اختيار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لرستم عمروف، ليتولى منصب وزير الدفاع خلفًا لأوليكسي ريزنيكوف، ينطوي على اعتبارات عدة.
فعمروف يحظى بثقة زيلينسكي، وكان جزءًا من العديد من فرق التفاوض الأوكرانية منذ بداية الحرب.
وانعكست ثقة الرئيس الأوكراني في عمروف، خلال التدوينة التي نشرها عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، أمس الأحد، وكتب فيها: "يجب أن يقود رستم عمروف وزارة الدفاع. البرلمان الأوكراني يعرف هذا الشخص جيدًا، ولا يحتاج إلى أي تعريفات إضافية".
مسؤول بارز من تتار القرم
وعمروف - 41 عامًا - مسؤول بارز في مجتمع تتار القرم، وكان لسنوات عديدة مستشارًا للزعيم التاريخي لتتار القرم مصطفى جميليف.
ولد عمروف فيما كان يُعرف آنذاك بجمهورية أوزبكستان السوفيتية، إذ تم نفي عائلته في عهد ستالين، وكان طفلًا عندما استقرت عائلته في شبه جزيرة القرم، عندما سُمح للتتار بالعودة إلى هناك في الثمانينيات والتسعينيات.
وبدأ عمروف العمل في قطاع الاتصالات عام 2004، وهو عضو في البرلمان منذ 2019.
وفي البرلمان، كان عمروف رئيسًا مُشاركًا لمنصة القرم، التي نسقت الجهود الدبلوماسية الدولية لوقف ضم روسيا لشبه الجزيرة، عام 2014.
وتم التصديق على ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، من خلال استفتاء قاطعه التتار، الذين يشكلون ما بين 12 إلى 15% من سكان المنطقة.
وبعد ضم شبه جزيرة القرم، كما هو الحال، عقب بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا، فبراير 2022، شارك عمروف في عدة مناسبات، بمفاوضات سرية مع موسكو، لا سيما بشأن تبادل الأسرى وإجلاء المدنيين.
وكان جزءًا من الوفد الأوكراني في المفاوضات مع موسكو، تحت رعاية تركيا والأمم المتحدة، التي سمحت بإنشاء ممر بحري يسمح بتسليم الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود.
موالٍ للرئيس زيلينسكي
وذكرت صحيفة "التليجراف" البريطانية، نقلا عن محللين: "إن تعيين عمروف في منصب وزير الدفاع الأوكراني كان مهمًا لأنه يعتبر من الموالين لزيلينسكي ومن تتار القرم، ما يبعث رسالة من الرئيس الأوكراني إلى موسكو، مفادها أنه على الرغم من بطء وتيرة الهجوم المضاد، فإن كييف لا تزال عازمة بشدة على استعادة شبه جزيرة القرم.
واستعادت أوكرانيا أكثر من 12 بلدة في الهجوم المضاد، الذي يقترب من إكمال شهره الثالث، لكنها لم تستعد أي مناطق رئيسة، إذ عرقلت الألغام وخطوط الدفاع الروسية حركة الجنود الأوكرانيين والمركبات والدبابات الغربية.
وتسيطر موسكو على قرابة 20% من الأراضي الأوكرانية، المتمثلة في شبه جزيرة القرم التي ضمتها عام 2014، بالإضافة إلى معظم منطقة لوجانسك وجزء من دونيتسك وزابوريجيا وخيرسون.
لكن التغييرات التي وصفت بالأكبر في وزارة الدفاع الأوكرانية منذ بداية الحرب، وانطلاق الهجوم المضاد، 4 يونيو الماضي، تزامنت مع تحقيق كييف مكسب ميداني باختراق خط الدفاع الروسي الأول، بالقرب من زابوريجيا، الواقعة جنوب شرق البلاد.
وهذا التطور الميداني للعمليات يؤشر إلى احتدام المعارك بين القوات الروسية والأوكرانية بين خطي الدفاع الأول المخترق والثاني المحصن من قبل روسيا، وسط أنباء عن ثغرات في جبهات القتال وتأكيدات أوكرانية إحكام قبضتها على الأراضي التي سيطرت عليها في القتال الأخير.
قُبلة الحياة
ويقول ألكساندروفيتش فوروجتسوف، المتخصص في الشؤون العسكرية بجامعة تافريسكي الأوكرانية، إن نجاح قوات بلاده في كسر الخط الدفاعي الأول قرب زابوريجيا والضغط بقوة لاجتياز الخطين الدفاعيين الروسيين الثاني والثالث يشكل "قُبلة الحياة" للأوكرانيين في معركة الهجوم المضاد، التي تستمر لنحو 3 أشهر دون تحقيق النجاح المرجو منها.
وأضاف "فوروجتسوف" أن مواصلة النجاحات في الهجوم المضاد على الأرض تتطلب العمل العسكري بقوة وتنويع الخطط بعد كسر خطوط الألغام، وهذا يُعد سببًا رئيسيًا بالتغييرات العسكرية في القادة التي أعلنها زيلينسكي.
في المقابل، نفت سلطات موسكو، خلال الساعات الأخيرة، اختراق القوات الأوكرانية لخط الدفاع الروسي الأول في زابوريجيا، مؤكدةً أن ما تتحدث عنه كييف نقاط دفاعية وهمية.
وفي هذا الصدد، يقول هوفمان مارتشينكو، الخبير بالمركز الوطني الروسي للدراسات العسكرية، إن تزامن التغييرات العسكرية في أوكرانيا داخل وزارة الدفاع مع إعلانها أنها قدمت تقدمًا ميدانيًا أمران في غاية التناقض ويثبت فشل الهجوم المضاد.
ويوضح هوفمان مارتشينكو، أن الرئيس الأوكراني يبحث عن شخصية تتحمل مسؤولية فشل هذا الهجوم المضاد بالأخص مع اقتراب الانتخابات الرئاسية هناك، بداية العام المُقبل، وهذا ما يبرر تلك الإقالات الأخيرة.
ومنذ سبتمبر 2022، يتولى عمروف رئاسة صندوق أملاك الدولة الأوكرانية، وهو منصب بارز في بلد تعاني فيه عملية الخصخصة من الفساد، ووزارة الدفاع التي تركها له سلفه مذكورة أيضًا في فضائح الفساد.