثالث"
بعد مرور ثلاثة أشهر على بدء مهمته في لبنان، دعا الموفد الفرنسي الخاص إلى البلاد، جان إيف لودريان المسؤولين اللبنانيين إلى إيجاد "خيار ثالث" لحلّ أزمة الرئاسة.
وقال لودريان إنه "من المهم أن تضع الأطراف السياسية حداً للأزمة.. وأن تحاول إيجاد حل وسط عبر خيار ثالث". وفق تصريحات أوردتها وكالة "فرانس برس"، اليوم الثلاثاء.
وأشار المبعوث الفرنسي إلى أنه "ليس بإمكان أي فريق الفوز، ولا يمكن لأي من الخيارين أن ينجح".
ومنذ تعيين لودريان، في يونيو الماضي، مبعوثًا خاصًا، زار لبنان ثلاث مرات، آخرها في سبتمبر الجاري، والتقى خلالها مسؤولين لبنانيين وقادة أحزاب فاعلة، لكن دون أن تثمر جهوده عن اتفاق يمكن التعويل عليه.
وبينما لفت إلى تساءل الدول الخمس المعنية بلبنان "عن جدوى مواصلة دعمها المالي"، ألمح إلى احتمال "لا يزال مطروحًا " بشأن فرض عقوبات على المسؤولين اللبنانيين الذين يعرقلون إنهاء الأزمة. وقال لودريان في هذا الشأن"من الواضح أنها فرضية" مطروحة، بينما "الاستفاقة لا تزال ممكنة" بحد قوله.
ونبّه لودريان من أن المؤشرات الحيوية للدولة تشي بأنها في "دائرة الخطر الشديد".
يأتي ذلك، بينما يتردّد أخيرًا بوتيرة متزايدة اسم قائد الجيش العماد جوزف عون، كمرشح بديل غير محسوب مباشرة على أي فريق سياسي، بحسب ما نقلته وسائل إعلام محلية لبنانية بينها صحيفة "النهار".
ويرى إيلي فرزلي، نائب رئيس مجلس النواب اللبناني الأسبق، في تصريح خاص أدلى به لموقع "القاهرة الإخبارية" اليوم الثلاثاء، أن الحديث حول خيار ثالث لإنهاء الأزمة الرئاسية في لبنان هو "كلام سطحي" سواء صدر من الجانب الفرنسي أو اللبناني أو من أي طرف آخر، وعدّه "هروبًا" من مقاربة المسائل بصورة جذرية.
وفي تقدير الفرزلي، فإن الحل لأزمة الشغور الرئاسي في لبنان مكمنه في "حل سياسي متكامل" بدءًا من الحدود اللبنانية، وانتهاء ببعض الأمور الداخلية.
أضاف: "يحتاج لبنان إلى رؤية الأسباب التي أدت إلى انقسام اللبنانيين هذا الانقسام العمودي، فيذهبون إلى الشخص الذي باستطاعته أن ينفذ هذه المهام ويملك الرغبة والمصداقية لتنفيذها".
بالمقابل، وجد إلياس حنكش، النائب في البرلمان عن حزب الكتائب اللبنانية المعارض، في تصريح خاص لموقع "القاهرة الإخبارية"، دعوة لودريان هي"الأكثر واقعية"، وتؤكد أن الجانب الفرنسي لمس وجه نظر المعارضة الرافضة لدعم مرشح بعنيه.
أضاف حنكش، إن مبادرة لودريان تلك تتفهم هواجس المعارضة وأن الأمر لن يتم بفرض مرشح على الفريق الآخر.
وأشار النائب البرلماني عن حزب الكتائب اللبنانية، إلى مرونة تتبعها المعارضة للخروج من أزمة الشغور الرئاسي، حينما تخلت عن مرشحها الأساسي، وهو ميشيل معوض، ودعمت مرشح "أكثر وسطية"- في تقديره- وهو جهاد أزعور.
وبعد فشل النائب ميشال معوض مرشح المعارضة، لعشر جلسات متتالية في الوصول إلى نسبة التصويت المطلوبة، أعلن سحب ترشحه وأفسح المجال أمام التوافق على وزير المالية السابق جهاد أزعور مرشحًا عن المعارضة اللبنانية أمام فرنجية.
وتقود فرنسا، ضمن جهود الأطراف الخمسة العربية- الدولية وتشمل " فرنسا- أمريكا- السعودية- مصر - قطر" منذ أشهر حراكًا لتسريع انتخاب رئيس في لبنان دون تدخل، ضمن جهود إصلاح مبادئها الأساسية "المحافظة على سيادة لبنان واستقلاله وانفتاحه على المحيطين العربي والدولي، وتجاوبه مع متطلبات صندوق النقد الدولي كمدخل لعملية الإنقاذ المالي والاقتصادي".
ويعاني لبنان منذ 2019 انهيارًا اقتصاديًا صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم، فيما يشترط المجتمع الدولي إصلاحات ملحّة من أجل تقديم دعم مالي ينقذ البلد الذي تديره منذ 31 أكتوبر 2022 حكومة تصريف أعمال في ظل الشغور الرئاسي.