حذّرت السلطات الصحية في المملكة المتحدة من خطر انتشار مرض الحصبة مجددًا، بعدما أظهرت الأرقام أن أكثر من 100 ألف طفل لم يحصلوا على لقاح الحصبة قبل التحاقهم بالمدارس الأسبوع الماضي. وقد أصدرت بعض المجالس المحلية تحذيرات للآباء بإمكانية فرض عزل منزلي لمدة 21 يومًا على أي طالب لم يتلق اللقاحين، في حال إصابة أي زميل بالعدوى، ما يعكس قلق السلطات من احتمال اندلاع تفشي واسع لحالات الحصبة بدون تعزيز معدلات تلقي اللقاح.
تهديد 100 ألف طفل
أظهرت أحدث الأرقام الصادرة عن هيئة الأمن الصحي البريطانية أن أكثر من 102 ألف طفل في عمر بين 4 و5 سنوات بدأوا المدارس الإنجليزية مطلع الأسبوع دون أن يتم تلقيحهم بالكامل ضد مرض الحصبة. ووفقًا لما أشارت إليه صحيفة "ذا تليجراف" شكلت هذه النسبة ما يقارب 5% من إجمالي عدد الأطفال في تلك الفئة العمرية. كما بلغت نسبة الأطفال غير المحصنين في لندن وحدها 32 ألف طفل، ما يشكل خطرًا جديًا على انتشار العدوى.
المعايير الدولية للتطعيم
وفقًا للمعايير العالمية الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، فإن نسبة التحصين ضد الحصبة يجب ألا تقل عن 95% من إجمالي السكان لضمان المناعة الجماعية. إلا أن الصحيفة البريطانية أشارت الى أن هذه النسبة في العاصمة البريطانية لندن لم تتجاوز 75% بين الأطفال دون عمر 5 سنوات، ما يعرّض مئات الآلاف لخطر الإصابة. وهذا يأتي انعكاسًا لمعدلات ضعيفة في تلقي اللقاح خصوصًا خلال فترة انتشار فيروس كورونا.
وأشارت وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة، إلى أنه بدون ارتفاع معدل تلقي التطعيمات، يمكن أن تشهد لندن ما بين 40 ألفًا و160 ألف حالة إصابة بالحصبة، مع معدلات دخول إلى المستشفى تتراوح بين 20 و40% .
ارتفاع حاد في عدد حالات الإصابة
كشفت إحصائيات أخيرة عن ارتفاع حاد في عدد حالات الإصابة بالحصبة في المملكة المتحدة خلال النصف الأول من العام الجاري، بعد أن بلغ عدد الحالات 128 حالة مقارنة بـ54 حالة فقط خلال عام 2022 كاملًا. وسجلت العاصمة لندن وحدها 66% من تلك الحالات. كما توقعت دراسات استشرافية أجرتها الهيئة البريطانية للأمن الصحي أن عدم تحسن معدلات التحصين قد يؤدي إلى إصابة بين 40 و160 ألف حالة جديدة في العاصمة.
تحرك حكومي
في محاولة للحد من مخاطر هذا التفشي المتوقع، بدأت العديد من المجالس المحلية إرسال رسائل إلى أولياء أمور التلاميذ في مدارس مناطقها يطلبون فيها تلقيح أطفالهم بشكل عاجل. كما حذّرت الرسائل من إمكانية فرض عزل منزلي لمدة 21 يومًا على أي طفل غير محصن يكون قد تعرض للعدوى. وهو ما يتوافق مع التوصيات الصحية الوطنية لمنع انتشار العدوى.
الفئات المتضررة
من المتوقع أن تتركز آثار هذا التفشي المحتمل لحالات الحصبة على فئتين عمريتين بشكل خاص. الأولى هم الأشخاص دون عمر 18-24 سنة، وهم الجيل الذي تأثرت معدلات تلقي اللقاح لديه بسبب الشائعات الكاذبة التي انتشرت حول الربط - المنفي علميًا - بين اللقاح وحالات التوحد. والثانية هي مجموعة الأطفال دون سن الرابعة، أولئك الذين فاتتهم اللقاحات أثناء الوباء وسط إغلاق المدارس، وتحويل القائمين على التطعيم لإعطاء لقاحات كوفيد، وزيادة المشاعر "المناهضة للقاحات".
مرض شديد العدوى
تعد الحصبة من الأمراض شديدة العدوى، إذ إن كل حالة مصابة قادرة على نقل العدوى لما يصل إلى 18 شخصًا غير محصنين. كما أن أعراضها تظهر في العادة بعد 10-14 يومًا من الإصابة، ما يتيح للفيروس فرصة كبيرة للانتشار. وفي حال عدم التدخل العلاجي والوقائي العاجل، فإن خطر الوفاة قد يصل إلى 1-2 حالة من كل 1000 حالة. كما أن 20% من الحالات تتطلب دخول المستشفى، في حين يعاني 15% من مضاعفات خطيرة مثل التهاب السحايا أو التهاب الكبد.
نقل العدوى
تقول الدكتورة أوجي إيلوزو، المستشارة السريرية الرئيسية في برنامج التطعيمات التابع لمنظومة الصحة الوطنية في لندن، إن مرض الحصبة قد يبدأ بأعراض تشبه الزكام والسعال في البداية. لكن خلال هذه المرحلة التي لا تظهر فيها الحمى بعد، يكون الشخص المصاب عرضة لنقل العدوى لتسعة أشخاص من أصل عشرة غير محصنين في بيئته.
تحذير آباء الطلبة من المخاطر
أكدت السلطات الصحية أن إرشاداتها لا تشير بالضرورة إلى فرض إجباري للعزل المنزلي على التلاميذ غير المحصنين. بل إنها تترك الأمر لتقدير مديري المدارس مع مراعاة الظروف المحيطة. ومع ذلك، فإن هذه الإرشادات تهدف إلى تحذير آباء الطلبة من المخاطر المحتملة وتشجيعهم على تلقيح أبنائهم لحمايتهم.
لقاح الحصبة
من جانبها، دعت هيئة الأمن الصحي البريطانية أولئك الذين لم يتلقوا لقاح الحصبة بعد إلى التوجه للمراكز الصحية لتلقي الجرعتين الضروريتين قبل فوات الأوان. خاصة أن هناك خطر تفشي محتمل للمرض خلال الفترة المقبلة بسبب ارتفاع معدلات عدم التحصين. كما أوضحت أن اللقاح آمن وفعال للوقاية من مرض خطير يمكن أن يتسبب بمضاعفات بالغة.