بينما جاء إعلان فتح المجال الجوي في النيجر، اليوم الاثنين، بمثابة "تنفس الصعداء" للعديد من شركات الطيران الخادمة في منطقة جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا، أملًا في وداع حالة الفوضى التي استمرت على مدار شهر لتجاوز رحلات الطيران مساحة النيجر الواقعة وسط القارة، إلا أن العقوبات التي لا تزال تخضع تحت وطأتها النيجر تنذر بانفراجة "محدودة" للخدمات.
وأعلن المجلس الانتقالي في النيجر، أمس الأحد، فتح المجال الجوي الوطني أمام الرحلات المدنية والتجارية، بعد أن كان مغلقًا منذ نحو شهر، في مواجهة تهديدات بتحرك عسكري لوّحت به دول "إكواس" للضغط لاستعادة الوضع الدستوري في البلاد.
وجاء إعلان المجلس الانتقالي، الذي أكدته هيئة الطيران المدني في البلاد، بأن "المجال الجوي لجمهورية النيجر، من الأرض إلى غير محدود، مفتوح لجميع الرحلات التجارية الدولية والمحلية". وأشار إلى أن القرار "لا يسري على الرحلات العسكرية وغيرها من الرحلات الخاصة التي تخضع لترخيص من الجهات المختصة" وفق ما نقلته صحيفة "أكتو نيجر" المحلية في النيجر.
فوضى الرحلات
وترك إغلاق المجال الجوي في النيجر، الذي استمر لنحو شهر، حالة من الفوضى الحقيقية بالأجواء الأفريقية للعديد من الشركات، لا سيما الأوروبية منها، التي كانت تخدم بشكل رئيسي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
وبحسب تقارير إعلامية محلية عن آثار الإغلاق على رحلات الطيران نقلته "أكتو نيجر" اضطرت العديد من شركات الطيران إلى تحويل رحلاتها أو إلغائها في بعض الحالات، ومن ثمّ تعديل خطط رحلاتها من أجل تجاوز المساحة النيجرية الشاسعة الواقعة في وسط القارة، الأمر الذي ولّد تكاليف تشغيل إضافية للعديد من الشركات الجوية.
انفراجة محدودة
ورغم الانفراجة الأخيرة، أشارت تقارير إعلامية محلية إلى أن إعادة فتح المجال الجوي، لن يتزامن معها عودة لمستوى الخدمة المقدمة للبلاد، كما كانت تعهد الشركات من قبل، ووصفتها بـ"خدمة محدودة" ستظل تعاني منها حركة الطيران في الأجواء النيجرية في ظل العقوبات الاقتصادية التي قررها رؤساء دول "إيكواس" في قمة أبوجا، في 30 يوليو الماضي، ردًا على الحراك الأخير.
وتضمّنت العقوبات التي فرضتها "إيكواس" إيقاف جميع المعاملات التجارية والمالية بين النيجر وجميع الدول الأعضاء فيها، وتجميد أصول النيجر في البنوك المركزية للدول الأعضاء بها، كما قطعت نيجيريا، رئيسة المجموعة، بشكل منفرد، إمدادات الكهرباء التي تعتمد عليها النيجر بنسبة 70 في المئة من احتياجات جارتها.
إغلاق في مواجهة تهديدات
وأغلق المجلس الانتقالي في النيجر المجال الجوي للبلاد، في 6 أغسطس 2023، خشية "تدخل عسكري" لوّحت به المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، لاستعادة النظام الدستوري في البلاد، في أعقاب حراك للجيش، أطاح بالرئيس المنتخب محمد بازوم، الذي لا يزال محتجزًا مع أسرته، وفشلت كل محاولات الضغط الإفريقية والغربية للإفراج عنه، وسط تقارير إعلامية عن تردى وضعه الصحي والنفسي.
وقال المتحدث باسم المجلس الانتقالي في النيجر، حينها، في بيان صحفي: "أمام تهديد التدخل الذي أصبح أكثر وضوحًا من الدول المجاورة، تم إغلاق المجال الجوي النيجري اعتبارًا من اليوم الأحد حتى إشعار آخر"، ومن ثمّ توعد برد فعل "قوي وفوري" مقابل "أي محاولة انتهاك للمجال الجوي" للبلاد.
وبدأ الحراك في النيجر، عندما أعلن الجيش، وفي وقت متأخر من 26 يوليو الماضي، في التلفزيون الوطني، عزل الرئيس المنتخب محمد بازوم من السلطة، واحتجازه سالمًا في القصر الرئاسي في العاصمة نيامي. وأغلق قادة المجلس الانتقالي الحدود، وأعلنوا حظر تجول على مستوى البلاد.
وظهر العقيد أمادو عبد الرحمن، محاطًا بتسعة ضباط آخرين، وأعلن أن قوات الدفاع والأمن قررت "وضع حد للنظام" في النيجر "بسبب تدهور الوضع الأمني وسوء الإدارة".