يتزايد اهتمام أوكرانيا، خلال الفترة الحالية، بشأن مصير الرجال الفارين من الخدمة العسكرية، وهل من الممكن إعادتهم؟، إذ تقدر الأعداد في ألمانيا وحدها بنحو 185 ألف رجل على أقل تقدير.
وفي أوكرانيا، لا تزال المناقشة حول الرجال الخاضعين للخدمة العسكرية الذين فروا إلى الخارج بعد الحرب التي شنتها روسيا، وبالتالي تهربوا من التعبئة، بحسب موقع "فوكس أونلاين".
إعادة الفارين من الحرب
وقال ديفيد أراشاميا، زعيم فصيل الحزب الرئاسي الحاكم "خادم الشعب" في البرلمان الأوكراني، إنه من الممكن تسليم الأشخاص الذين تهربوا بشكل غير قانوني من الخدمة العسكرية.
وأوضح "أراشاميا" للتلفزيون الأوكراني: "يمكن لوكالات إنفاذ القانون أن تطلب تسليم هؤلاء الأشخاص وإعادتهم إلى أوكرانيا لمحاسبتهم بعد ذلك، وبحسب قوله، فإن هذه الحالات تم اكتشافها من خلال ضوابط تتعلق بالرشوة وتزوير المستندات والهروب من التعبئة".
وزير العدل يعترف بالأزمة
ومع ذلك، اعترف دينيس مالجوسكا، وزير العدل الأوكراني، بأن تسليم المتهربين يمثل مشكلة كبيرة، حتى فيما يتعلق بجرائم أكثر وضوحًا، مثل هروب كبار المسؤولين الفاسدين إلى الخارج.
وقال الوزير للتلفزيون الأوكراني، إن المحاكم حذرة للغاية عندما يتعلق الأمر بتسليم المجرمين، خاصة أننا في حالة حرب، لكنه على يقين من أن الوضع سيتحسن إذا تم تغيير القوانين ومنح الأشخاص الذين تم تسليمهم المزيد من الأمن.
كييف تترقب
ولم تطلب كييف بعد من السلطات الألمانية ترحيل الرجال في سن الخدمة العسكرية، الذين غادروا أوكرانيا بشكل غير قانوني أو الذين لم يعودوا إلى أوكرانيا بعد مغادرة البلاد بشكل قانوني.
وبحسب ماكسيميليان كال، المتحدث باسم وزارة الداخلية الفيدرالية، دخل ألمانيا 214263 مواطنًا أوكرانيًا تتراوح أعمارهم بين 18 و60 عامًا، منذ اندلاع الحرب الروسية وحتى 31 يوليو من هذا العام.
كيف يتم تنظيم التسليم؟
وتخضع حركة تسليم المجرمين مع أوكرانيا لاتفاقية تسليم المجرمين الأوروبية والبروتوكولين الإضافيين الثاني والثالث للاتفاقية.
ووفقًا للفقرة 1 من المادة 2، فإن الشرط الأساسي للتسليم هو أن يكون الفعل مُعاقبًا عليه بموجب قانون الدولة الطالبة وقانون الدولة التي يتم التسليم فيها.
ومع ذلك وفقًا للمادة 4، يتم استبعاد تسليم المجرمين في الجرائم العسكرية، "هذا يشير في المقام الأول إلى الجرائم التي تتعلق حصرًا بانتهاك الواجبات العسكرية".
ويعني ذلك أن الجرائم المنصوص عليها في القانون الجنائي العسكري الألماني "الفقرات 15-18"، بما في ذلك الفرار من الخدمة والتهرب من الخدمة عن طريق الخداع، لن تظل أساسًا لتسليم المجرمين.
وقالت وزارة العدل الألمانية: "ومع ذلك، إذا كان الفعل يعاقب عليه بموجب القانون الجنائي العام، على سبيل المثال الرشوة لتجنب التجنيد فإن الاستثناء لا ينطبق".
الترحيل بسبب التزوير؟
وشرح فرانك بيتر شوستر، أستاذ القانون الجنائي الدولي في جامعة جوليوس ماكسيميليان البافارية في فورتسبورج الوضع، قائلًا: "في حالات تزوير الوثائق واستخدام الشهادات المزورة والرشوة، يمكن تقديم طلب تسليم، وحتى وضع الحماية للاجئين الأوكرانيين في ألمانيا لا يمنع ذلك".
وفي حال انتهاك الالتزام بتقديم الخدمة العسكرية، الذي يؤدي أيضًا إلى فرض عقوبات في ألمانيا، لا ينبغي لكييف أن تعتمد على تسليم الأوكرانيين الذين يتهربون من التعبئة، وفقًا للخبير.
ومع ذلك، سيتعين على أوكرانيا أولًا جمع الأدلة، وبدء إجراءات جنائية، وإثارة الشكوك أو إصدار حكم غيابي، وأخيرًا تقديم طلب للتسليم، عندها فقط يمكن للمحاكم الألمانية البدء في دراسة الأسباب.
هروب الآلاف
وقال أندريه ديمتشينكو، المتحدث باسم حرس الحدود الأوكراني، إن حرس الحدود اعتقل نحو 14600 شخص أرادوا مغادرة أوكرانيا بشكل غير قانوني، منذ 24 فبراير من العام الماضي، إلى جانب القبض على نحو 6200 رجل يحملون تصاريح خروج مزورة.
ويحاول العديد من الأوكرانيين تجنب الخدمة العسكرية وألقي القبض على الهاربين عند "الحدود الخضراء"، خاصة مع رومانيا ومولدوفا، وأغلبهم من الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و60 عامًا.
وأعلنت السلطات بالفعل أن 19 رجلًا على الأقل غرقوا في نهر تيسا، الذي يقع على الحدود مع رومانيا والمجر وحدهما، كما تجمد العديد منهم حتى الموت في أثناء فرارهم عبر منطقة جبال الكاربات.
رشاوى مقابل الإعفاء من الخدمة العسكرية
في بداية الحرب، صدر أمر بالتعبئة العامة مع حظر خروج الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و60 عامًا، الذين كانوا خاضعين للخدمة العسكرية، ووفقًا لوكالة إحصاءات الاتحاد الأوروبي "يوروستات"، سجل أكثر من 650 ألف رجل أوكراني تتراوح أعمارهم بين 18 و64 عامًا كلاجئين في دول الاتحاد الأوروبي الـ27 والنرويج وسويسرا وليشتنشتاين.
وذكر "زيلينسكي" أنه دفعت رشاوى تصل 13700 يورو للفرد مقابل الإعفاء من الخدمة العسكرية، مُعلنًا أنه في نهاية أغسطس ستراجع السلطات جميع حالات وقف الخدمة لأسباب صحية مزعومة.
وتزدهر في أوكرانيا بيع وثائق الإعفاء من الخدمة العسكرية، وبعد موجة من المداهمات والاعتقالات على مكاتب التجنيد بأمر من الرئيس فولوديمير زيلينسكي، وصل سعر هذه الأوراق الآن أكثر من 10 آلاف يورو، بحسب القضاء الأوكراني.