تنتظر عشرات النساء النازحات من الحرب كل يوم خارج مقر الهلال الأحمر السوداني في بورتسودان، لتلقي المساعدة النقدية من المنظمة الدولية للهجرة بقيمة 100 دولار، فيما تكافح فرق الإنقاذ لانتشالهم من الفقر، حسبما ذكر موقع موقع صحيفة "سودان تربيون".
هشاشة اقتصادية
ويواجه الملايين من النازحين الذين فروا إلى ولايات شمال ووسط السودان تحديات كبيرة في تأمين المأوى والغذاء، بعد مغادرة العاصمة الخرطوم، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى الهشاشة الاقتصادية لهذه المناطق، سواء في المناطق الحضرية أو الريفية، ورغم مرور 5 أشهر على اندلاع الحرب في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، لم يحشد المجتمع الدولي الموارد اللازمة لمعالجة الكارثة الناتجة، بالإضافة إلى ذلك خصصت الفصائل المتحاربة موارد البلاد للصراع، بحسب الموقع السوداني.
وتُقدم تقارير الأمم المتحدة روايات مفصلة عن الظروف القاسية، التي يعاني منها المدنيون السودانيون، وتوثق هذه التقارير انتشار الأوبئة والأمراض والوفيات المأساوية للأطفال وأصحاب الأمراض المزمنة.
مساعدات مالية وإنسانية
وكشفت منظمة الصحة العالمية، في أحدث تقرير لها، الثلاثاء الماضي، أن أكثر من 1200 طفل في مخيمات اللاجئين السودانية لقوا حتفهم، بسبب الجوع والمرض بين مايو وسبتمبر، وتشكو بعض النساء النازحات لعدم حصولهن على أي مساعدات مالية أو إنسانية منذ وصولهن إلى بورتسودان، إذ يكافحن لإيجاد ما يكفي لإطعام أطفالهن الذين يعانون الجوع.
ونقلت "سودان تربيون" عن إحدى النازحات قصتها، قائلة إنها تركت وراءها كل ممتلكاتها في الخرطوم، حيث كانت تعيش في ظروف اقتصادية متواضعة، لكن الحرب أجبرتها على الفرار إلى أقاربها في بورتسودان، وتمكنت في البداية من تدبير أمورها، لكن مع مرور الوقت لم تتمكن إلا من توفير وجبة واحدة لأطفالها في اليوم، وبالتالي فهي تزور مقر الهلال الأحمر يوميًا، على أمل الحصول على مساعدات إنسانية أو مساعدات نقدية.
نهب مخازن الأدوية والطعام
ونقلت الصحيفة عن بركات فارس، القائم بأعمال الأمين العام للهلال الأحمر السوداني، في مقابلة، إن المنظمة الدولية للهجرة تدرس زيادة مبلغ الدعم النقدي وزيادة عدد المستفيدين، وبالتنسيق مع الهلال الأحمر السوداني، تقدم المنظمة الدولية للهجرة حاليًا 100 دولار شهريًا لـ2000 أسرة متضررة من الحرب، وتعتقد المنظمة أن التحويلات النقدية تقلل من ضعف المحتاجين، ما يقلل من ضرورة اللجوء إلى آليات التكيف الضارة.
ونوه "فارس" بضرورة إنشاء منافذ تسجيل إضافية لمنع التجمعات الكبيرة أمام مقر الهلال الأحمر، وعزا القصور في توزيع الإغاثة إلى قدرة المنظمة المحدودة بعد الهجمات على مكاتبها في الخرطوم بحري وزالنجي ونيالا خلال الحرب، وأضاف أنه تم نهب مخازن الأدوية وأغذية الأطفال، كما تمت سرقة 40 سيارة إسعاف.
ظروف متدهورة
ونظرًا لظروف الحرب المتدهورة، وجه الهلال الأحمر نداءً إلى الجهات المانحة لجمع 60 مليون فرنك سويسري، ولسوء الحظ تم توفير نحو 7% فقط من هذا المبلغ، ورغم هذه التحديات يعمل الهلال الأحمر في مناطق النزاع بالموارد المتاحة، لمساعدة النازحين في جميع أنحاء السودان، لكنه لا يستطع حاليًا العمل في سبع ولايات، بما في ذلك ولايات دارفور الخمس، وولايتي جنوب وغرب كردفان، بسبب المخاوف الأمنية في هذه المناطق.
ونقل الهلال الأحمر مكاتبه إلى بورتسودان، عاصمة ولاية البحر الأحمر في شرق السودان، التي أصبحت الآن العاصمة الإدارية المؤقتة للسودان، وجاءت هذه الخطوة عقب إحراق مكاتبهم في الخرطوم، خلال الاشتباكات على مدى الأشهر الخمسة الماضية.
اعتبارات سياسية
وأحد التحديات الكبيرة التي يواجهها الهلال الأحمر، توزيع الإغاثة على النازحين الذين يعيشون مع أسر مُضيفة، إذ لا يمكن تسجيلهم رسميًا كنازحين داخليًا متأثرين بالحرب، ونقل تقرير "سودان تربيون" عن إحدى النازحات، التي تقيم مع أقارب لها في بورتسودان، إنها لم تتلق أي مساعدة، ورغم من إنجابها طفلًا، إلا أنها تزور مقر الهلال الأحمر يوميًا بحثًا عن المساعدات الإنسانية، وهي لا تستطيع العمل بسبب مولودها الجديد وتكافح من أجل توفير ما يكفي من الطعام ليومها، وتقول السيدة السودانية: "لديّ أطفال يبكون من الجوع، وأعيش في منطقة عشوائية، حيث يحتاج جميع السكان إلى المساعدة".
من جانبه، شدد الأمين العام لجمعية الهلال الأحمر، على جهودهم لاستقطاب المزيد من المنظمات لسد الفجوة الإنسانية، وأكد أيضًا أن نقص التمويل والاهتمام الدولي بالوضع الإنساني المتدهور في السودان يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالاعتبارات السياسية، مشيرًا إلى أن المجتمع الدولي غالبًا ما يبني استجابته للأزمات الإنسانية في السودان على وجهات نظر سياسية، مشددًا على أن "الإنسان هو الإنسان في جميع أنحاء العالم".