تشهد شبه الجزيرة الكورية حاليًا تصاعدًا ملحوظًا في التوترات الإقليمية؛ نتيجة للتجارب الصاروخية المستمرة التي تجريها كوريا الشمالية، وبحسب "بيونج يانج"، تهدف هذه التجارب إلى تطوير برنامج البلاد النووي كوسيلة لردع أي تهديدات محتملة من جانب الولايات المتحدة وحلفائها، وتتزايد هذه التوترات بشكل كبير بعد إجراء أي مناورات عسكرية مُكثفة من قبل واشنطن وسول.
وفي هذا السياق، يبحث الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونج أون، عن دعم حلفائه المقربين في مواجهة هذه التهديدات، ومن المتوقع أن يُجري كيم جونج أون زيارة إلى روسيا للقاء الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وبحث إمكانية تزويد كوريا الشمالية بالأسلحة، وذلك بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية. وتأتي الزيارة في ضوء تطور العلاقات العسكرية بين موسكو وبيونج يانج، واهتمام روسيا بتعزيز علاقاتها مع كوريا الشمالية.
تفاصيل الزيارة
وفي رحلة وصفتها وسائل الإعلام الأجنبية، بأنها "نادرة"، سيسافر الزعيم الكوري الشمالي من بيونج يانج، بقطار مصفح إلى فلاديفوستوك، على ساحل المحيط الهادئ في روسيا، حيث سيلتقي بوتين، حسبما ذكرت "نيويورك تايمز".
وأكدت الصحيفة الأمريكية، أن كيم سيبحث مع بوتين إمداد روسيا بقذائف مدفعية وصواريخ مضادة للدبابات، مقابل حصول كوريا الشمالية على تكنولوجيا موسكو المتقدمة للأقمار الصناعية والغواصات التي تعمل بالطاقة النووية.
وتأتي تلك الزيارة في أعقاب تعبير أمريكا عن قلقها من تنامي التعاون العسكري بين روسيا وكوريا الشمالية، حيث أعلن وزير الدفاع الروسي، أنه بحث مع الزعيم الكوري الشمالي إمكانية إجراء مناورات عسكرية مُشتركة، بمشاركة الصين.
ومن جهته، قال وزير الدفاع الروسي، سيرجي شويجو، في تصريحات لوكالة "إنترفاكس" تعليقًا على إمكانية إجراء مناورات مشتركة مع بكين وبيونج يانج، "لم لا، فهم جيراننا؟، هناك مثل روسي قديم يقول، أنت لا تختار جيرانك، ومن الأفضل أن تعيش معهم في تناغم وسلام".
وذكرت وكالة أنباء "يونهاب" الكورية الجنوبية، أنه تمت مناقشة إجراء تلك المناورات المشتركة خلال زيارة شويجو الأخير إلى كوريا الشمالية في يوليو الماضي.
حلفاء الحرب الباردة
قالت الرئاسة الروسية "الكرملين" في وقت سابق، إنها تسعي إلى تعزيز علاقات "الاحترام المتبادل" مع بيونج يانج، التي تعتبر واحدة من حلفائها المقربين في الحرب الباردة، وأيضًا واحدة من مجموعة صغيرة من الدول التي تدعم ضم روسيا لأجزاء من أوكرانيا.
وأشارت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إلى أن زيارة كيم إلى روسيا ليست مؤكدة حتى الآن.
وهذه ليست الزيارة الأولي للزعيم الكوري الشمالي إلي موسكو، فقد زار كيم روسيا في عام 2019، من أجل توثيق العلاقات بين بيونج يانج وموسكو، بعد تصاعد التوترات مع أمريكا بسبب التجارب النووية، حيث كانت آخر زيارة لرئيس كوري شمالي إلى روسيا، التي أجراها والد كيم، كيم جونج إيل المعزول، والذي اشتهر بتجنب الطائرات والسفر بالقطار المحصن فقط، زار روسيا آخر مرة قبل أشهر قليلة من وفاته في عام 2011.
كما كانت زيارة وزير الدفاع الروسي إلى بيونج يانج في يوليو الماضي، احتفالًا بالذكرى 70 لانتهاء الحرب الكورية، أو كما أطلقت عليه كوريا الشمالية "يوم النصر". وعلقت "يونهاب" على تلك الزيارة قائلة، "أجري شويجو اجتماعًا سريًا مع كيم خلال الزيارة".
ومن جانبها، قالت الولايات المتحدة الأمريكية، إنها تشعر بقلق كبير نتيجة تقدم مفاوضات الأسلحة بين موسكو وبيونج يانج. مضيفة، أن شويجو حاول إقناع كيم ببيع ذخيرة مدفعية إلى روسيا.
بينما، أكد السفير الروسي لدى كوريا الشمالية، ألكسندر ماتسيجورا في تصريحات لوكالة "تاس" يوم السبت، إنه ليس على دراية بأي خطط لبيونج يانج للمشاركة في مناورات عسكرية مع بكين وموسكو، ولكنها ستكون "مناسبة"، ردًا على التوترات العسكرية التي تثيرها واشنطن في المنطقة.
ونفذت واشنطن العديد من المناورات العسكرية مع حليفتها كوريا الجنوبية بمشاركة العديد من الأسلحة الأمريكية المتطورة في تحذير واضح لبيونج يانج، التي أدانت تلك المناورات واعتبرتها استعدادًا للحرب ضدها.