الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

الحرف اليدوية في الوطن العربي.. بين "الاندثار" و"الانتصار"

  • مشاركة :
post-title
معرض "تراثنا" للحرف اليدوية والتراثية

القاهرة الإخبارية - رمضان حسن

في محاولة للحفاظ على هوية التراث الفني لبلدانهم، شاركت 5 دول عربية في الدورة الرابعة من معرض "تراثنا" للحرف اليدوية والتراثية، والذي أُقيم في مصر خلال الفترة من 9 إلى 15 أكتوبر الجاري، يعتبر هذا المعرض فرصة لأصحاب الحرف اليدوية للبقاء في الأسواق الشعبية، إذ تعتبر الحرف التقليدية جزءًا مهمًا من تاريخ الشعوب وحضاراتها. 

في الجانب الأيمن من القاعة 2 لمركز مصر للمعارض الدولية، خصص جناحًا للدول العربية لعرض منتجاتهم التراثية التي جاءوا بها من كل حدب وصوب، فمنهم من جاء من صحراء منطقة "نجد" السعودية وسط شبه الجزيرة، بمنتجات السدو، وسّف الخوص السعودي، وآخرون قصدوا شمال مصر وجاءوا من "أم درمان" ومعهم أشكال مختلفة من منحوتات الفلكلور السوداني، فضلا عن ألوان تأسر النظر لسلع حرفة الصوفيات الليبية. 

وللمرة الأولى يعرض المشاركون في المعرض أكثر من 30 حرفة يدوية بمنتجات وعارضين جدد، وصل إجمالي عددهم أكثر من 1000 عارض من أصحاب الحرف التراثية. 

داخل الركن المخصص للمعهد الملكي للفنون التقليدية السعودي جلست "مباركة"، إحدى السيدات المشاركات بأعمالهن اليدوية، تنسج أوراق الخوص، لتحوله لحقائب ومفروشات وغيرها، بما يعرف بحرفة "سّف الخوص"، فالأشكال التي تنسجها "مباركة" بيدها تثير فضول السيدات، خاصة الحقائب بأحجامها المختلفة المصنوعة من الخوص. 

هذه هي المرة الأولى التي شاركت فيها السيدة الخمسينية في معرض خارج المملكة، كما تقول "مباركة"، حيث شاركت في العديد من المعارض في نطاق المنطقة التي تعيش فيها بالمدينة المنورة. تعلمت مباركة الحرفة وقت أن كان عمرها لم يتخط الــ 14سنة. تقول: " ورثت الحرفة من أمي"، وساعدها في ذلك والدها المزارع البسيط، الذي "كان يجمع لنا الخوص من النخيل وبدأت التعلم بأشكال بسيطة"، وظلت هذه الحرفة مصدر دخل أسرتها لفترة كبيرة. 

في عام 2015 بدأت "مباركة" تدريب الفتيات على أصول حرفة السّف، لتصبح بعد ذلك مدربة بشكل مستمر، في المعهد الملكي للفنون التقليدية، "هذا تراثنا ونعتز فيه وما نبغيه يندثر"، وتعد حرفة "سّف الخوص" من أقدم وأشهر الفنون التقليدية، وهو فن رائع، ودليل على تكيف أهالي المناطق الزراعية مع بيئتهم، وإبراز مواهبهم وأذواقهم الفنية، والخوص يأتي من "النخلة المباركة" وهي النخلة التي لا يُرمي منها ولا شيء، هكذا تعرفه مباركة.

 

وتعددت أشكال منتجات الخوص داخل المملكة "تستخدم بشكل واسع في المطاعم والمجالس الشعبية في بعض المناطق في السعودية تستخدمها كـ"حصير" وأيضًا "مفرش للطعام"، وتتطلع مباركة للخروج بمنتجاتها اليدوية من "سف الخوص" إلى معارض في كل دول العالم، إذا تمكنت من ذلك "بفرح لما أنشر تراثنا خارج المملكة".  

على بعد خطوات من ركن مباركة، كانت فاطمة المطيري تعرض منتجاتها من السدو السعودي، حيث ألوانها المميزة التي نالت إعجاب الحاضرين، ومنسوجات يدوية قيمة، يعود عمرها إلى عشرات السنين، وتشارك "المطيري" أيضا ضمن الركن التابع للمعهد الملكي للفنون التقليدية، "جئنا لنشارك ثقافتنا ونشارك أخواتنا المصريين في المعرض".

