الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"إيكواس" تلوح باللجوء إلى القوة في النيجر.. لماذا تؤيد فرنسا وتنتظر أمريكا الحل الدبلوماسي؟

  • مشاركة :
post-title
قادة مجموعة غرب افريقيا الاقتصادية "إيكواس"

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

تباينت مواقف فرنسا والولايات المتحدة، إزاء مخرجات القمة الاستثنائية الثانية التي عقدتها، أمس الخميس، المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا" إيكواس"، ولاسيما قرار اللجوء للقوة لنزع فتيل الأزمة في النيجر.

وشدد قادة "إيكواس" في بيان صدر، في ختام قمتهم بالعاصمة النيجيرية أبوجا، أمس الخميس، على دعمهم الحازم لحل أزمة النيجر دبلوماسيًا، في تراجع عن التهديد بالتدخل عسكريًا لإعادة الحكومة المنتخبة هناك.

بيان إيكواس

وأدان البيان الإطاحة بالرئيس بازوم، واعتقاله المستمر، وذكر أن كل الخيارات مطروحة على الطاولة بشأن النيجر، بما في ذلك استخدام القوة كخيار أخير مع الدعوة إلى تفعيل القوة الاحتياطية للمجموعة على الفور.

وأكد البيان أن مجموعة إيكواس ستفرض "إجراءات، منها إغلاق الحدود وتجميد أصول من يعرقلون استعادة النظام الدستوري بالنيجر"، داعين الاتحاد الإفريقي إلى تأييد جميع قرارات المجموعة بشأن النيجر.

التدخل العسكري المحتمل

ولم تحدد المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا في قمتها في أبوجا، أي جدول زمني أو عديد العسكريين الذين يشكلون هذه "القوة الاحتياطية"، مع تشديدها أنها لا تزال تأمل التوصل إلى حل سلمي للأزمة.

لكن رئيس ساحل العاج الحسن واتارا، قال مساء الخميس لدى عودته إلى أبيدجان، إن قادة "إيكواس" أعطوا الضوء الأخضر لبدء العملية في أقرب وقت ممكن.

وأضاف أن "رؤساء الأركان سيعقدون مؤتمرات أخرى لضبط التفاصيل، لكنهم حصلوا على موافقة مؤتمر قادة الدول لبدء العملية في أقرب وقت ممكن".

وأشار الحسن وتارا إلى أن ساحل العاج ستساهم بـ"كتيبة" من 850 إلى 1100 عنصر، إلى جانب نيجيريا وبنين خصوصا، وأن "دولا أخرى" ستشارك أيضا في قوة التدخل.

وشدد على "أن منفذي الإطاحة ببازوم، يمكنهم أن يقرروا المغادرة صباح الغد ولن يكون هناك تدخل عسكري، كل شيء يعتمد عليهم"، مضيفا "نحن مصممون على إعادة الرئيس بازوم إلى وظيفته".

وجاءت القمة الثانية لقادة "إيكواس" بعد أربعة أيام على انقضاء مهلة حددتها المجموعة لمنفذي الإطاحة برئيس النيجر، لإعادته إلى منصبه، لكنهم تجاهلوا المهلة.

رافضو التدخل العسكري في النيجر

وأثار احتمال التدخل العسكري في النيجر، الجدل ضمن "إيكواس" إذ أعلنت كل من مالي وبوركينا فاسو المجاورتين للنيجر، بأن أي تدخل عسكري سيمثل "إعلان حرب" عليهما.

وأعربت الجزائر وتشاد عن معارضتهما الشديدة للتدخل العسكري في النيجر، وحذرت روسيا من ذلك الأمر المحتمل. كما طلب كبار المسؤولين في نيجيريا إعادة النظر في قرار استخدام القوة.

الموقف الأمريكي

ودعا وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أمس الخميس، إلى حل سلمي للأزمة في النيجر بعد موافقة قادة "إيكواس" على وضع "قوة احتياط" في حالة استعداد لإعادة النظام الدستوري في نيامي في أعقاب الانقلاب. وقال بلينكن في بيان إن "الولايات المتحدة تقدّر تصميم إكواس على استكشاف كافة الخيارات من أجل حل سلمي للأزمة".

وفي مقابلة مع إذاعة فرنسا الدولية، قبل يومين، قال وزير الخارجية الأمريكي: "الدبلوماسية هي السبيل الأفضل". مضيفًا "من المؤكد أن الدبلوماسية هي السبيل الأفضل لحل هذا الوضع".

أوضح أن "هذا هو نهج المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، هذا هو نهجنا، ونحن ندعم جهود إيكواس لاستعادة النظام الدستوري".

