يبدو أن العلاقات بين إسرائيل وبلجيكا، والتي طالما شهدت توترًا بسبب انتقادات لممارسات الاحتلال تجاه الفلسطينيين، على أعتاب مرحلة جديدة أكثر توترًا، بعد انتقاد وزيرة بلجيكية انتهاك إسرائيل حقوق الفلسطينيين، لتنضم تلك الأزمة إلى سلسلة طويلة من المشكلات التي تواجه الحكومة اليمينية الإسرائيلية، سواء في الداخل مع الجمهور الإسرائيلي، أو خارجيًا على مستوى العلاقات مع الدول.
جرائم الحرب الإسرائيلية
بحسب صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، فإن تل أبيب استدعت جان لوك بودسون، سفير بروكسل لديها، لتوبيخه على تصريحات كارولين جينيز، وزيرة التعان التنموي في حكومة بلاده، حول انتهاكات إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، خاصة الأطفال، فيما لاقت ترحيبًا فلسطينيًا.
وفي وقت سابق من الأسبوع، تحدثت "جينيز" مع صحيفة "دي مورجن" المحلية، حول إنهاء إسرائيل حياة الفلسطينيين ومسح قرى بأكملها من الخريطة وتدمير مدارس وأحياء ممولة من الاتحاد الأوروبي، وبسبب تمسك الوزيرة بتصريحاتها، نشبت أزمة دبلوماسية بين بلادها وإسرائيل.
ونقلت صحيفة "HLN" البلجيكية، عن متحدث باسم الوزيرة قوله: "إن الوزيرة غير نادمة على تصريحاتها حول القضية الفلسطينية"، مؤكدًا دعمها لمبدأ حل الدولتين، ومعارضتها لأي تعرض للديموقراطية وحقوق الإنسان في أي مكان بالعالم.
العدوان على جنين في الذاكرة
في المقابل، صرحت عيديت روزنزفايج، سفيرة إسرائيل لدى بلجيكا، بأن تل أبيب اشتكت من تصريحات الوزيرة البلجيكية للسفير جان لوك دودسون، كما قدمت مذكرة احتجاج إلى وزارة الخارجية البلجيكية.
ولفتت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية إلى منشورات سابقة للوزيرة البلجيكية، خلال فترة العدوان الإسرائيلي على مدينة جنين ومخيمها في يوليو الماضي، والذي خلف وراءه خسائر بالغة في الأرواح والممتلكات والبنى التحتية.
ومؤخرًا، قالت "جينيز" لصحفة "أسوشيتد برس": "يعد 2023 للأسف العام الأكثر دموية منذ فترة طويلة في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والعنف الإسرائيلي ضد الفلسطينيين آخذ في الارتفاع، ولم يعد لدى السكان مجال لالتقاط أنفاسهم".
وتعتبر بلجيكا من بين أشد منتقدي إسرائيل في أوروبا، حيث يوجد خلاف بين تل أبيب وبروكسل بشأن القضية الفلسطينية.
مدن بلجيكية تقطع علاقاتها مع تل أبيب
وأعلنت بلدية مدينة فيرفييه البلجيكية، في مايو، قطع علاقاتها مع إسرائيل، وجميع مؤسساتها العامة والخاصة، بسبب انتهاكاتها حق الفلسطينيين، لتنضم إلى مدينة "لييج" التي سبقتها في أبريل بقطع جميع العلاقات مع إسرائيل بسبب نظام الاستعمار والأبارتهايد والاحتلال العسكري ضد الشعب الفلسطيني.
وفي عام 2021، انتقدت إسرائيل بلجيكا وألغى إيدان رول، نائب وزير الخارجية آنذاك، اجتماعات مع مسؤولين بلجيكيين احتجاجًا على إعلان البلاد وضع علامة على المنتجات الإسرائيلية القادمة من الضفة المحتلة، وزيادة الضوابط على البضائع القادمة من المستوطنات.
وفي يونيو 2020، مرر البرلمان البلجيكي بأغلبية ساحقة قرارًا يحث الحكومة على الضغط على إسرائيل لمنعها من ضم أجزاء من الضفة المحتلة من جانب واحد، ودعوته لاتخاذ إجراءات عقابية على مستوى أوروبا ضد إسرائيل إذا استمرت في خطتها المثيرة للجدل.
وكان بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، استدعى أوليفيه بيل، سفير بلجيكا لدى تل أبيب، في وزارة الخارجية في فبراير الماضي، بسبب زيارة رئيس وزراء بلاده شارل ميشيل مع ممثلين عن منظمتين حقوقيتين إسرائيليتين يساريتين بارزتين.
وخلال زيارته إسرائيل التي استمرت ثلاثة أيام، التقى "ميشيل" رئيسي منظمة "كسر الصمت" و"بتسيلم"، على الرغم من الطلب المباشر الذي وجهه رئيس الحكومة الإسرائيلية بلجيكا لإنهاء دعمها للمنظمات الإسرائيلية التي يعتبرها ضارة بالبلاد.
وحذر بيان صادر عن مكتب نتنياهو، ردًا على الاجتماعات، من أن "حكومة بلجيكا بحاجة إلى أن تقرر ما إذا كانت تريد تغيير الاتجاه أو الاستمرار في مسارها المناهض لإسرائيل".