 تقول المطيري: حرفة السدو منتشرة في السعودية وتحديدا في منطقة "نجد"، وهي المنطقة التي تعلمت فيها "المطيري" أحد أقدم الحرف التراثية في السعودية، ويعد أهم ما يميز حرفة " السدو"، أن الخامات التي تدخل في صناعتها طبيعية، "قديما كان السدو عبارة عن صوف طبيعي بنسبة 100 %، ومع التطور أدخلنا معها الصوف الصناعي"، ليعطي المنسوجات تنوعا مميزا، وذلك من باب التطوير في الصناعة ومجاراة العصر، كما أن الصوف الصناعي يوفر في التكلفة، تؤكد فاطمة. 

الوقت والجهد، هما العاملان الأكثر صعوبة في حرفة السدو، حيث إن القطعة الواحدة تحتاج لوقت طويل وجهد مضاعف لتنتهي منها السيدة "هناك لوحة استغرق العمل فيها شهرين". وتشيد فاطمة بجهود المملكة في الاهتمام بتطوير الحرفة في الأعوام الأخيرة، وأنها في طريقها للرجوع وبقوة مرة أخرى. 

 داخل جناح الدول العربية بقاعة 3 أيضا، كان منير ميشري (62 سنة) يعرض منتجات الفلكلور السوداني، والتي جاء بها من ورشته بأم درمان، وهى عبارة عن منتجات الجلود، ومشغولات يدوية، وتحف خشبية وأحجار، يشكو الرجل من حالة الركود التي يعاني منها السودان في الفترة الأخيرة، والتي كان لها تأثير على حرفته التراثية، "الأول كان في شغل، ودلوقتي قلت السياحة وقل معه البيع". 

ويشارك "ميشري" في معرض "تراثنا" للمرة الثالثة، في الركن المخصص لجمعية برندة للتراث، "هدفي هو الحفاظ على التراث السوداني رغم الظروف التي نمر بها". مشيرا إلى أنه يشعر بتحسن في حركة البيع في هذه الدورة من المعرض.

أواخر التسعينيات، بدأ والده في الاعتماد عليه في جميع الأمور المتعلقة بعمله في صناعة هذه المنتجات، "أبويا رماني في السوق لوحدي بس بعد ما كنت اتعلمت"، إلا أن الشاب - آنذاك- وجد صعوبة في توفير المواد الخام المستخدمة في الصناعة، ما دفعه للتفكير في عمل ورشة صغيرة، لتكون مكانا معروفا لبائعي المواد الخام الطبيعية، وكذلك للتجار والزبائن، يتذكر ميشري.   

 بألوان زاهية مميزة، عرض "يحيى ترولي" منتجاته من السعفيات والصوفيات في الركن المخصص له، التابع للبرنامج الوطني للمشروعات الصغيرة والمتوسطة لدولة ليبيا، ليشارك بها الرجل القادم من المنطقة الغربية بصحراء ليبيا للمرة الأولى في المعرض. 

يقول: إن هذه منتجات المشروعات الصغيرة للأسر المتوسطة، "المرأة الليبية هي صاحبة هذا الفن التراثي الذي نعرضه الآن بمصر"، وحرفة السعفيات هي أكثر الحرف التي يتقنها السكان، حيث تتركز في المناطق التي ينتشر فيها النخيل، بحسب ترولي فإن العديد من الأسر العربية تعمل بهذه الحرفة، ولكن تختلف البصمة من بلد لأخرى، "وكمان من منطقة لأخرى". 

عمل "يحيى" على برنامج للحرف اليدوية وتطويرها والترويج لها منذ عام 2015، حيث استهدف هذا البرنامج العمل على تحسين دخل المرأة التي تتقن هذه الحرف، وذلك قبل تدريبها من خلال دورات تدريبية خاصة يتحملها رواد الأعمال والمسوقين، وفق ما أكده يحيى، فإن التسويق هو العامل الأهم لانتشار هذه المنتجات، "التسويق يعتمد على الشخص نفسه، وما هي خططته للتسويق.

 حضور مثل هذه المعارض خارج ليبيا واحد من خطط التسويق التي يستهدفها الترولي "عرض منتجنا بالخارج يساعد في فتح أسواق جديدة لنا"، ويشتري ترولي هذه المنتجات من ربات البيوت ليقوم بالترويج لها وبيعها، وأيضا "نعطيها بعض النصائح لتطوير منتجاتها".