خلال السنوات الـ10 الماضية، واصلت الدولة المصرية جهودها لتنمية الثروة السمكية وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الأسماك، وساعدت هذه الجهود في حدوث طفرة في إنتاج الأسماك، حتى احتلت مصر المركز الأول إفريقيًا والسادس عالميًا، ما أسهم بشكل كبير في ضمان الأمن الغذائي، من خلال عمل العديد من مشروعات الثروة السمكية، منها مشروعات "غليون والفيروز"، ومنطقة شرق قناة السويس وتطوير بحيرات المنزلة والبردويل والبرلس.
الاستزراع السمكي بـ"منطقة القناة"
بدأت الدولة المصرية في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي في تنفيذ مشروع الاستزراع السمكي بمنطقة شرق القناة، تزامنًا مع إنشاء قناة السويس الجديدة، ونجح مشروع الاستزراع السمكي بالقناة في توفير أنواع متعددة من الأسماك المختلفة، وتوفير 3000 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، في حين تشير دراسات الجدوى إلى وصول عدد الفرص التي خلقها المشروع بعد اكتمال تنفيذه إلى 10 آلاف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة في كل المهن والتخصصات، ويتكون المشروع من ثلاث مراحل رئيسية.
- المرحلة الأولى: افتتحت من المشروع بطاقة 1034 حوضًا كخطوة استرشادية نحو استكمال المشروع الكبير بطاقة 44 ألفًا و40 حوضًا، موزعة على 5 أحواض ترسيب رئيسية، تضم أسماكًا بحرية عالية الجودة.
- المرحلة الثانية: استمر العمل بها لمدة عام عقب الانتهاء من الأولى في نهاية 2016، تتم في أحواض ترسيب (22- 23 وجزء من 18) شرق القناة، بمساحة إجمالية 2900 فدان، المستهدف منها 1600 حوض استزراع سمكي وخدماتها من ترع ومصارف.
- المرحلة الثالثة: افتتحت تلك المرحلة من مشروع القناة بمساحة 2700 فدان، وتتم في أحواض ترسيب شرق البحيرات حوض 17، وجزء من حوض 18.
"بركة غليون" بكفر الشيخ
في 18 نوفمبر 2017، افتتح مشروع "بركة غليون" بكفر الشيخ، الذي يُعد أكبر مشروع استزراع سمكي في الشرق الأوسط، إذ يعتبر المشروع بالكامل صديقًا للبيئة؛ لتنقية مياه المزرعة السمكية، من خلال إقامة وحدات معالجة لتنقية المياه سواء قبل الاستزراع أو بعد استخراج الأسماك على أُسس علمية للحفاظ على البيئة المحيطة بالمزرعة.
ويُعد من ضمن المشروعات التي تشرف عليها القوات المسلّحة المصرية، في محافظة كفر الشيخ، ويضع مصر على الخريطة الاستثمارية، ويؤدي إلى زيادة الثروة السمكية بنسبة 75%، ويتضمن المشروع المراحل التالية:
- المرحلة الأولى: تقام على مساحة 4000 فدان، تستهدف إنتاج أسماك من أصناف عالية القيمة، ومن المتوقع أن يصل إنتاج هذه المرحلة إلى 3000 طن أسماك، و5000 طن جمبري سنويًا، وتُعد تلك المرحلة من المراحل الأطول والأصعب عملًا، إذ تم فيها وضع البنية التحتية للمشروع بالكامل.
- المرحلة الثانية: تم تدشين هذه المرحلة للمشروع في "بركة غليون"، وتقام على مساحة 9000 فدان من أحواض الاستزراع السمكي الجديدة، ومصنع لإنتاج مسحوق السمك، ومصنع إنتاج شكائر الأعلاف ومحطة معالجة المياه.
ويحتوي المشروع على مصنع لإنتاج الأعلاف بطاقة إنتاجية 180 ألف طن سنويًا، ومصنع لإنتاج الثلج بطاقة إنتاجية 60 طنًا في اليوم، ومصنع لعبوات الفوم بطاقة إنتاجية 1200 عبوة في اليوم، كما تنتج ثلث إنتاج مصر السمكي؛ ويُسهم المشروع في انخفاض أسعار الأسماك بمتوسط 20 أو 30%، وهناك أنواع يمكن أن يتم تصديرها لإدخال العملة الصعبة لخزانة الدولة المصرية.
الاستزراع السمكي في بورسعيد
تشمل مشروعات الاستزراع السمكي بمنطقة شرق بورسعيد "الفيروز" على 5906 أحواض، والتي افتتحها الرئيس المصري عام 2021، موزعة كالآتي:
- المزرعة "أ" 3521 حوض استزراع سمكي على مساحة 9500 فدان.
- المزرعة "ب" 1810 أحواض على مساحة 4898 فدان.
- المزرعة "ج" 575 حوض على مساحة 1592 فدان.
