تثير زيارات المسؤولين التايوانيين أمريكا غضبًا كبيرًا لدى الصين، وكان آخرها زيارة نائب رئيسة تايوان وليام لاي، والتي نددت بها وزارة الخارجية الصينية، اليوم الأحد، إذ وصفته بأنه "مثير للمشكلات طول الوقت".
الخارجية الصينية، قالت في بيان، أصدرته بعد وقت قصير من وصول "لاي" إلى نيويورك في طريقه إلى باراجواي لحضور مراسم تنصيب الرئيس سانتياجو بينيا، أكدت فيه متابعة الصين للموقف عن كثب، محذرة من أنها ستتخذ إجراءات حازمة وقوية لحماية سيادتها الوطنية وسلامة أراضيها.
ويخشى مسؤولون تايوانيون من أن يؤدي توقف "لاي" في أمريكا، إلى مزيد من النشاط العسكري الصيني حول الجزيرة الخاضعة للحكم الديمقراطي، إذ إنه مرشح لمنصب الرئيس بالانتخابات المقبلة، المقرر لها في يناير المقبل، حسبما أفادت "رويترز".
ووصفت توقف "لاي" في الولايات المتحدة بأنه "زيارة روتينية وليها هناك سببب يدعو الصين لاتحاذ إجراءات اسفزازية".
زيارات متبادلة
وسابقًا، أثارت زيارة نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الأمريكي السابقة، أثناء شغلها للمنصب، تايوان في أغسطس 2022، غضبا عارمًا لدى بكين، وحذر الرئيس الصيني شي جي بينج نظيره الأمريكي جو بايدن، من "اللعب بالنار"، ورغم ذلك أتمت بيلوسي زيارتها.
وردًا على زيارة بيلوسي، أعلنت الصين عن مناورات عسكرية في المياه المحيطة بتايوان، إذ إنها تعتبر الجزيرة جزءًا من أراضيها بموجب مبدأ "الصين الواحدة".
وقال نائب وزير الخارجية الصيني، شيه فنج، إن وصول بيلوسي إلى تايوان ما هو إلا "خطوة شنيعة للغاية وعواقبها وخيمة"، مؤكدًا أن الصين لن تقف مكتوفة اليدين.
واستدعت الصين، السفير الأمريكي نيكولاس بيرنز، وقدمت احتجاجات صامة وقوية على زيارة بيلوسي، في وقت وصف فيه الرئيس الصيني الزيارة بأنها "انتهاك خطير لمبدأ الصين الواحدة، والبيانات المشتركة الثلاثة الصينية الأمريكية"، بحسب وكالة "شينخوا ".
واتخذت الصين وقتها بعض الإجراءات الأخرى، بجانب التحرك العسكري، وأوقفت صادرات الرمال الطبيعية إلى الجزيرة، فضلًا عن وقف استيراد بعض أنواع الأسماك والفواكه منها.
زيارة حاكم ولاية إنديانا
وبعد "بيلوسي"، زار إريك هولكومب، حاكم ولاية إنديانا الأمريكية الجزيرة، والتقى رئيستها بعد أيام من إعلان واشنطن إجراء محادثات تجارية مع تايبيه عقب التهديدات العسكرية الصينية.
وأوضح هولكومب، أن زيارته "تتعلق بالتنمية الاقتصادية"، وأوضحت وزارة الخارجية الصينية وقتها أنه سيلتقى ممثلين عن شركات تايوانهي لأشباه الموصلات، لتوقيع مذكرات تفاهم متنوعة في مجالي التجارة والتكنولوجيا.
وقالت رئيسة تايوان أثناء لقاء الحاكم الأمريكي، إن بلادها والولايات المتحدة حليفان أمنيان واقتصاديان رئيسيان في منطقة المحيطين الهادئ والهندي، وأخبرته أن تايوان تواجه تهديدات عسكرية من الصين، داخل وحول مضيق تايوان.
وقدمت الصين احتجاجات قوية إلى الجانب الأمريكي بسبب زيارة "هولكومب"، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، إن تايوان جزء لا يتجزأ من أراضي الصين، مضيفًا أن مسألة تايوان هي دومًا المسألة الأكثر أهمية وحساسية في قلب العلاقات الصينية-الأمريكية، مؤكدًا أن الجانب الصيني يعارض بشدة التبادلات الأمريكية الرسمية مع منطقة تايوان بأي شكل وتحت أي اسم، بحسب وكالة "شينخوا".
زيارة رئيسة تايوان
وأثارت زيارة رئيسة تايوان، تساي إنج وين، الولايات المتحدة في مارس الماضي، غضبًا صينيا، إذ استقبلها رئيس مجلس النواب كيفين مكارثي، في لقاء وصف بـ"التاريخي"، لتأكيد دعم المشرعين الأمريكيين المتزايد للجزيرة المتمتعة بحكم ذاتي.
وقالت تساي إنج وين، خلال لقاء "مكارثي"، إن الدعم الأمريكي يُظهر أن بلادها ليست معزولة وليست وحيدة.
وردّت الصين، على الزيارة، بمناورات عسكرية ضخمة، وتعهدت بالرد الحاسم، وأرسلت سفنًا حربية للمياه المحيطة بالجزيرة المتمتعة بالحجم الذاتي.
وقدمت الصين احتجاجًا رسميًا للولايات المتحدة، فور الإعلان عن زيارة رئيسة تايوان، إلا إن الزيارة تمت بالفعل، ولم تستمع تايوان ولا أمريكا لتهديدات الصين.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، وانج وين بين، إن بلاده تعارض الزيارة بشدة، لأنها ترى أن سببها الحقيقي هو تعزيز استقلال تايوان.
وأكد "وانج"، على معارضة الصين، لأي شكل من أشكال العلاقات الرسمية بين الولايات المتحدة وتايوان.
قصة الخلاف حول تايوان
تتلخص نظرة الصين لها، وفق ما قاله الرئيس الصيني، بأن بلاده لن تتنازل إطلاقًا عن حق استخدام القوة في تايوان، كحل أخير، وما قالته وزارة الخارجية الصينية، التي وصفت قضية تايوان بأنها شأن داخلي، وأنه لا يحق للولايات المتحدة التدخل في الطريقة التي سيتم حل تلك القضية بها.
وأكدت الخارجية الصينية، أن بلادها ملتزمة بسياسة "صين واحدة"، في المقابل تدفع الولايات المتحدة الأمريكية في اتجاه استقلال تايوان، وهو ما تعتبره الصين استفزازًا وتدخلًا في شؤونها، ما يعزز حدة الصراع بينهما.
ولعل أبرز التصريحات التي أثارت غضب الصين، ما قاله الرئيس الأمريكي جو بايدن، إن قوات بلاده ستدافع عن تايوان في حالة حدوث غزو صيني، إذ قالت إن تصريحات "بايدن" تُرسل إشارة خاطئة لمن يسعون إلى استقلال تايوان.