جاء تبادل الاتهامات بشأن التجسس، ليعقد علاقات واشنطن وبكين التي شهدت العديد من التوترات، ولا سيما منذ حادثة "المنطاد الصيني"، وصولًا إلى التقارب الخطير بين الولايات المتحدة الأمريكية وتايوان مؤخرًا، والذي يؤكد أن "التجسس" سيكون أحدث فصول النزاع بين أكبر اقتصادين.
وكان آخر فصول هذا النزاع، إلقاء القبض على صيني يعمل لصالح الاستخبارات الأمريكية، بعد أيام من إلقاء الولايات المتحدة القبض على جنديين يعملان في البحرية الأمريكية، بتهمة التجسس لصالح الصين.
وبتهمة التجسس لصالح وكالة الاستخبارات الأمريكية، ألقت السلطات الصينية القبض على مواطن، يشار إلى أنه تم تجنيده في إيطاليا، بحسب وزارة أمن الدولة الصينية.
أنشطة تجسس
وفي بيان لها، ذكرت الوزارة: "بعد تحقيق دقيق، حصلت وكالة الأمن القومي على أدلة بشأن قيام مواطن بأنشطة تجسس، واتخذت إجراءات ضده وفق القانون".
كما أضافت أن المشتبه به تم تجنيده أثناء وجوده في روما بهدف الدراسة، إذ يعمل في مؤسسة صناعية عسكرية، وأثناء وجوده هناك، تعرف عليه مسؤول أمريكي من خلال فعاليات، مثل حفلات عشاء ونزهات، إلى أن اكتسب القيم الغربية.
وبحسب الوزارة، كشف المسؤول الأمريكي الذي يعمل في وكالة الاستخبارات المركزية عن هويته للمواطن الصيني بعدما تعمقت العلاقة، ووعده بدفع مبلغ ضخم، إلى جانب هجرته وأسرته إلى واشنطن، في مقابل معلومات حساسة عن الجيش الصيني".
وبموجب البيان، وافق المشتبه به على العرض، وخضع للتدريب على التجسس، ثم عاد إلى الصين بعد انتهاء دراسته في الخارج.
وفي الصين، استمر العميل في عقد لقاءات سرية مع عملاء وكالة الاستخبارات، وقدم معلومات حساسة حول الصين وتلقى أموالًا نظير تجسسه.
بيانات حساسة
وجاء ذلك، بعد أيام من اتهام وزارة العدل الأمريكية لجنديين تابعين للبحرية الأمريكية، بنقل نماذج تضر بالأمن القومي إلى الصين، تحتوي على بيانات حساسة حول تنظيم الجيش الأمريكي، قد تضر بأمن الولايات المتحدة الأمريكية.
وتم رصد نحو 160 حالة علنًا من التجسس الصيني الموجه إلى الولايات المتحدة منذ عام 2000، بحسب مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الذي يتخذ من واشنطن مقرا له.
وبحسب المصدر، فإن 42% من هؤلاء الجواسيس موظفون عسكريون أو حكوميون صينيون، بينما 32% كانوا مواطنين صينيين، و26% بالمئة كانوا غير صينيين.
تجسس صيني موجه
ففي يونيو 2023، رصد ما قيل إنه "منطاد تجسس" صيني في أجواء الولايات المتحدة، رفضته وزارة الخارجية الصينية، مؤكدة أنه "مدني" ويستخدم للبحوث، لا سيما أغراض الأرصاد الجوية، بحسب شبكة "بي بي سي" الأمريكية.
أكتوبر 2022، تم الكشف عن عملية تجسس كبرى حاولت الحكومة الصينية تنفيذها عبر 13 شخصًا، بحسب وزارة العدل الأمريكية، بينهم 10 يعملون مباشرة لمصلحة المخابرات الصينية، تتضمن تهريب أشخاص ومعدات من مؤسسات أمريكية.
وفي يوليو 2021، اتهمت واشنطن وحلف شمال الأطلسي وحلفاؤها، بكين، بالتسلل لشن حلة تجسس عالمية، تشمل هجمات برمجيات الفدية والابتزاز الإلكتروني وسرقة العملات المشفرة.
أما في 2020، ألقي القبض على ألكسندر ما، وهو عميل سابق لـ"سي أي إيه"، بشبهة التجسس لصالح بكين حيث قدم للاستخبارات الصينية معلومات سرية وكشف عملاء واشنطن.
وفي مايو 2014، وجهت وزارة العدل الأمريكية لائحة اتهام ضد 5 من ضباط جيش التحرير الشعبي لسرقة معلومات تجارية سرية وملكية فكرية من الشركات التجارية الأمريكية وزرع برامج ضارة على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم.
وتتصارع أجهزة الاستخبارات في البلدين لكشف أسرار بعضهما البعض، والحول على معلومات سرية سعيًا لامتيازات عسكرية واقتصادية وتكنولوجية، وباعتبار أن النشاط الصيني المتتوسع يهدد النفوذ الأمريكي، تضع واشنطن أذنها على الصين من خلال العديد من الحيل التي تنضب.
في أكتوبر 2021، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" نقلاً عن وثيقة تم تسريبها من وكالة المخابرات المركزية، أن وكالة المخابرات المركزية قد اعترفت بفقدان عدد من عملائها الذين تم تجنيدهم من دول بما في ذلك الصين في السنوات الأخيرة، مع قتل المخبرين أو أسرهم أو اختراقهم.
وجاءت البرقية المسربة في إطار الجهود الصينية لمطاردة جواسيس وكالة المخابرات المركزية لتحويلها إلى عملاء مزدوجين.
وخلال الفترة ما بين 2010 إلى 2012، تمكنت الحكومة الصينية من قتل أو سجن 18 إلى 20مصدرًا من وكالة المخابرات المركزية، بحسب تحقيق أجرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.