ويشمل المشروع على "الترعة الرئيسية والفرعية"، إذ تستخدم الترعة الرئيسية لتغذية 331 حوض استزراع سمكي بالمياه العذبة، كما يبلغ إجمالي الأطوال للترعة الرئيسية 39.7 كيلومتر، وإجمالي أطوال الترعة الفرعية 200 كيلومتر؛ فستخدم المصارف الرئيسية والفرعية في تصريف المياه التي يتم تجديدها يوميًا لأحواض الاستزراع السمكي.
ويشمل الموقف التنفيذي للمرحلة الأولى على مساحة 14 ألفًا و398 مترًا مربعًا، بإجمالي 5331 حوضًا، كما تم البدء في تنفيذ مشروع المزارع السمكية في منطقة الديبة غرب محافظة بورسعيد على مساحة 203 أفدنة، خلال مرحلتين:
- المرحلة الأولى "107 فدان بإجمالي 60 حوضًا وتم تنفيذها بنسبة 100%".
- الثانية "تُنفذ على مساحة 96 فدانًا بإجمالي 12 حوضًا".
المزرعة النموذجية بالأقصر
في مطلع عام 2014، بدأ إنشاء المرحلة الأولى من مشروع "المزرعة النموذجية" للاستزراع السمكي بقرية "الرزيقات" بمدينة أرمنت جنوب غرب الأقصر، على مساحة 4500 متر، من خلال إنشاء 4 أحواض سمكية بتكلفة إجمالية للمشروع نحو 7 ملايين جنيه، وتوفر المزرعة السمكية من 130 إلى 150 فرصة عمل، وتخدم عشرات القرى بمركز أرمنت في الأقصر.
1300 مزرعة سمكية بدمياط
توجد أكثر من 1300 مزرعة سمكية بمحافظة دمياط، ما بين قريتي شطا والسيالة وغيرهما من القرى والمراكز بالمحافظة، إذ يوجد مناطق لا تصلح للزراعة تسمى "الملق" بها المئات من المزارع السمكية، خاصة المناطق المطلة على بحيرة المنزلة.
عوائد اقتصادية من تنمية الثروة السمكية
- زيادة الإنتاج السمكي: بنسبة زيادة طبقًا للإحصائيات نحو 17.64% من 1.7 مليون طن في عام 2016 إلى 2 مليون في عام 2020. وكشفت البيانات عن نمو حصة الاستزراع السمكي بمصر من 1.37 مليون طن في عام 2016 إلى 1.62 مليون في عام 2020، بما يمثل 81% من الإنتاج السمكي الكلي، مُحققًا زيادة قدرها 18.2% خلال تلك الفترة، تليها البحيرات التي استحوذت على نسبة 10%، ومياه البحار على نسبة 4.45%، والمياه العذبة بنسبة 3.8%، ثم حقول الأرز بنسبة 0.8% من الإنتاج السمكي الكلي محليًا. ووصل إجمالي الإنتاج السمكي المحلي نحو 2.2 مليون طن، ووصل تسجيل نشاط الاستزراع السمكي 1.7 مليون طن.
- تحقيق الاكتفاء الذاتي من الأسماك: استطاعت مصر تحقيق الاكتفاء الذاتي من الأسماك بفضل المشروعات العملاقة في غليون والفيروز والديبة، بالإضافة إلى مجال تطوير البحيرات، وتهيئة البيئة التشريعية للاستثمار في مجال الثروة السمكية، وإحكام الرقابة من خلال إصدار قانون تنمية البحيرات وتنمية الثروة السمكية، الذي يتضمن الكثير من المواد التي تنظم آليات الصيد الحديث والتتبع والرقابة وتوفير المعلومات، بالإضافة إلى الدعم الذي قدمته الدولة المصرية للصيادين أو المبادرات التمويلية الميسرة التي يقدمها البنك المركزي المصري للاستزراع السمكي المتكامل، علاوة على تفعيل طرق الرقابة على الثروة السمكية في مصر، مثل جهاز سلامة الغذاء والهيئة العامة للخدمات البيطرية؛ كل ذلك ساعد على أن تحتل مصر حاليًا المركز الأول إفريقيًا في الاستزراع السمكي، والثالث عالميًا في إنتاج السمك البلطي.
- توفير المنتجات السمكية بأسعار مخفضة: إذ إن زيادة المعروض تؤدي إلى خفض أسعار السلع، وبالتالي فإن زيادة الإنتاج السمكي تساعد على زيادة المعروض من منتجات الأسماك، وخفض أسعارها في الأسواق، إذ تتلاءم مع إمكانات المواطنين.
- تحقيق الأمن الغذائي: تنعكس الزيادة في الإنتاج السمكي بشكل إيجابي على تحقيق الأمن الغذائي المصري، خاصة في الوقت الذي تعاني فيه العديد من دول العالم من مشكلات الأمن الغذائي. أما في مصر فقد ارتفع استهلاك الأسماك حتى مع زيادة عدد السكان، فقد بلغ عدد السكان 103 ملايين مواطن، وارتفع استهلاك الفرد منها من 16.67 كجم سنويًا في عام 2012 إلى 20.26 كجم سنويًا عام 2020.