يواجه جنود الجيش الفيدرالي الإثيوبي، اتهامات بقتل ما يزيد على 70 مدنيًا، ونهب ممتلكات في بلدة في ولاية أمهرة، حسب ما ذكرت صحيفة" الجارديان" البريطانية، في تقرير لها، نقلًا عن شهود عيان.
ووقعت عمليات العدوان في ماجيتي، وهي بلدة ريفية في شمال شرق إثيوبيا، بعد أسبوعين من القتال العنيف، بين جنود الجيش الإثيوبي، ومسلحي "فانو" وهي ميليشيا أمهرة.
وحدثت الفظائع المزعومة بعد أن احتلت القوات الإثيوبية البلدة في 3 سبتمبر الجاري. ونقلت "الجارديان" عن ناجين، أن الضحايا كانوا مزارعين غير مسلحين.
وقالت يساينيش، وهي امرأة تبلغ من العمر 29 عامًا، إن شقيقيها الأصغر سنًا منها قتلا، بمجرد اجتياح الجنود الفيدراليين للمدينة، وقاموا بعمليات تفتيش من منزل إلى منزل".
وأضافت: "لقد جاؤوا إلى قريتنا في وقت متأخر من بعد الظهر. سألوني وعائلتي أين نخفي أسلحتنا وهددونا بإجبارنا على تسليم الأسلحة إليهم.. أخبرناهم أننا مزارعون أبرياء وليس لدينا أسلحة. وعندما لم يعثروا على أي سلاح بعد تفتيش المنزل، اعتقلوا شقيقي الاثنين إلى جانب الشباب الأصغر سنًا في قريتنا، وأطلقوا النار على رؤوسهم جميعًا".
ما هي مليشيات فانو؟
وتتكون مليشيا "فانو" من 4 فصائل، وهي منتشرة في مناطق متفرقة من إقليم أمهرة، وهي قوات "فانو جوندر" وقوات "فانو وللوا" وقوات "فانو شوا" و"فانو جوجام".
وقررت القوات في الفصائل الأربعة إنشاء تحالف أطلقت عليه تحالف "فانو" شرق الأمهرة. ولكن ووفقا لقائد قوات فانو في وللوا، مسجانا دسيي، أن كل الفصائل التي تقاتل تحت اسم "الفانو" لم تتوصل بعد إلى تشكيل قيادة مشتركة لها، وأن كل المحاولات الحالية هي مجرد تنسيق ساهمت في إنجاح بعض العمليات العسكرية.
واتهمت قوات "فانو" الحكومة الإثيوبية بعرقلة كل المحاولات التي تمت من أجل توحيد فصائل "الفانو" معللًا ذلك بانعدام الرغبة لدى الحكومة في إعادة ملكية منطقة الولقايت ورايا للأمهرة.
اندلاع القتال في أمهرة
وتجدر الإشارة إلى أن القوات الفيدرالية الإثيوبية، ومليشيا" فانو"، تحالفتا في حرب "تيجراي" التي انتهت في نوفمبر العام الماضي.
وفي الحرب ضد إقليم تيجراي، قدم الجيش الإثيوبي دعما عسكريا لفصائل "الفانو" التي تعمل ضمن تحالف "فانو" شرق الأمهرة، وذلك عقب توغل قوات "تيجراي" في بعض مناطق الإقليم.
ونشبت الخلافات بين القوات الفيدرالية وفصائل "الفانو" بعد محاولة الحكومة الفيدرالية نزع سلاح القوات الخاصة للإقليم المعروفة باسم "فانو"، تطبيقًا لبند من بنود اتفاق السلام الشامل الذي وقعته مع جبهة تحرير تيجراي في نوفمبر من العام الماضي.
ونص اتفاق السلام الشامل الموقع بين الحكومة الإثيوبية وجبهة التيجراي على توحيد القوة العسكرية تحت لواء وزارة الدفاع الإثيوبية، ونزع سلاح الميليشيات المسلحة كافة، وإعادة دمج عناصرها داخل الجيش النظامي، وهو ما ترفضه القوات الأمهرية، معتبرة أنها ليست طرفًا في الاتفاق، فضلًا عن أن تكوينها كجهة مسؤولة عن الأمن والسلام في الإقليم، جاء وفقًا للدستور الفيدرالي الإثيوبي، الذي يمنح كل إقليم مسؤولية حماية أراضيه بتكوين قوات تتبع إدارته.
