تحارب أوكرانيا روسيا والوقت في هجومها المضاد، الذي شنته قبل ثلاثة أشهر ردًا على العملية العسكرية الروسية الدائرة رحاها قبل 573 يومًا، وبحسب رئيس الأركان الأمريكي مارك ميلي، فإن أوكرانيا أمامها أقل من 35 يومًا لإحراز تقدم في الهجوم، ثم يأتي الشتاء، ويبدأ هطول الأمطار وتصبح أرض المعركة موحلة للغاية، وهو كابوس للمعدات الثقيلة مثل المركبات المدرعة، التي تجد صعوبة في التحرك في الوحل، بحسب موقع "إني تي في" الألماني.
ومن الجانب الروسي فإن فصل الشتاء هو بمثابة سلاح دفاعي لهم من الطبيعة، ويطلقون عليها عملية "راسبوتيتسا"، وهو مصطلح روسي يطلق في شمالي الاتحاد الروسي على الوحل المائع الناجم عن ذوبان الثلوج وتحرر التربة من جليدها في فصل الربيع عقب ارتفاع درجة الحرارة، ويشكل ذلك الوحل المائع عقبة أمام المواصلات البرية، وتستمر ظاهرة الوحل المائع قرابة أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع.
معركة ضد الزمن بالنسبة للأوكرانيين
وعلى هذا فإن الأسابيع القليلة الأخيرة قبل بداية الخريف سوف تكون بمثابة معركة ضد الزمن بالنسبة للأوكرانيين، حتى لو كانوا هم أنفسهم يقولون إن الفترة الموحلة لن توقف الهجوم.
وخلال الخريف تصبح فيها التربة أكثر ليونة مع بداية موسم الأمطار، وتستمر هذه المرحلة نحو ستة إلى ثمانية أسابيع وتحدث مرتين في السنة، خاصة في أوكرانيا وبيلاروسيا وروسيا، خلال أمطار الخريف ونتيجة ذوبان الثلوج في الربيع.
وتعد سبب الفترات الموحلة الظروف الجغرافية، فلا توجد جبال أو تلال يزيد ارتفاعها عن 150 مترًا بين المدن الثلاث؛ سانت بطرسبرج وموسكو وكييف، التي يفصل بين كل منها نحو 1000 كيلومتر.
تربة طينية صعبة
كما أنه لا يمكن تصريف الأمطار في الخريف والكتل المائية الناتجة عن ذوبان الثلوج في الربيع بسرعة كافية، ونظرًا لنوع الصخور الموجودة في الجبال الصغيرة، لا يمكن للمياه أن تتسرب بكميات كبيرة ليتم إطلاقها لاحقًا من المصادر إلى مجاري المياه بعد تخزينها مؤقتًا، ونتيجة لذلك، تصبح الأرض طرية وتتحول إلى طين.
ومع ذلك، فإن أوكرانيا تضع التحديات العسكرية في منظورها الصحيح، إذ قال رئيس المخابرات في كييف، كيريلو بودانوف، إن القتال سيستمر، ويعترف بأن القتال أكثر صعوبة في الظروف الباردة والرطبة والموحلة.
مهمة صعبة على المشاة وإخراج المصابين
ويؤدي ذلك إلى مشكلتين: أولاً، لم يعد من الممكن أن ترافق قوات المشاة بسهولة دبابات القتال الرئيسية أو ناقلات الجنود المدرعة، هذا ممكن، لكنه سيبطئ التقدم بشكل كبير، كما يقول الخبير الروسي جيرهارد مانجوت.
وأضاف أن الطين يجعل الأمور أكثر صعوبة ليس فقط على المركبات، بل على الجنود أيضًا، ما يمنعهم من إحراز تقدم سريع، ومن المحتمل أن يكون التحدي الآخر هو تناوب القوات المسلحة وتجديد الاحتياطيات.
وتواجه أوكرانيا بالفعل مشكلات في إخراج الجنود الجرحى من المناطق المتنازع عليها بشدة وجلب قوات جديدة لأنهم يتعرضون لنيران مستمرة من المدفعية الروسية، وإذا واجهت المركبات المدرعة صعوبة في التحرك في الوحل أو حتى عالقة في بعض الحالات، فقد يصبح ذلك مشكلة خطيرة للقوات الموجودة في الجبهة.
روسيا أقل ضررًا
وهذ بالفعل ما حدث في العام الماضي، بعد ما تمكنوا من إحراز تقدم على الرغم من حلول فصل الشتاء في أوائل نوفمبر الماضي، عندما اضطر الروس إلى سحب قواتهم من الضفة اليمنى لنهر دنيبرو
بالنسبة للروس، فإن الفترة الموحلة لها عيوب أقل من الأوكرانيين، من خلال كونهم في موقف دفاعي وعدم الاضطرار إلى المضي قدمًا، فإنهم يبقون إلى حد كبير في خنادقهم ويحاولون صد هجمات الأوكرانيين، وبحسب مانجوت، تسببت الأمطار في تكوين المياه في الخنادق، ولكن ليس إلى الحد الذي يمكن أن تمتلئ به.