ويأتي الموقف الأمريكي غير المتحمس للتدخل العسكري نظرًا لوجود 14 قاعدة عسكرية أمريكية في النيجر، وهناك عسكريون للولايات المتحدة على أرض النيجر،

وكذلك، تخشى واشنطن على قاعدة الطائرات المسيرة التي أسستها في وسط الصحراء في مدينة أجاديز في شمالي النيجر عام 2014، في إطار عمليات مكافحة إرهاب الجماعات المسلحة في غربي إفريقيا.

وبحسب تقرير لـ" الجارديان"، فإن الولايات المتحدة أنفقت نحو 500 مليون دولار منذ عام 2012 لمساعدة النيجر على تعزيز أمنها. وليست مستعدة لخسارتها جراء الإطاحة ببازوم.

كما أن إطاحة بازوم، تخلق فرصة لبعض المنافسين الاستراتيجيين لواشنطن في تعزيز نفوذهم، ولا سيما روسيا والصين، وسط مساعي "فاجنر" للتعاون مع دول غربي إفريقيا من خلال إيجاد قواسم مشتركة. فموسكو تشكل الملاذ الآمن ضد أي عقوبات محتملة من الغرب والمنظمات الإقليمية والقارية، مثلما حدث مع دولتي مالي وبوركينا فاسو، خلال العامين الماضيين.

ويرى خبراء أن ما يدفع الإدارة الأمريكية إلى تشجيع مجموعة دول "إيكواس" على بذل مزيد من الجهود المنسقة معًا من أجل التوصل إلى حل دبلوماسي يعود لمخاوف الولايات المتحدة من مزيد من التداعيات السلبية المحتملة حال استخدام القوة العسكرية من هذه الدول، وعلى رأس هذه التداعيات أن العلاقة المتدهورة بين الغرب ومنفذي الإطاحة برئيس النيجر، ستؤدي إلى جعل الوجود العسكري الأمريكي الحالي في البلاد غير مقبول.

وبحسب ما رصده مشروع التهديدات الحرجة التابع لمعهد "أمريكان إنتربرايز"، ضاعف منفو الإطاحة ببازوم قوته من خلال إبرام صفقة مع المجالس العسكرية المجاورة للدفاع المشترك ضد تدخل دول "إيكواس" واعتقال المسؤولين المدنيين، وتعيين ضباط عسكريين في مناصب حكومية قيادية وتقليل التعاون مع الشركاء الغربيين.

ومع رفض منفذي الإطاحة ببازوم التنازل عن السلطة، من المرجح أن تدفع عزلتهم الدولية إلى البحث عن قوات مساعدة، بخاصة بعدما علق الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بالفعل التعاون العسكري مع النيجر، مما سيجعل جيش النيجر في حاجة إلى تعويض خسارة القوات الغربية والإمدادات والتمويل.

وتتمثل الخيارات الأكثر احتمالًا لمنفذي الإطاحة ببازوم في تعزيز الميليشيات المدنية مثلما فعلت بوركينا فاسو، أو التعاقد مع مجموعة "فاجنر" الممولة من الكرملين مثلما فعلت مالي.

دعم فرنسي للتلويح بالتدخل العسكري

فرنسا من جهتها، أعربت عن دعمها الكامل لكل القرارات التي تبنتها قمة "إيكواس" بشأن النيجر، ومنها نشر القوة الاحتياطية للمنظمة لاستعادة النظام الدستوري.

وجددت باريس "إدانتها الشديدة لما يحدث في النيجر، وكذلك احتجاز الرئيس محمد بازوم وعائلته"، حسبما قالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان.

لكن فرنسا لم توضح ما إذا كان من الممكن أن تدعم المجموعة عسكريًا في حال قررت التدخل بالنيجر.

وتضغط باريس على منفذي الإطاحة ببازوم، حليف فرنسا الأول في القارة السمراء، للتراجع. وهذا الضغط نابع من خوف فرنسا على مصالحها في النيجر، إذ أن إدارة 70% من قطاع الطاقة في الداخل الفرنسي تعتمد على اليورانيوم الذي تنتجه النيجر.

كما أن هناك قواعد عسكرية فرنسية في الأراضي النيجرية، إذ تملك باريس نحو 1500 جندي فرنسي في النيجر، إلى جانب أنها تعَد قاعدة مركزية لقوات حلف "الناتو" في منطقة الساحل. وتبدو فرنسا غير مستعدة لخسارة نفوذها في النيجر، بعد أن لفظتها السلطات الحاكمة في مالي وبوركينا فاسو.