وأشارت" الجارديان" إلى اتهامات وجهت إلى القوات الفيدرالية الإثيوبية وميليشيا فانو، بارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال حرب تيجراي، بما في ذلك التطهير العرقي والتعذيب والعنف الجنسي.
لكن القتال اندلع بين الطرفين، الشهر الماضي، بعد أن أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد عن خطط لتفكيك القوات شبه العسكرية الإقليمية، واستيعابها في الجيش الفيدرالي، ورفضت ميليشيا "فانو" تسليم أسلحتها.
وأعلنت الحكومة الإثيوبية، حالة الطوارئ على مستوى البلاد في 4 أغسطس الماضي. ومنذ ذلك الحين، ظهرت تقارير عن غارات جوية وسقوط ضحايا بين المدنيين في جميع أنحاء منطقة أمهرة.
وأثارت أعمال العنف المخاوف إزاء استقرار ثاني أكبر دولة إفريقية من حيث التعداد السكاني، وذلك بعد سبعة أشهر على التوصل إلى اتفاق سلام وضع حدًا لنزاع وحشي استمر سنتين في منطقة تيجراي المجاورة.
عمليات قتل ونهب
ونقلت" الجارديان" عن أم لثلاثة أطفال تبلغ من العمر 35 عامًا، إنها فرت من بلدتها بعد أن شهدت عمليات العدوان، وقالت: "كان عمي مزارعًا مسنًا لا علاقة له بميليشيا فانو".
وأوضحت الأم: "لقد نهب الجنود الفيدراليون ماشيتنا وقتلوا عمي مع جيران آخرين، الذين كانوا أيضًا مزارعين أبرياء.. نفذوا عمليات القتل والنهب، قائلين إن المزارعين هم الذين يطعمون مقاتلي ميليشيا فانو".
كما وصف أحد المزارعين كيف نهبت القوات الفيدرالية جميع ممتلكاته خلال عملية تفتيش من منزل إلى منزل، وأوضح: "استولى جنود أبي أحمد بلا رحمة على جميع ماشيتي، والحبوب الغذائية التي قمت بتخزينها، والأسمدة. وعندما توسلت إليهم أن يتركوا عددًا قليلًا من ماشيتي على الأقل، صفعوني على وجهي."
وأدلى ناجون آخرون بشهادات مماثلة عن جنود في الجيش الإثيوبي أرهبوا القرويين، واتهموهم بدعم فانو، وإخفاء مقاتلين وأسلحة في منازلهم.
وقال الناجون إن جنود الجيش الإثيوبي، يهددون السكان بتزويدهم بمعلومات عن ميليشيا فانو، وبالاعتراف إذا كان لديهم أي فرد من أفراد الأسرة انضم إلى مجموعة ميليشيا فانو.
ونقلت" الجارديان" عن زورياش الذي يعيش في ماجيتي: "أنا أعيش في خوف. وفي كل ساعة كان الجنود الفيدراليون يأتون لتفتيش المنازل أو إيقافي للاستجواب، إنني خائف للغاية من أن يقتلوني تعسفًا، تمامًا كما فعلوا مع الضحايا الأبرياء الآخرين".
وفي الشهر الماضي، أعربت مارتا هورتادو، المتحدثة باسم مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، عن قلقها بشأن تدهور الوضع في أمهرة، حيث قُتل ما لا يقل عن 183 شخصًا منذ يوليو.
وفي الشهر الماضي، قُتل ما لا يقل عن 26 شخصًا في غارة بطائرة بدون طيار في بلدة فينوتى سلام.
وأكدت هورتادو في بيان لها، التقارير عن عمليات تفتيش من منزل إلى منزل في أمهرة منذ أوائل أغسطس. وأضافت: "ندعو جميع الأطراف إلى وقف عمليات القتل والانتهاكات والتجاوزات الأخرى".
وقد أعرب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عن قلقهما إزاء القتال في أمهرة والتقارير عن انتهاكات حقوق الإنسان.