ربما يكون انسحاب الرئيس بايدن المضطرب من أفغانستان، قد تلاشى عن الاهتمام العام المباشر بالنسبة للأمريكيين، لكن أصداءه يمكن أن تؤثر بشكل كبير على فرص إعادة انتخابه، وفي حين أنه من غير المرجح أن تتمحور الانتخابات المقبلة حول لحظات محددة مثل سقوط كابول، فإن الأحداث المروعة التي أحاطت بالانسحاب تركت بلا شك انطباعًا دائمًا على تصور الأمريكيين لرئاسة بايدن.
تراجعت شعبية بايدن بعد كارثة أفغانستان، بحسب تعبير "مارك ثيسن"، المحلل السياسي الأمريكي، وزميل معهد إنتربرايز، وتابع "ثيسن" في مقال له بصحيفة "واشنطن بوست" أن ذلك جعل بايدن أحد الرؤساء الأقل شعبية منذ الحرب العالمية الثانية، وقبل أزمة أفغانستان، ظلت معدلات تأييد بايدن، أعلى من 50% بشكل ثابت، ومع ذلك، في أغسطس 2021، انخفضت شعبيته إلى ما دون هذا الحد للمرة الأولى، تلاها ارتفاع لاحق في نسبة رفض الانسحاب، ومنذ أكتوبر 2021، تجاوزت معدلات رفض القرار 50% باستمرار.
عدم كفاءة
وتابع الكاتب، أن آثار الانسحاب أحدثت تحولاً في الرأي العام الأمريكي فيما يتعلق بكفاءة بايدن، وفي أكتوبر 2021، كشف استطلاع للرأي أجرته جامعة كوينيبياك أن 55% من الأمريكيين ينظرون إلى إدارته على أنها سيئة، وقد تعزز هذا الشعور من خلال استطلاع أجرته صحيفة بوليتيكو مع مؤسسة مورنينج كونسلت في الشهر التالي، والذي وجد أن 48% يعتقدون أن بايدن غير لائق ذهنيًا لتولي المنصب، وبحلول الصيف، وصلت نسبة المخاوف بشأن لياقته العقلية والبدنية إلى 68%، وفقًا لاستطلاعات شبكة "إن بي سي" نيوز.
تشويه سمعة بايدن
وقال " ثيسن"، إن أزمة أفغانستان شوهت سمعة بايدن فيما يتعلق بالصدق، ولا سيما تصريحاته حول سهولة إجلاء الأمريكيين وغياب تنظيم "القاعدة" في أفغانستان، والتي تناقضت مع الأدلة المرئية والتقارير الاستخباراتية، وكذلك محاولته إلقاء اللوم على سلفه "ترامب"، وإعلانه عن الانسحاب باعتباره نجاحًا أدى إلى تراجع الثقة بشكل أكبر، ما أدى إلى إصابة الأمريكيين بخيبة أمل بسبب هذه التناقضات، مع انخفاض الثقة في صدق بايدن بشكل كبير.
انعكس تصور عدم كفاءة بايدن وعدم أمانته في المواقف تجاه مبادراته السياسية، على معدلات قبول مواقفه وقراراته في مجالات رئيسية مثل الاقتصاد، والاستجابة لفيروس كورونا، والهجرة، والسياسة الخارجية، وكشف استطلاع لمؤسسة "جالوب" عن انخفاض الثقة في القرارات من 54% إلى 38% للاقتصاد، ومن 67% إلى 49% للاستجابة لفيروس كورونا، ومن 41% إلى 31% للهجرة بعد أزمة أفغانستان.
وأشار الكاتب إلى عدم رغبة بايدن في الاستجابة لنصيحة العسكريين، وترك قوة متبقية في أفغانستان على أنه خطأ فادح، حيث ترك الانسحاب القوات الأفغانية عرضة للخطر بعد سنوات من إبعاد طالبان بدعم أمريكي، وأتاح الانسحاب الكامل لطالبان فرصة لشن هجوم كبير على قوات الحكومة السابقة.
تحدي إعادة الثقة
وأوضح "ثيسن" أنه يبدو أن استعادة ثقة الشعب الأمريكي أصبحت تمثل تحديًا بالنسبة لبايدن، وعندما يتم المساس بالصدق، فإن الشكوك تمتد إلى حجج سياسية أخرى، ويعارض جزء كبير من الأمريكيين، بما في ذلك نسبة كبيرة من الديمقراطيين، محاولة إعادة انتخابه، وتتوقف فرص بايدن في الفوز بولاية ثانية على احتمال أن يُنظر إلى المرشح الجمهوري البديل بشكل أقل تفضيلًا.
سوء إدارة
ويرى الكاتب أن سوء إدارة الرئيس بايدن للانسحاب من أفغانستان كان له تداعيات دائمة على معدلات تأييده، والكفاءة، والجدارة بالثقة، وفي حين أن تلك الأحداث قد لا تهيمن على انتخابات 2024، إلا أنها لعبت دورًا محوريا في تشكيل الرأي العام، وتراجع الثقة في قيادته، وسواء فاز بولاية ثانية أم لا، فإن التداعيات السياسية من كابول أثرت بشكل لا يمحى على رئاسة بايدن.