بينما يدور قتال عنيف على طول خط المواجهة الجنوب الأوكراني، تشتد وطأته مع تقدم باتت تحرزه القوات الأوكرانية، إلا أن اختراقها جزء من الخط الأول للدفاعات الروسية، لم يقلل من صعوبة بالغة تتصدر أمام الجنود لتحقيق مزيد من المكاسب في مواجهة تحصينات مُتعددة الطبقات.
تقدم في الجنوب
وتواصل قوات الدفاع الأوكرانية عملياتها الهجومية في اتجاه ميليتوبول، في زابوريجيا جنوبي البلاد، وتتحصن في المواقع المستعادة وتنفذ إجراءات مضادة، بحسب ما صرحت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية، اليوم الاثنين.
وأعلنت القوات الأوكرانية سيطرتها على قرية روبوتين في منطقة زابوريجيا، وتتحرك نحو عدة قرى أخرى، في محاولة لجعل مركز توكماك الاستراتيجي في مرمى المدفعية.
وقالت حنا ماليار، نائبة وزير الدفاع الأوكراني الاثنين، إن القوات الأوكرانية حققت مزيدًا من التقدم على طول خط المواجهة الجنوبي، بالقرب من قرية روبوتين المحررة أخيرًا.
أضافت أن "العدو يرمي بكل قواته على هذه المناطق حتى لا يستسلم لمواقعه المحتلة".
وعلى الأرض نفذت القوات الروسية، اليوم غارات جوية على عدد من المناطق في قطاع زابوريجيا شملت مالا توكماشكا وروبوتاين ونوفودانيليفكا، كما تعرضت أكثر من 25 مستوطنة، بما في ذلك مالينيفكا وتشاريفني وشيرباكي وستيبوف ولوكيانيفسكي في المنطقة لنيران المدفعية الروسية، وفق البيان اليومي لهيئة الأركان المسلحة الأوكرانية.
ويأتي إعلان التقدم في وقت فنّد فيه الجنود الأوكران جملة من التحديات التي يواجهونها أثناء محاولتهم التقدم جنوبًا، إذ لم يمثل اختراق الوحدات الأوكرانية الخط الأول من الدفاعات الروسية على جزء من الجبهة الجنوبية، سوى أن كشف عن صعوبة كبيرة في تحقيق مزيد من التقدم في مواجهة تحصينات معقدة ومتعددة الطبقات.
تحديات أكبر
وتمثل التضاريس المفتوحة تحديًا كبيرًا أمام أي تقدم أوكراني، لاسيما مع وجود طائرات بدون طيار تدعم الدفاعات الروسية.
الوضع على الأرض فصّله أحد الجنود الأوكران المتخصص في الاتصالات، في منشور له عبر "تيليجرام" - نقلته شبكة "سي إن إن" الأمريكية بعد أن لاقى رواجًا دعمه كثير من الجنود وأيدوا روايته.
كتب الجندي الأوكراني المتخصص في الاتصالات، يدعى أولكسندر سولونكو، أن تضاريس المنطقة تأتي في مقدمة تلك التحديات، إذ "تركت العديد من القوات الأوكرانية مكشوفة" بحد وصفه.
وقال سولونكو "أيًا كنتم، مجموعة هجومية، استطلاع جوي أو بري، حركتكم مرئية من بعيد، العدو يستعد لمقابلتكم منذ فترة طويلة".
أضاف: "هناك عدد محدود من طرق الوصول والطرق اللوجستية، يتم إطلاق النار على كل شيء وقصفه بشكل متكرر كل يوم، يكاد يكون من المؤكد أنه يتم رصدك، ومن المستحيل في الأساس القيام بهذه المهمة مع البقاء غير مرئي تمامًا للعدو".
خطوط دفاعية حول باخموت
وبينما تشتد وتيرة القتال، وسط تقدم أوكراني على الجبهة، حذر قائد أوكراني في منطقة باخموت من ضرورة منع القوات الروسية من إنشاء دفاعات جديدة في المنطقة، واللجوء لنظام سبقتهم إليه حين بنّت طبقات من التحصينات تحاول القوات الأوكرانية اختراقها واحدة تلو الأخرى الآن.
قال ماكسيم جورين، نائب قائد اللواء الثالث اقتحام، عبر قناته على تيليجرام، إن "من أهم المهام في قطاع باخموت الحفاظ على زخم التقدم؛ من أجل منع العدو من اتخاذ إجراءات لإنشاء دفاع خاص به".
وأشار جورين إلى ضرورة العمل وفق نظام اتبعته القوات الروسية نفسها، حين بسطت سيطرتها على تلك المناطق، حيث تكافح القوات الأوكرانية حاليًا في زابوريجيا، على سبيل المثال، لتحطيم طبقات من التحصينات الروسية وحقول الألغام.
قال جورين "هناك تحصينات لديهم الوقت لبنائها". "ومع ذلك، ما زلنا لا نسمح لهم ببناء نظام قوي هنا، لأننا إما نطردهم باستمرار من مواقعهم أو نلحق بهم الضرر، ونمنعهم من اتخاذ الإجراءات المطلوبة". أضاف: "ستكون مشكلة كبيرة إذا منحنا العدو الوقت والفرصة للحفر وزرع الألغام".
وحققت القوات الأوكرانية تقدمًا طفيفًا في جنوب وشمال غرب باخموت في الأسابيع الأخيرة، لكنها لم تهدد بعد خطوط الإمداد الروسية إلى المدينة المدمرة.
هجمات وهجمات مضادة
وبحسب هيئة الأركان الأوكرانية، شنت القوات الروسية على مدار اليوم 11 هجومًا صاروخيًا و48 غارة جوية، ونفذ 54 هجومًا من طراز MLRS على مواقع القوات الأوكرانية والمناطق المأهولة بالسكان، سقط على إثرها قتلى وجرحى بين السكان المدنيين ولحقت أضرار بالمباني السكنية والمدارس والبنية التحتية المدنية الأخرى، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الأوكرانية الحكومية "أوكران فورم".
بالمقابل شن سلاح الجو التابع لقوات الدفاع الأوكرانية على مدار 24 ساعة ماضية، 10 غارات على تجمعات لجنود روس، بالإضافة إلى ضربة واحدة استهدفت أنظمة صواريخ روسية مضادة للطائرات، كما قصفت القوات الصاروخية والمدفعية مستودع ذخيرة للقوات الروسية، ومحطتين للحرب الإلكترونية، وأربع وحدات مدفعية في مواقع إطلاق النار، بحسب بيان هيئة الأركان الأوكرانية.
وبدأت أوكرانيا في إحراز بعض التقدم، أخيرًا، لهجوم مضاد بدأته قبل شهرين، مدعومة بعتاد عسكري غربي بمليارات الدولارات، في مواجهة العملية العسكرية الروسية التي بدأت قبل نحو 18 شهرًا، حافظت فيها كييف على موقفها الدفاعي، ما سمح لموسكو بضم 4 مناطق هي خيرسون وزابورجيا في الجنوب، وإقليم الدونباس دونيتسك ولوهانسك في الشمال الشرقي للبلاد.