حققت الهند مع هبوط مركبتها الفضائية تشاندرايان-3، على سطح القمر، اليوم الأربعاء، انتصارًا تاريخيًا، من شأنه أن يعزز مكانتها كقوة عظمي عالمية في الفضاء، بعد أن تبوأت المركز الرابع للدول التي سبق وحققت هذا الإنجاز، وثاني دولة بعد الصين في القرن الحادي والعشرين.
إنجاز فريد
رغم ذلك ينظر إلى محل هبوط مركبة الهند باعتباره إنجازًا فريدًا لم يسبقها له أي من مركبات الفضاء الأخرى التابعة للدول الثلاث، (الولايات المتحدة، الاتحاد السوفيتي السابق، والصين) إذ كان موقع هبوط تشاندرايان-3 أقرب إلى القطب الجنوبي للقمر من أي مركبة أخرى في التاريخ، وفق رصد "سي إن إن" الأمريكية.
وتعتبر منطقة القطب الجنوبي منطقة ذات أهمية علمية واستراتيجية رئيسية للدول التي ترتاد الفضاء، إذ يعتقد العلماء أن المنطقة هي موطن لرواسب الجليد المائي. ويمكن تحويل المياه المتجمدة في الحُفر الغامضة على سطح القمر إلى وقود صاروخي أو حتى مياه صالحة للشرب لمهمات الطاقم المستقبلية.
وتأتي محاولة الهند لهبوط مركبتها الفضائية بالقرب من القطب الجنوبي للقمر بعد أيام قليلة، من محاولة سبقتها إليها روسيا بعد عقود لم تطأ القمر، لكنها فشلت. بعد ما تحطمت المركبة الفضائية الروسية لونا- 25 على سطح القمر في 19 أغسطس بعد أن تعطلت محركاتها.
كيف كانت الرحلة؟
بهبوط ناعم لم يخل من مناورات دقيقة مطلوبة، حطت مركبة الهبوط، المسماة فيكرام، على سطح القمر، قاطعة مسافة فراغ بلغ طوله 384400 كليو متر بين القمر والأرض، قبل أن تلتقط صورًا أظهرت تضاريس القمر الرمادية المتربة.
ولإخراج المركبة الجوالة الصغيرة ذات الست عجلات، استخدمت مركبة الهبوط "فيكرام" دوافعها لتوجيه نفسها بعناية أثناء اقترابها من سطح القمر، وقامت بخفض سرعة المحركات ببطء لتحقق هبوطًا ناجحًا صفق له الجميع في غرفة التحكم الخاصة بالمهمة.
تم تجهيز مركبة الهبوط، التي تزن نحو 1700 كيلوجرام (3748 رطلاً) والمركبة الجوالة التي يبلغ وزنها 26 كيلوجرامًا (57.3 رطل)، والمركبة الجوالة التي يبلغ وزينها 26 كيلو جرامًا، زوّدت بأدوات علمية، مُجهزة لالتقاط البيانات لمساعدة الباحثين على تحليل سطح القمر وتقديم رؤى جديدة حول تكوينه.
ومن المتوقع أن تعمل مركبة الهبوط والمركبة الجوالة لمدة أسبوعين تقريبًا على سطح القمر. حيث ستبقى وحدة الدفع في المدار، لتكون بمثابة نقطة إرسال البيانات إلى الأرض.
رؤية جديدة لتكوين القمر
ومن المنتظر أن تقدم رحلة الهند رؤية جديدة حول تكوين القمر، إذ تم تجهيز مركز الهبوط، والمركبة الجوالة التي يبلغ وزنها 26 كيلو جرامًا، بأدوات علمية، لالتقاط البيانات لمساعدة الباحثين على تحليل سطح القمر، وجدوى البناء عليه في المستقبل.
قالت الدكتورة أنجيلا ماروسياك، أستاذة الأبحاث المساعدة في مختبر القمر والكواكب بجامعة أريزونا، إنها متحمسة بشكل خاص لأن مركبة الهبوط على سطح القمر تتضمن مقياسًا للزلازل سيحاول اكتشاف الزلازل داخل القمر، وفق ما أوردته شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
وفي تقدير"ماروسياك" من شأن دراسة كيفية تحرك الطبقات الداخلية للقمر يمكن أن تكون معلومات أساسية للمساعي المستقبلية على سطح القمر. مضيفة: "نريد التأكد من أن أي نشاط زلزالي محتمل لن يعرض أي رواد فضاء للخطر، أو إذا أردنا بناء هياكل على القمر، فإنها ستكون آمنة من أي نشاط زلزالي".
محطة فخر وطني
وعلى نطاق الهند، مثلت مهمة تشاندرايان-3 الناجحة، محطة فخر وطني، منذ بدء الانطلاق في يوليو، الذي قوبل حينها باهتمام واسع النطاق في جميع أنحاء البلاد، وتجمعت الحشود عند منصة الإطلاق في مركز ساتيش داوان الفضائي في سريهاريكوتا بولاية أندرا براديش لمشاهدة المهمة وهي تنطلق. واليوم وقد حطت المركبة بنجاح تابع أكثر من 8 ملايين شخص في الهند البث المباشر للهبوط.
وبعد تأكيد الهبوط الناجح، تم توزيع الحلويات الهندية التقليدية على الجمهور، وأشعلت الألعاب النارية وصفق المتفرجون لأكثر من دقيقة، وأمكن سماع هتاف "النصر للهند"، ولوح الأطفال بالأعلام.
انتصار ليس للهند وحدها
من جانبه، شاهد رئيس وزراء الهند، ناريندار مودي، الموجود حاليًا في جنوب إفريقيا لحضور قمة البريكس، عملية الهبوط عبر البث المباشر، وقال: "إن مهمة الهند الناجحة إلى القمر ليست مجرد مهمة للهند وحدها. وهذا هو العام الذي يشهد فيه العالم رئاسة الهند لمجموعة العشرين. إن نهجنا المتمثل في أرض واحدة وعائلة واحدة ومستقبل واحد يتردد صداه في جميع أنحاء العالم".