لطالما اُعتبرت الطاقة، الورقة الأهم، لدى روسيا، منذ بدء العملية العسكرية الروسية، فقد كانت عامل الضغط الأكبر، على العواصم الأوروبية التي تعتمد على الغاز الروسي من أجل التدفئة، قبل أن تضع خطتها للتخلص من الاعتماد على الغاز الروسي.
ومع هدوء أزمة أسعار الطاقة، التي بلغت ذروتها خلال الحرب الروسية الأوكرانية، اتخذت روسيا، قرارًا يعيد تلك الحرب إلى الأذهان مجددًا، إذ أعلنت الحكومة الروسية، الخميس، حظرًا مؤقتًا وبأثر فوري على تصدير البنزين والديزل إلى جميع الدول فيما عدا أربع دول سوفييتية سابقة، بهدف تحقيق استقرار في سوق الوقود المحلية.
ارتفاع أسعار النفط
تسببت المخاوف من احتمال أن يؤدي الحظر الروسي، إلى تقليص إمدادات النفط العالمية، في ارتفاع أسعار النفط في التعاملات الآسيوية المبكرة اليوم الجمعة، بعد زوال تلك المخاوف من أن زيادة أخرى محتملة في أسعار الفائدة بالولايات المتحدة قد تؤثر سلبا على الطلب على الوقود.
كذلك تسبب الحظر، الذي سيجبر مشتري الوقود الروسي على البحث عنه في أماكن أخرى، في ارتفاع العقود الآجلة لزيت التدفئة بنحو 5% يوم الخميس.
صعدت العقود الآجلة لخام برنت 46 سنتًا أو 0.5 % إلى 93.75 دولار للبرميل بحلول الساعة 0249 بتوقيت جرينتش، كما ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 58 سنتًا أو 0.65 % إلى 90.21 دولار.
الفائزون من حرب الطاقة
كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال"، عن تغيرات جوهرية في سوق الطاقة، جراء الحرب الروسية الأوكرانية، واتجاه أوروبا إلى إيجاد مصادر بديلة للغاز الروسي، الذي كانت تعول عليه من قبل، إذ بدأت مجموعة من المناطق الجديدة في الظهور على الخريطة العالمية.
وجاءت الجزائر كأكثر الدول استفادة، إذ بدأت شركة إيني الإيطالية، بالتعاون مع الشركات المحلية الجزائرية، في حفر الآبار وإنتاج الغاز من حقوق جديدة في غضون أشهر قليلة.
بحسب "وول ستريت"، تربط 3 أنابيب غاز الجزائر بأوروبا لكن أغلب فترات العقد الماضي، كانت شركة الطاقة الروسية تبيع منتجاتها في أوروبا بأسعار مخفضة ما أبعد المزودين عن الجزائر.
وقبل الحرب، كان الاتحاد الأوروبي يستورد، 45% من صادرات روسيا من المواد البترولية، ومع وقف أوروبا استيراد الغاز الروسي، منحت موسكو تخفيضات كبيرة للصين.
وفي محاولة لتعويض نقص الغاز الروسي، ضاعفت الولايات المتحدة من حجم شحنات الغاز المسال لأوروبا، كما بدأ الاتحاد الأوروبي في استيراد شحنات أكبر من الجزائر والنرويج وتركيا وأذربيجان.
وتعد موسكو ثالث أكبر منتج للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة والسعودية بمتوسط يومي 11 مليون برميل.
تداعيات أزمة الطاقة تنهك أكبر اقتصاد أوروبي
والشهر الماضي، دعا وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك، إلى "التحرك" لتحسين الأداء الاقتصادي، بعد تسجيل نسبة نمو صفرية للناتج المحلي الإجمالي الوطني في الربع الثاني، قائلًا: "نواصل رؤية صعوبات اقتصادية ناجمة عن تداعيات أزمة الطاقة".
وكان نمو إجمالي الناتج المحلي في أكبر اقتصاد أوروبي، معدوما بين أبريل ويونيو بمعدل فصلي، بحسب البيانات النهائية، وتحدث "هابيك"، عن ضرورة إيجاد حلول لأزمة الطاقة، واعتماد إجراءات ذكية لتوفير كهرباء منخفضة التكلفة للقطاع الصناعي، المتضررة بسبب ارتفاع أسعار الطاقة منذ الحرب الروسية في أوكرانيا وفق وكالة "فرانس برس".
وتعد أوروبا من أكبر المتأثرين بوقف إمدادات الغاز الروسي، إلا أنها استعدت جيدًا لشتاء هذا العام، حسبما أعلنت المفوضية الأوروبية إذ قالت إن منشآت تخزين الغاز، ممتلئة بنسبة 90%، قبل شهرين ونصف، من المهلة المحددة لبلوغ هذا المستوى، إذ اعتمد التكتل في أعقاب حر أوكرانيا، إطارًا تشريعيا يلزم دوله الـ 27 بملء منشآت تخزين الغاز.
وشكل الغاز الروسي، في الربع الأول من 2023، 15% فقط من واردات الاتحاد الأوروبي، وهي الحصة التي تقلصت إلى النصف في غضون عام واحد في المقابل، رفع الأوروبيون مشترياتهم من الغاز الطبيعي المسال الأمريكي في الفترة نفسها.
خسائر تريليون دولار
ورغم أن أوروبا نجحت في تنويع مواردها من الغاز، وملء خزاناتها العام الماضي إلا أن الأمر تم بتكلفة مرتفعة بلغت أكثر من 50 مليار دولار، وفق المفوضية الأوروبية، وبالتالي كبدت تكاليف الطاقة القارة العجوز قرابة تريليون دولار نتيجة حزم المساعدات التي قدمت للمستهلكين والشركات، بحسب وكالة بلومبيرج.