يتقدم الهجوم المضاد الأوكراني في الصراع الدائر مع روسيا بشكل أبطأ مما كان متوقعًا، وفي حين أظهر الجيش الأوكراني القدرة على التكيف والشجاعة في دمج التكنولوجيات والقدرات الجديدة، فإن تحرير الأراضي كان بتكلفة عالية، وبحسب مجلة "فورين أفيرز"، ساهمت عوامل عديدة في هذا التقدم التدريجي البطيء، بما في ذلك التحديات في تنسيق المناورات العسكرية المشتركة، ونوع التدريب الذي يقدمه الحلفاء الغربيون، والتأخير في إمدادات الأسلحة والمعدات، وإرث العقيدة العسكرية السوفيتية بالنسبة للقوات المسلحة الأوكرانية.
تطور أداء القوات الروسية
ومع ذلك، فإن التحديات التي تواجهها أوكرانيا تنبع أيضًا من سلوك القوات الروسية المتطور، ففي الأشهر الأولى من الصراع، بدا أن روسيا ترتكب أخطاء متكررة، ومع مرور الوقت، قامت القوات المسلحة الروسية بتحسين تكتيكاتها في ساحة المعركة، ما مكّنها من استهداف الوحدات الأوكرانية بشكل أكثر فعالية وحماية أنظمة القيادة الخاصة بها، وقد سمح هذا لروسيا بالاستفادة من مزايا قواتها العددية والقوة النارية، وتحويل الصراع من هجوم سريع إلى معركة طويلة.
رغم الخسائر.. الجيش الروسي يتقدم
وعلى الرغم من هذا التطور، فإن المؤسسة العسكرية الروسية ليست في أفضل حالاتها، وبحسب "فورين أفيرز"، تكبدت خسائر كبيرة، بما في ذلك الدبابات وغيرها من المعدات، وتم الاستيلاء على العديد من أسلحتها أو إتلافها أو تدميرها، كما أن بعض القوات الروسية ليست على مستوى عالٍ من التدريب، ومعنوياتها منخفضة، ومضطرة للقتال. ومع ذلك، فإن الجيش الروسي يتعلم ويتكيف، ولو ببطء وبتكلفة باهظة.
قدرات الحرب الإلكترونية الروسية
وقامت روسيا بتنشيط قدراتها في الحرب الإلكترونية، وذلك باستخدام أنظمة لتعطيل الاتصالات والملاحة الأوكرانية، واعتراض الاتصالات العسكرية، واستهداف الطائرات المسيّرة والطائرات المقاتلة، وأثبتت هذه الأنظمة قيمتها في إضعاف قدرات أوكرانيا.
تعديل تكتيكات المشاة
بالإضافة إلى ذلك، قامت روسيا بإعادة هيكلة بنيتها التحتية للقيادة والسيطرة وتحسين التنسيق من أجل مقاومة الهجوم المضاد الأوكراني بشكل أفضل، كما قامت بتعديل تكتيكات المشاة، باستخدام المجندين والقوات الأقل تدريبًا، ما أجبر القوات الأوكرانية للكشف عن مواقعها ونفاد الموارد، وقد ركزت روسيا مدفعيتها في ألوية متخصصة، ما عزّز قوتها النارية.
بطء وتيرة الهجوم المضاد الأوكراني
وبشكل عام، ترى المجلة الأمريكية أن بطء وتيرة الهجوم المضاد الأوكراني يرجع إلى عدة عوامل، بما في ذلك الصعوبات الكامنة في إجراء عمليات هجومية مشتركة واسعة النطاق ضد عدو راسخ، والتأخير في تلقي الأسلحة والمعدات اللازمة، ورغم أن هذه التحديات لا تشير إلى فشل جهود أوكرانيا، فإنها تسلط الضوء على الحاجة إلى الصبر من جانب شركائها، ويتعين على الغرب أن يستمر في تقديم الدعم العسكري والمساعدة، مع الاعتراف بأن هذا الصراع يشكل حرب استنزاف، وأن أوكرانيا تحتاج إلى الوقت لإرهاق خصمها.